هل سيتم تسليم الأسد إلى دمشق؟
ماهر ابو طير
21-12-2025 12:18 AM
تتسرب التفاصيل حول اتصالات للضغط على موسكو لتسليم الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى السلطات السورية.
في الإشارات التي تتدفق من دمشق أن الرئيس السابق متهم بقضايا عديدة لها علاقة بأحداث الربيع العربي، والقتل والفوضى، إضافة إلى عمليات التعذيب ونهب الموارد والفساد المالي داخل سورية مما أدى إلى تكوين ثروات مالية بالمليارات من جانب الأسد وعائلته.
في كل الأحوال لا أحد يعرف مصير الأسد تماما، إذ على الرغم من أن موقع "الغارديان" البريطاني نشر تقريراً مؤخراً تناول حياة الأسد الحالية في روسيا، وأشار إلى أنه يتعلم اللغة الروسية ويتابع دراسته في طب العيون، بينما يعيش هو وعائلته في حي راقٍ في موسكو، وفق مصادر مقرّبة من عائلته، إلا أن واقع الحال يبقى سرا، ولا أحد على وجه الخصوص قادر على الوصول إلى طبيعة الوضع الذي يعيشه الرئيس السابق، خصوصا، أنه تم نشر معلومات سابقا أنه يعيش في شقتين في أبراج كبيرة، ثم تغيرت الرواية إلى كونه يعيش في بيت فخم بعيد عن مركز مدينة موسكو التجاري.
لن يسلّم الروس الرئيس السوري إلى دمشق الجديدة في الوقت الحالي، لاعتبارات كثيرة، لكن من المؤكد أن موسكو لديها الاستعداد لتسليمه مقابل صفقة محددة تقايض فيها بشأن مصالح كثيرة، وأعتقد أن الحصانة المقدمة له من الروس ليست نهائية، بل مشروطة بجملة ظروف أبرزها طبيعة العلاقة بين موسكو ودمشق في الوقت الحالي، وطبيعة الصراع الروسي مع الأميركيين، وعدة ملفات تتعلق بالوجود العسكري الروسي في سورية، وأي قضايا عالقة بين البلدين خصوصا على الصعيد المالي، من فترة حكم الأسد، وهذا يعني أن حمايته الحالية مؤقتة ووظيفية وقد تتعرض إلى نقض في أي وقت.
لكن السؤال الأهم هنا يرتبط بالنظام السوري الحالي وماهية مصلحته في استلام الأسد ومحاكمته وفتح معركة سياسية داخلية ترتبط بمكونات سورية على صلة بالأسد، أو ترتبط بطبقة كاملة من الحكم السياسي والأمني السابق، وهي محاكمة ستؤدي إلى تداعيات كبيرة داخل سورية، وسوف تختطف البلاد إلى جبهة ثانية في ظل أزمة اقتصادية، وتطاحن بين بعض المكونات، ومحاولات انفصال واستهداف إسرائيلي وأميركي لمناطق في سورية، وسباق دولي على موارد سورية من أجل الفوز بها، وخصخصتها والسيطرة عليها.
هذا يعني من ناحية ثانية أنه ليس من مصلحة دمشق الجديدة فتح هذه الجبهة، ليس بسبب كلفتها فقط، بل لوجود أولويات ثانية في سورية.
الذي سينسف الكلام السابق محاولة عائلة الأسد العبث في سورية، أو تحريك مكونات أو محاولة العودة إلى الحكم، أو توزيع الأموال والسلاح داخل سورية لدفع بعض المكونات على الفوضى وتثوير هذه المكونات، أو محاولة عائلة الأسد التحرك سياسيا أو إعلاميا من موسكو، وعندها سوف تختلف كل القصة، وهذا يعني أن التغافل عن المطالبة به حاليا، تغافل سينتهي بشكل علني عند أي مؤشرات تثبت أن موسكو سمحت له ولعائلته بالتحرك سياسيا ضد دمشق الجديدة.
قبل يومين صرح السفير الروسي في بغداد، ألبروس كوتراشيف، أمام وسائل إعلام عربية، أن روسيا منحت الأسد ملاذاً إنسانياً ولن تقوم بتسليمه إلى أي جهة للمحاكمة، مشدداً على موقف بلاده الرافض للإجراءات التي تستهدفه وهذا التصريح ليس غريبا.
في كل الأحوال بقاء الأسد في موسكو مكلف لكل الأطراف، وتسليمه سيكون مكلفا أيضا، فيما حالة المساكنة مؤهلة للاستمرار وفقا للوضع الحالي إذا لم تحاول موسكو توظيف ورقة الأسد في حساباتها، فتحركه ضد دمشق الجديدة، أو تقايض عليه لأي سبب.
يبقى السؤال: ما هي طبيعة حياة الأسد حاليا، وهل هو آمن حقا، وهل يضمن ألا يتخلى عنه الروس بطرق مختلفة للخلاص من كلفته؟.
الغد