facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاستثمار في التأزيم


د.رحيل الغرايبة
30-09-2016 12:33 AM

من الواضح تماماً أن هناك أطرافا سياسية تقليدية تشكلت وفقاً لعقلية الاستقطاب، التي كانت تشكل سمة بارزة وواضحة لمنهجية العمل السياسي في المرحلة السابقة؛ سواء على صعيد الأنظمة السياسية الرسمية و الدول القائمة، أو على صعيد الأحزاب والقوى والجماعات السياسية الشعبية والفكرية المختلفة من كل الاتجاهات، حيث كان من ثمار منهج الاستقطاب اللجوء إلى أدوات التأزيم ووسائل التعصب، وإثارة كوامن الخلاف بين الاتجاهات السياسية، والبحث عن التميز السياسي من خلال تشويه الخصوم وتعريتهم وإظهار مساوئهم، وكشف أخطائهم وتكبيرها، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في معركة الانتخابات البرلمانية التي سبقت لدينا على سبيل المثال في بعض الدوائر السياسية التي اتضحت فيها الهوية السياسية لبعض القوائم التي تملك أنماط سياسية واضحة، حيث جرى اللعب بوضوح على حبل الإثارة والتأزيم؛ الذي أدى إلى إثارة الحماسة وإشعال بذور التعصب لدى الأتباع، وأثمر في نهاية الأمر إلى تقاسم الفوز.
الفوز الذي يتحقق بزيادة الشرخ بين القوى السياسية والمكونات الاجتماعية في أوساط الشعب الأردني هو في حقيقته فوز بطعم الهزيمة وبمذاق الخسارة الفادحة، حيث يؤدي ذلك إلى إثارة سؤال كبير بحجم الوطن؛ يحتاج إلى إجابة صريحة وجريئة؛ ما فائدة الفوز وتحصيل المقعد النيابي إذا كان من خلال العبث في النسيج المجتمعي، وفي إذكاء الخلاف بين المكونات السياسية وإعادة شرارة الحرب الخفية على شكل الدولة وهويتها ومستقبلها ومستقبل أبنائها؟!
ينبغي أن نعلم يقيناً أن العمل على إعادة تقسيم المجتمع، وتبني منهج المفاصلة السياسية بين القوى السياسية التقليدية هو محاولة جادة للرجوع القهقرى والعودة إلى الماضي، وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا من شأنه عرقلة الجهود المبذولة من القوى الصاعدة على أولوية بناء المجتمع الموحد، وبناء الدولة الموّحدة وتوحيد الشعب الأردني على مشروعه الوطني الكبير الذي يجب أن يتسع لكل الأردنيين بجميع أفكارهم وأديانهم ومذاهبهم السياسية واتجاهاتهم المختلفة والمتباينة، حيث ينبغي الاستفادة الجادة من دروس الأقطار العربية المجاورة التي وصل التأزيم فيها إلى مرحلة الاقتتال الداخلي واستباحة الدم، والذهاب بشعوب المنطقة نحو الهاوية عبر معركة الفناء العدمية.
نحن بحاجة ماسة إلى مغادرة أدبيات التأزيم وثقافة الاستقطاب، وبحاجة أشد ضرورة إلى مغادرة منهجية الأحزاب والقوى السياسية التقليدية التي تستمد وجودها من خلال تشويه الآخر واغتيال المخالف، والبقاء في مربع التضليل والتدليس، واستغلال العامة في معركة التعبئة والتجييش الداخلي المقيت، ولا بد من الجرأة السياسية في مواجهة الأصوات العالية المضللة التي لا تقدم للوطن والشعب سوى خطاب الفرقة والتشرذم والتعصب وخطاب الكراهية، وكل ما يظهر على السطح يؤيد ذلك بالواقع والبرهان العملي.
ليس أمام الشباب والأجيال الجديدة إلّا الانعتاق من إسار التقليد الضار، والتبعية العمياء لقوى الأفول، ولا بد لها مقابل ذلك من إرساء ثقافة الجمع والتوافق الشعبي على المشروع الوطني الديمقراطي الكبير، المرتكز على منظومة القيم الحضارية المستمدة من ثقافة الأمة الجمعية، وتاريخها الحضاري الطويل الممزوج بالتمدن والمعاصرة، والبحث عن كل ماهو جديد ونافع ومثمر.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :