facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين تكون الأردنيةُ هي الوطنُ


د. محمد القضاة
26-11-2016 09:47 AM

تقرأ وتتعجب، تسمع وانت غير مصدق، تمشي في الجامعة فتقفز امامك ايامك الاولى فيها، حين كانت الاردنية تقول صمتي وتنبض عروقي، البيت الدافئ، موطن الروح ومركز العقل، وموئل الحب والحياة، تُفشي الذي أبدي عني، لأنها أول المشوار، رضعت فيها البيان والصرف والإعراب، وكنت أجوع لحرف وأقتات الكلمات، عرفت فيها أبواب الحياة، علمتني كيف أنقش حروف الحياة وكيف يتعلّم الرجال، وأمدتني بعلمها وفكرها ونورها وحضارتها، ولم تبخل عليّ بشيء.

إنها جامعة الوطن الأولى ومصنع الرجال ومركز الوعي الحضاري وعقل الأمة وضميرها وسندها وساعدها، وحين تعود بنا الذكريات إلى أيامها الأولى التي أجدها منبع الحب والوجد والعشق والذكريات والشباب، تتعالى في داخلك الذكريات والاسئلة وتتواتر وكأنها تقول: ماذا يجري، ولماذا كلّ هذا العنف؟ مَنَ المستفيد مِن العنف الجامعي ولمصلحة من الاساءة لسمعة الجامعة الاردنية حين تكون هي الوطن؟ لماذا كل هذا التحشيد والحقد على الجامعة وكل من فيها؟ لماذا تتفاقم هذه الظاهرة بهذا الاتساع وتنتشر اخبارها مثل النار في الهشيم، وحين تقرأ الأسباب تضع يدك على قلبك من تفاهة الاسباب وتهافتها، وتقول في نفسك لماذا هذا العنف غير المبرر؟ ولماذا كل هذه المقالات والكتابات والتعليقات في المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والمقاطع المرئية؟

وحين تتأمل الصورة من الداخل وانت تعيش الحدث بنفسك تدرك حجم الحقد الذي يقارفه بعض المغرضين من كُتّاب الظلام الذين لا هدف لهم غير الهدم والنقد على كل المستويات وفي كل المناسبات، وكأنهم في اسواق المزايدات، لا هم لهم غير توجيه الاتهام، والهدف البعيد خدمة طرف على حساب ام الجامعات!

ومن يتابع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الجامعة الاردنية يجدها لا تتجاوز رغبة محبي الفوضى الذين يسعدون بأوجاع الناس ولا يحبون لإحدٍ النجاح أو التغيير، هؤلاء جُبِلوا على الانانية والحقد والتلذذ بأوجاع الشباب، والجامعة ليست ساحة حرب لتصفية حسابات اي طرف لطرف أخر، وها هي ثقافة العنف تنتشر في البيت والمدرسة والشارع والجامعة وفي كلّ مكان، بين الأفراد، وبين الفرد والمجتمع، أليست الأسرة هي الحلقة الاجتماعيّة الأولى التي تردع العنف؟ ولماذا يغيب الحوار فيها؟ ألا يساعد ذلك على انتقال السلوك والعادات من جيل إلى آخرَ انتقالاً آليًّا من غير أدنى إحساس بالمسؤوليّة؟

وهنا تنتشر ظواهر الكذب، والكذب المضادّ، والنفاق، والادّعاء، والنرجسيّة، وحبّ الذات، والخداع، والظلم، والعلاقات المزيّفة بين الناس، والعنف ضدّ المرأة، كلّ ذلك يفضي إلى أجواء مشحونة تؤدّي إلى عنف في التربية، عنف تتسلسل ثقافته إلى كلّ مرافق حياتنا الاجتماعيّة، يأتي على كلّ شيء، تنهار معه ثقافةُ الحوار والاختلاف والقبول بالآخر، ويغدو المجتمع مفتوحًا على الاحتمالات كلّها، وحينها يعيش السَّجَّانُ والسجين في رعب وخوفٍ كبير، ويصبح السِّلْم الاجتماعيّ استثناءً وشذوذًا، وها هي تلك الثقافة تدبّ في جامعاتنا وتستشري بين طلابنا، تتمرّد على الواقع وتتخطّى حدود الأعراف الأكاديميّة وتعتدي على القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، وتلحق الأذى الماديّ والمعنويّ بالطلبة والمؤسسات الجامعيّة والوطن برمّته، وها هي ثقافة العنف تنتشر على حساب ثقافة الحوار، وللأسف يأتي هؤلاء الشباب للجامعة وقد ترسخت فيهم هذه التربية، ويأتون الجامعة جاهزون في سنٍ لا تستطيع الجامعة ان تغير من تفكيرهم العنيف الا القليل!
وحتى لا يبقى كلامنا بعيدا عن الواقع الذي نعاينه في كتابات بعض الزملاء اقول للبعض المتخوف من عودة العنف الى الجامعة: متى اختفى العنف من جامعاتنا؟ أم أن هذا الكلام يراد به الباطل؛ وكأن الجامعة في عهود بعض رؤسائها السابقين كانت خالية من هذه الظاهرة، لا يا عزيزي فنحن لا نعيش خارج هذا الواقع، وما حصل في الجامعة / المدينة الجامعية التي يعيش في حرمها ثلاثة واربعون الف طالب وخمسة الاف استاذ وموظف أمر اعتيادي في مكان مزدحم أن يتعرض للعنف، وللاسف يضخم الاعلام حجم المشكلة ويصورها كأنها معركة كبرى، مع أن المدة الزمنية التي دخل فيها الطلبة لم تتجاوز ربع الساعة، استعرضوا فيه عصيهم وأصواتهم وحناجرهم واستطاع الامن الجامعي اخراجهم في وقت قياسي، وتصرفت الجامعة مباشرة بتعليق الدراسة واستجاب الجسم الطالبي لذلك وبسرعة غير مسبوقة وانتهى المشهد، وهو مشهد مؤلم بكل المقاييس، ولا يقبله اي طرف كان، والجامعة لن تتهاون مع مثيري الشغب، ولم تتهاون اطلاقا مع كل الحالات السابقة وعلى مدار السنوات جميعها، هذا الحزم الجامعي قامت به الجامعة عام 1978 حينما فصلت(42) طالبا وطالبة، وفي عام 1997 فصلت عددا كبيرا من الطلبة على اثر مشاجرة من النوع نفسه، وفي عام 2006 تم فصل أكثر من (30) طالبا على الخلفية نفسها، وفي الاعوام الفائته ايضا، ولم يتحمل أي رئيس جامعة سوء تربية هؤلاء ولذلك اقول لمن يتحاملون على ادارة الجامعة ضعوا انفسكم مكانهم فماذا تفعلون ؟ اذا كان التخطيط والتحشيد يتم خارج أسوار الجامعة، ولذلك لتتواضع تلك الاقلام وتقرأ الواقع بعمق؛ لأنه لا توجد إدارة تقصر بواجباتها مهما كان حجم المشكلة، وسيرى هؤلاء كيف تتصرف الجامعة بحزم لفصل كل من يثبت تورطه بهذه المشكلة.


لا يتوقف الامر عند هذا الحد ؛ وإنما لا بد من حلّ مشكلة العنف من جذورها في البيت والمدرسة قبل الجامعة، ولذلك أقول للآباء الذين يجوعون في كلّ لحظة في سبيل تأمين قوت أولادهم، ويحترقون ليلَ نهار كي يعلّموهم: أين أنتم من أولادكم؟ لماذا تغيبون عنهم ولا تسألونهم عن سلوكاتهم ورفاقهم وأوقات فراغهم وتحصيلهم في جامعاتهم؟ لماذا تتغاضون عنهم حين يمارسون العنف أمام عيونكم وتربُتون على أكتافهم؟ لماذا هذا الاستهتار الأبويّ تجاههم؟ لماذا كلّ هذا الدّلال الذي أفسدهم حتى غدوا لا يعرفون نتائج طيشهم وأفعالهم؟ لماذا غابت رسالة الآباء وأصبحت نسيًا منسيًّا؟ أين أنتم من فسادهم وغيابهم الطويل عنكم؟ هل تعرفون كيف ومتى يحضرون إلى مدارسهم وجامعاتهم؟

أما الطلبة، فمنهم من يستحقّ أجمل الأوسمة، ومنهم من يعرف هدفه ويحترم نفسه وجامعته وثقة أهله، ومنهم الجادّ والمجتهد والذكي الذي يتحمّل المسؤوليّة، غير أنّ بينهم من لا يرى أبعد من أنفه، وهؤلاء القلّة يسرقون استقرار الجامعات، هؤلاء من يحتاجون إلى حزم وعزم لا يلين من البيت والمدرسة والجامعة والمجتمع والوطن، يحتاجون إلى قرارات صارمة ترفض التحاقهم بأيّ جامعة مهما كانت الأسباب والظروف؛ كي تحافظ جامعاتنا على سمعتها ورسالتها العلمية.


والمسؤولية مشتركة بين الآباء والاساتذة، إذ لا يعقل ان يتقاعس الاستاذ الجامعي عن دوره ومهمته في الدفاع عن سمعة جامعته، عن وجوده ودوره ومنهجه العلمي السديد، مطلوب منه أن يفتح له قلبه وصدره ويحاوره بأريحيّة وحريةّ وان يتحمّل رأيه حتى لو كان قاسيًا، لان الطالب يحتاج إلى ثقافة حواريّة، وفكر يغرز في نفسه ثقافة الحبّ، ويشعره أنه من نسيج هذا الوطن وأرضه، يحتاج إلى أساتذة لا يقفون عند رسالتهم العلميّة حَسْبُ؛ وإنما يشاركونه في إعادة رسم الطريق الصحيح أمامه، وهنا أدعو الأساتذة أن يبادروا إلى تخصيص جزاء من محاضراتهم يحاورون فيه طلبتهم حول ثقافة العنف وواجباتهم وحقوقهم.


وبعد اقول للاحبة من طلبة الجامعة: لا تدعوا الخلافات تتسلل إليكم، ولا تمكنوها من الإساءة لجامعتكم ووطنكم. ولتحافظوا على سمعة جامعتكم الأكاديمية المرموقة على مستوى الوطن والعالم، ولتحاربوا العنف بالحب والتسامح والجد والمثابرة.

‏mohamadq2002@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :