عمون - عاد الليبرالي السعودي جمال خاشقجي من عمّان الى المملكة العربية السعودية الى موقعه رئيسا لتحرير يومية " الوطن " التي اقصي عنها العام قبل الماضي بسبب آرائة التي اغضبت السلفيين و"المطاوعة" ونشر صحيفته سلسلة اخبار وتحقيقات جريئة لم ترق للسلطة الدينية في المملكة مما حداهم بتسمية صحيفته ب"الوثن" بدل "الوطن" ... ونقل على اثرها مستشارا للامير خالد الفيصل قبل ان يقابل الملك عبد الله ويعود الى موقعة الاصلي . وكان الخاشقجي امضى ثلاثة ايام في البحر الميت للمشاركة في مؤتمر ضم نخبة من المفكرين العرب والاجانب وقد اكد وقتها ل"عمون" عودته للموقع وانه ينتظر القرار وانه نال رضى خادم الحرمين حينما قابله اخيرا .واكدت صحيفة الوطن السعودية الاحد خبر تعيين الصحافي السعودي جمال خاشقجي رئيسا لتحرير الصحيفة بقرار من الامير بندر بن خالد الفيصل رئيس مجلس ادارة الصحيفة.

وكانت انباء سابقة قد ذكرت انه صدرت توجيهات رسمية سعودية باقالة رئيس التحرير عثمان الصيني وهو ما اكدته صحيفة الاخدود الالكترونية السعودية التي تصدر من نجران.

وقالت الوطن على صفحتها الاولى انه سبق للخاشقجي ان عمل رئيسا لتحرير الصحيفة عام 2003، ثم انتقل للعمل مع الأمير تركي الفيصل كمستشار إعلامي أثناء عمل الامير تركي سفيرا للسعودية في المملكة المتحدة وأيرلندا ولاحقا في الولايات المتحدة وخلال تلك الفترة انتظم خاشقجي ككاتب أسبوعي في الصحيفة.
وتقول مصادر مطلعة ان صحيفة الوطن عانت من المشاكل منذ صدورها عام 2000 اذ تعاقب على رئاسة تحريرها خمسة رؤساء تحرير هم قينان الغامدي وسعد مارق ( بالوكالة بعد اقالة الغامدي) وجمال خاشقجي (في المرة الاولى) وطارق ابراهيم وعثمان الصيني ثم الان عودة الخاشقجي ما يعني تعيين ستة رؤساء تحرير في ست سنوات اي بمعدل رئيس تحرير كل سنة.

وتضيف المصادر ان جميع رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على صحيفة الوطن كانت تتم اقالتهم ولو بشكل غير رسمي اذ لم يحدث ان قدم احدهم استقالته بمحض ارادته، وكانت كل اقالة تتم لاسباب تتعلق باخبار اومواضيع تنشر في الصحيفة او بالخط التحريري فيها.

وكان اول رئيس تحرير هو الغامدي الذي اقيل بسبب مواضيع ومقالات نشرت اثناء احد مواسم الحج تضمنت انتقادات لبعض جوانب الاهمال في الترتيبات التي تقوم بها السلطات ، كما ان الغامدي تعرض لحملات من بعض الجماعات الاسلامية السلفية التي اتهمته بانه يسخر الصحيفة للهجوم على هذه الجماعات.
وبعدها تم تعيين الدكتور سعد مارق رئيسا للتحرير بالوكالة وبشكل مؤقت، وبقي لمدة قصيرة وفي هذه الفترة كانت الوطن تشهد صراعات داخلية وتعرض مارق لانتقادات من منافسيه داخل الصحيفة ادت الى عودته نائبا لرئيس التحرير بعد تعيين خاشقجي رئيسا للتحرير.

اما خاشقجي فقد اقيل بعد تفجيرات الرياض والجدل الذي دار على صفحات الصحف وبينها الوطن حول الفكر التكفيري اذ شن خاشقجي حملة على هذا الفكر ما اعتبره البعض ومن بينهم هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعض رموز الفكر السلفي بانه هجوم مقصود.

واشارت المصادر الى ان خاشقجي كان ضحية تسوية بين هذه الجماعات والملك عبدالله الذي كان وليا للعهد في حينها ولكنه يدير شؤون المملكة ، اذ طالبت هذه الجماعات الامير عبدالله حينها باقالة خاشقجي مقابل ادانتها للتفجيرات وهو ما حصل.

ومضت المصادر تقول ان الوطن في هذه الفترة تعرضت لهجمات عنيفة من الجماعات المتطرفة التي هددت باستهداف بعض كوادر الصحيفة ووضعت صورهم على الانترنت داعية الى هدر دمائهم مما ادى الى ترك عدد من هؤلاء الكوادر الصحيفة لا سيما بعدما وجدوا انهم بلا غطاء او حماية.

وبعد خاشقجي تم تعيين مدير مكتب الصحيفة في الرياض طارق ابراهيم رئيسا للتحرير بالوكالة ثم تم تثبيته لاحقا كرئيس تحرير اصيل الى ان تمت اقالته بسبب خلافات وبعض المقالات التي نشرت علما ان ابراهيم كان يعتبر مقربا من بعض الجماعات الدينية، ثم تم تعيين عثمان الصيني رئيسا للتحرير بالتكليف إلى أن اقيل مؤخرا وتمت اعادة خاشقجي رئيسا للتحرير.

وتقول المصادر ان الوطن اتبعت خطا جريئا منذ انطلاقتها وتجاوزت بعض الخطوط الحمراء التي لم تكن اي صحيفة سعودية تجروء على تخطيها ومن بين ذلك نشرها موضوعا عن قيادة المراة للسيارة وهو كان يعتبر من المحرمات في المملكة مما ادى الى استدعاء المسؤولين عن الصحيفة وتانيبهم وتحذيرهم من التطرق الى هذه المواضيع.

كما ان الوطن هي التي اثارت موضوع الحريق الذي شب في احدى مدارس البنات وكشفت ان اعضاء هيئة الامر منعوا الشبان والرجال من الدخول الى المدرسة اثناء الحريق لانقاذ الطالبات مما ادى الى وفاة اكثر من 12 تلميذة وهو ما اثار ضجة كبيرة في السعودية.

وتابعت المصادر ان رجال الهيئة وبعض الجماعات السلفية اخذت تشدد حملتها على صحيفة الوطن واطلقت عليها اسم صحيفة "الوثن" وشن بعض ائمة المساجد هجمات على الوطن اثناء خطب الجمعة داعين الى عدم شرائها كما تم ايقاف بعض كتابها عن الكتابة.

ولاحظت المصادر ان رئيس مجلس الادارة في ذلك الوقت الدكتور فهد العرابي الحارثي لعب دورا في بعض التغييرات التي شهدتها الصحيفة الا انه استقال في وقت لاحق بعد تزايد الانتقادات التي وجهت له في ما يتعلق باسلوب ادارة الصحيفة.

وتتابع المصادر ان الامير بندر بن خالد الفيصل تراس بنفسه مجلس الادارة علماً أن والده الأمير خالد الفيصل هو الذي اسس الوطن واصدرها من منطقة ابها اذ انه امير منطقة عسير التي تضم ابها، الا انه لم يكن يتدخل بفاعلية عندما كانت تصدر توجيهات عليا باقالة رؤساء التحرير وهو ما اعتبره بعض الذين اقيلوا بانه ضعف من خالد الفيصل الذي لم يتمكن من تشكيل غطاء لرؤساء التحرير الذين كانوا يعملون بتوجيهات منه اساسا اذ انه هو الذي رسم سياسة الصحيفة منذ بدء صدورها ، وهو الامر الذي ادى ايضا الى ان يغادر بعض الصحافيين اللبنانيين الصحيفة خصوصا بعد التهديدات بالقتل التي اصدرتها بعض الجهات المتطرفة.

وكانت الصحيفة قد شهدت انتشارا واسعا منذ انطلاقتها بسبب جراتها في طرح المواضيع وهو ما ادى الى اشتراك بعض الصحف الاخرى في الحملة على الوطن وارسال الشكاوى عليها الى كبار الامراء ومن بينهم الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية الذي كان وراء اقالة بعض رؤساء تحرير الوطن.

وقد ادت الحملات وكذلك مغادرة بعض الكوادر الصحيفة والمشكلات الداخلية فيها الى انحدار في مستواها وتقلص في توزيعها.


وقد اجرت محطة "الحرة " الاميركية امس مقابلات وخصصت حلقة كاملة لهذا الخبر .