facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إسفنجة وجع


رمزي الغزوي
17-05-2017 01:05 AM

للناس في مواجهة الأوجاع طرائق ومذاهب!. أي أن لكل واحد منا طريقته الأثيرة والفريدة في مواجهة الوجع وظروف الحياة ومنغصاتها، وقد تصير له بصمة خاصة تختلف عن غيره من العالمين. كخريطة الأصابع أو قزحية العين.
منهم يعمدون إلى الصمت وكظم الغيظ والاحتراق الداخلي، الذي لا ينفث دخان التخفيف، عندما تلفحهم مصيبة من المصائب، وهؤلاء بكل تأكيد مرشحون حقيقيون لتلقي ضربات الجلطات والسكتات القلبية، والبعض يعتمدون على نظرية (إن كثرت همومك غنِّ لها)، فيما آخرون ما زال الرقص متنفسهم الوحيد والفريد، فلا شيء كالرقص يبرد الألم، ويخفف من وطأته، ويحتال عليه.
كنا حُفاةً ندحرجُ دولاباً معدنياً، في أرضِ الوعر، وكان يخشانا الشوك، وطريةً كانت تغدو الأرضُ تحت دبيبنا السريع، وإذا ما ابتلانا حجرٌ بازغ؛ فأدمى أرجلنا المحجَّلةِ بالتراب والتعب؛ كان يأخذنا الرقص، نترك الدولاب الدائر وشأنه ونرقص ونتعصر ثم نرقص ونرقص؛ لنتغلب على ألمنا ووجعنا، وكأننا ننظم أغنيةً بالحركات، تُنسينا جرحاً فاغراً ودما فواراً، ثم نقوم نلحق دولاباً ما زال يدور ويدور.
والمعلم إذ كان يتعبه عدُّ العِصي التي تئزُّ على صفحات أيادينا الصغيرة، فنعتصرُها بسرعة تحت آباطنا، وكأننا نمتص نسغ الألم منها، ثم نرقص ونرقص، ونشرعُها ثانيةً لغضب المعلم، الذي يريدنا أن نبكي، لكنَّ الرقص ينجينا ويبرد أوجاعنا، ويأخذ بثأرنا حتى ينهار (المعلم) على عتبة عنادنا الراقص!.
والديك السمين الذي أنهكنا في القبض عليه، بين قبيلة الدجاجات المذعورات، كي تعدَّ الخالة لنا وليمةً مُشتاة، كان يذبحه لها الجارالقاسي، بعد أن يسنَّ سكينه. الديك يتطاير دماً ودماً، فيأخذهُ الرقص أيضاً: يرقص ويرقص، ويطير غير بعيدٍ نحو(الخمِّ)؛ يطفئ ذعر الزوجات المُرمَّلات، يتمرغ بالتراب بلذة، وكأنه بالرقص يختم حياةً عامرة بالزهو، وينتصر على دمه المسفوح.
والسحالي الصغيرة التي كنا نصطادها، بعد أن نراقِصُها بين جحور الأرض، حتى ترتمي بين أصابعنا، هذه السحالي كنا ننصب لها مقصلة على عجل من أحجار الصوان المُسيّفة، ثم نتنادى بالمجرمين الذين نكرههم وندينهم مجرماً مجرماً، والسحالي هي التي تنوب عنهم، ثم نلقمهم لفم الموت قصعاً بالمقصلة: الرأس يطير بعيداً، ويبقى الذيلُ المسكين راقصاً، يرقص ثم يرقص، وكأنه يسحب ألماً عظيماً بتنا نعيشه حتى الرأس. فهل نرقص لنمتصّ بعض وجعنا؟! أم نحتاج إسفنجة وجع أخرى؟.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :