يعاني الاردن من نقص في الموارد المالية مما يجعل الاعتماد على القروض والمساعدات امرا حيويا في الموازنة ، وعلى الرغم من تعرض الاقتصاد الاردني الى اختبارات صعبة الا انه بقي محافظا على حد معين من الاستقرار والثبات في وجه التغيرات التي تجري . غير انني اسال سؤالا حول مدى حاجتنا اصلا لهذه القروض والمساعدات ، حين لانعرف سر فقرنا هذا ، فالماء موجود في حوض الديسي ولانستفيد منه ،والمعادن الطبيعية موجودة في البحر الميت ويسحبها الاسرائيليون اضعاف استفادتنا منها ، وهناك مواقع طبيعية غنية بالمعادن الطبيعية مثل النحاس وغير ذلك ولايتم الاستفادة منها ، والصخر الزيتي بقي حلما يراود الناس مع كل حكومة ولايجد من يحوله الى واقع ، والاغوار التي تعتبر سلة غذاء عالمية تنتج في الجانب الغربي من نهر الاردن اضعاف ماننتجه نحن ، بل لعل الغور حرقت ارضه بالكيماويات والاسمدة وبات مالحا اليوم وينتج خضارا غالية جدا ، والثروة الشجرية لدينا تتقلص يوما بعد يوم ، والثروة السياحية لانستفيد منها شيئا ، برغم ان البتراء لو كانت موجودة في بلد اخر لجلبت مليارات الدولارات ، والسياحة الدينية لدينا معطلة ، وعلينا ان نعد عشرات الاشياء الاخرى ، واذا قمنا بتعداد ماهو موجود في البلد فعلا ، وماهو معروف ، لاكتشفنا ان البلد ليست بحاجة الى قروض والى مساعدات.
لعل السؤال يولد اسئلة اخرى ، لماذا لم نقم بالتنبه الى وضعنا الاقتصادي حين كان عدد السكان قليلا ، وحين كانت المساعدات العربية كريمة ، وحين كانت غالبية الناس يعملون في دول الخليج ، حيث للدينار والريال والدرهم والدولار قيمته آنذاك ، ولماذا سمحنا بتضخم المشاكل حتى خرجت عن نطاق السيطرة ، ولماذا اعتبرنا المساعدات هي الطريق الاسهل واهملنا ادارة الموارد الوطنية ، وهذه الثروات الموزعة في ظاهر الارض وباطنها ، لنتعرقل اليوم امام كل قصة ، ولانجد سوى الانسان الاردني لأخذ ماله عبر الضرائب والرسوم ، ورفع رسوم الدراسة الجامعية والعلاج ورفع سعر الوقود وموجات الغلاء التي تكتسح حياتنا دون سبب مفهوم ، هل بحق الله ، يستحق هذا الشعب هذه الحياة الصعبة ، برغم ان لديه من الموارد مايجعله يعيش في بحبوحة ، ولماذا لانعترف اذن ان الحكومات المتتالية منذ ثلاثين عاما لعبت دورا سلبيا في تحويلنا الى كيان يستدين فقط ، ويهمل كل موارده ، وهي كفيلة بمنح الناس حياة كريمة ، ولماذا لانعترف ان الحكومات وربما عن عمد احيانا لعبت دورا في تخريب هذه الموارد ، فأغرقت المزارع في الديون ، وخصخصت كل مورد مفيد ، وتنطحت لكل محاولة بناء فعالية لاسباب لايعلمها الا الله.
من العجيب اذن ان لانجد الماء والنفط والغذاء اليوم ، برغم ان لدينا الماء والنفط والغذاء بشكل او اخر ، ومن العجيب ان نواصل سماع ذات النغمة التي تميل الى التنفير من امكانية وجود أي فائدة في هذا البلد ، وان الحل دائما هو القروض والمساعدات ، او تسليم موارد البلد للغرباء بذريعة الاستثمار وأن على وجوههم يطل الخير فقط ، ومن المحزن حقا ان لايجد شعبنا مفرا من بيع ملابس اطفاله احيانا من شدة الحاجة فيما تحت اقدام الفقراء بحار من الخير تم تناسيها او اهمالها لسبب او اخر.