الضرب تحت الحزام .. د.خليل ابوسليم
16-12-2008 02:11 PM
الضرب تحت الحزام هو أسلوب غير مباشر في مواجهة الخصم، ويستخدم هذا الأسلوب عادة فيما إذا أراد احد المتخاصمين إلحاق الأذى بغريمه بطريقة غير مباشرة بحيث لو تمت المواجهة أو المصالحة بينهم مستقبلا يكون كلا من المتخاصمين قادرا على درء الشبهات عن نفسه من انه لم يقم بمثل تلك الأعمال من قول أو فعل وان ما حدث ما هو إلا اجتهادات آخرين لم يأمر بها أو يقرها أي من الفريقين.
وسمي بالضرب تحت الحزام كناية عن أن المنطقة التي تكون تحت الحزام هي في العادة منطقة تتميز بالعديد من الصفات منها أولا أنها منطقة غير مكشوفة إطلاقا ومحظورة على الجميع وبالتالي فان ما يدور في فلك تلك المنطقة يكون بمنتهى السرية وغبر معروف إلا لقلة قليلة تسمى خاصة الخاصة، وثانيهما أنها من الأماكن الحساسة جدا بحيث أن المساس بتلك المنطقة تكون له عواقب وخيمة وثالثهما أن الضرب في تلك المنطقة قد يخلق أزمات وأمور خطيرة، عدا عن أنها تعتبر للكثيرين منطقة إستراتيجية وحيوية بحيث تشكل مكمن قوتها وضعفها في نفس الوقت، ومن هنا يقبع الفرق بينها وبين الخاصرة التي هي أيضا منطقة مؤلمة جدا وحساسة، ولكن الضرب فيها يكون على المكشوف ( مباشرا ) ومسموحا به إذا تمكن منها الخصم.
وتختلف وسائل الضرب تحت الحزام عن وسائل ضرب الخاصرة بحيث يتم استخدام طرق وأساليب ملتوية عن طريق أشخاص آخرين محسوبين على هذا الطرف أو ذاك، وصفات تلك الأشخاص هي أنهم مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ويغتنمون كل فرصة تتاح لهم من باب الاستغلال( إذا هبت رياحك فاغتنمها ) وتتمتع كذلك بالخاصية الزئبقية التي تتلوى مع كل سخونة في المقياس وحسب درجة المصلحة ومن هنا يكتسبون قدرة فائقة على الالتواء في سبيل تحقيق غاياتهم الشخصية أو التسلق لبلوغ امتيازات قادمة أو الانبطاح لتعزيز أخرى قائمة أو من باب رد الجميل لأحد الطرفين، مع إدراك طرفي الخصومة لنقاط الضعف في تلك الوسائل والأشخاص.
وقد أصبحنا نشاهد على ارض الواقع العديد من ممارسات الضرب تحت الحزام، سواء كان في المجال الاجتماعي أو الثقافي مرورا بالاقتصادي وصولا إلى المجالين النيابي والسياسي الذي تجلى فيهما هذا الأسلوب بوضوح، بحيث أصبح ممكنا على الجاهل ملاحظة ذلك، فكيف بالعاقل؟
وان السبب الذي يكمن في اللجوء إلى هذا الأسلوب – باعتقادي – هو عدم قدرة البعض على المواجهة، بحيث يلجأون لاستخدام أشخاص ينطبق عليهم المثل ( بوكل ما بعرف مع مين بغسل ) لتحقيق تلك الضربات والتي غالبا ما تكون مؤلمة ولكن بشكل مؤقت.
بقي أن نشير إلى أن أسلوب الضرب تحت الحزام- محتقر عند الجميع- يستعمل في أوقات الود ونقيضه والحرب ونقيضها، وأن البعض منا – وهم كثر - أصبحوا أصحاب مدارس في هذا الأسلوب من خلال استبعاد العديدين من الشرفاء الانقياء الغيورين على المصالح الوطنية، واكتفوا بصناعة أبطال من كرتون – وهم كثر أيضا- حيث أنهم لا يجيدون فن المعارك والحروب واصطناع البطولات إلا على الورق فقط ومن خلال الآخرين.
kalilabosaleem@yahoo.com