facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الموصل أزمة وجذور واقتراحات بالحلول


سارة طالب السهيل
18-07-2017 05:41 PM

ساهم النظام الاستعماري البريطاني بالعراق بنشر ثقافة العنف بما مارسه من قمع واستبداد بحق العراقيين، دفع اهل السنة والشيعة الى نبذ خلافتهما المذهبية والتوحد معا لمقاومة المستعمر الغازي عبر انتفاضة مايو 1920، وقابلها تشرشل بقمع وحشي طوال عقد زمني راح ضحيته ما يزيد عن 9000 عراقي.

وطبقت بريطانيا سياسة قتل وإصابة النساء والأطفال من أجل إخضاع السكان ليضع يده على بترول العراق حتى بعد استقلال العراق 1932.

والحقيقة ان الاستعمار لم يغادر العراق رغم استقلاله، حيث ان جيوبه واذرعه لا تنتهي وهي مزروعة بقوة في باطن الارض العراقية لا تسمح له ولشعبه ان يعيش في ازدهار وامان، بل يرى ان شعب العراق له سقف محدد في الحياة من الامان لا يتجاوزه، فاذا ما تجاوزه وحقق طفرة اقتصادية تعود بالنفع العلمي والثقافي والسياسي على أهله، فلابد من سحب البساط من تحت قدمه فورا وافتعال اية ازمة تجعل الشعب العراقي تحت وطأة عنف داخلي او خارجي.

ولعله مما يبرهن على ذلك ان الاستعمار القديم تحين الفرصة في التسعينات، لتقوم بريطانيا بدعم فرض عقوبات اقتصادية قاسية على العراق، ويدفع ضريبته قرابة 1،7 مليون عراقي ماتوا نتيجة لهذه العقوبات، كان بينهم 500 ألف طفلا وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة.

ويتحالف الاستعمار القديم مع الجديد فتفبرك كل من بريطانيا والولايات المتحدة أكاذيب تزعم فيها ان العراق يمثل تهديداً نووياً، بل ويرميها بالإرهاب وبصلاتها بتنظيم القاعدة في سياق تبرير غزوهما للعراق 2003، وتبرئ ذمتهما من دم ابن يعقوب بعد مقتل الاف العراقيين وتشريد الالاف غيرهم.

لم يكد يفيق العراق من سقوط ديكتاتورية صدام حتى لاحت في الافق بذور العنف مجددا على ايدي التنظيمات الارهابية وعلى رأسها «داعش»، والذي يمثل باعتراف المستعمر القديم نتاج طبيعي لغزو العراق بحسب اعتراف توني بلير .

وفيما نحن نلقي باللائمة على من تبرأوا من الغزو الامريكي للعراق، ومن قبله الحصار الاقتصادي، فان المسئولين العراقيين انفسهم اهملوا الارض وزراعتها وتطوير مشروعات الري، رغم ان الحضارات التي قامت على ارضها كانت زراعية ورعوية، وعرف العراق تاريخيا بوادي الرافدين وارض السواد والزراعي، وكان العراق يحقق الاكتفاء الذاتي من سلاته الغذائية ومع الحصار وصولا للغزو عاني الشعب العراقي من نقص غذائه واعتماده على الاستيراد الخارجي.

فالمسئولون عن العراق لم يهتموا بوقف نزيف الهجرة من الريف الى المدن بعد ان هجر الفلاحون أراضيهم بسبب الجوع والبطالة، ولم تهتم وزارة الزراعة بإيجاد حلول لمشكلات ارتفاع الملوحة ونقص المياه، وابتكار او الاستفادة من خبرات علمية من الدول التي عالجت مشكلات الزراعة فيها لتوفير الغذاء للمواطنين فعانى العراقيون من الجوع والمرض.
وفي تقديري ان العراق يحتاج لصحوة ضمير انساني يوقظ لدى المسئولين عن الزراعة الاحساس بالمسئولية الوطنية في علاج ازمة الغذاء الحاد في البلاد ووضع خطط عملية قصيرة الاجل واخرى طويلة لإحياء القطاع الزراعي مجددا، خاصة وانه تقوم عليه صناعات مهمة من شأنها ان تعالج في حل مشكلات البطالة في صفوف الشباب ويحميه من اللجوء للعنف تنفيسا عما يشعر به تجاهل واهدار لقدراته وقيمته الانسانية.

كارثة التعليم

ناهيك عن مشكلات التعليم في العراق المرتبط بلا شك بتداعيات الحصار والحروب المتواصلة وما تعيشه المدراس والجامعات من نظام تعليمي عفى عليه الزمن يقوم على التلقين وغير قادر على صنع شخصية علمية ابتكارية، بجانب ما يعانيه التعليم من تسيب وفساد قاد الى تدني المستوى التعليمي تحصيلا ونتيجة مؤلمة وصلت بنا الى حد تزوير الشهادات العلمية.

فكيف نقضي على العنف بمعزل عن تعليم يقود الى نهضة علمية واخلاقية رفيعة تسمو بالإنسان وتصنع حضارته. وفي تصوري ان المسئولين عن التعليم بالعراق مطالبين بالإسراع في وضع استراتيجية ترفع كفاء المعلمين مهنيا وتعليميا مع رفع مستوي معيشتهم حتي يتبرأوا من الدروس الخصوصية، واتباع نظام تعليمي يعتمد الابتكار والتفكر مع العناية بمواد الاخلاق.

العنف السياسي

لاشك ان تداعيات الغزو الامريكي للعراق قد خلق بؤرا للصراع السياسي اتخذ طابعا طائفيا بين السنة والشيعة وحول العراق الى بركة من الدماء اليومية اشتعلت نيرانه ما بين عامي 2006 و2008، نتيجة صراعات القوى الحزبية والكتل السياسية، فعاش المجتمع العراقي في أتون عنف دموي لا ينقطع يتقاتلون كما يتناولون وجبات طعامهم اليومي، مما أدى الى هجرة الالاف من مناطق سكنهم إلى مناطق تواجد أبناء طائفتهم او عرقهم.

ومع ظهور التنظيمات الاسلامية خاصة تنظيم داعش جرى استهداف العسكريين والمدنيين معا
وتحولت سماء العراق الى دخان ملتهب بالنيران خاصة في المناطق الكثيفة السكان ومناطق التجمعات البشرية في المساجد والمدراس ومواقف السيارات والمؤسسات القضائية في محافظات كالموصل والأنبار و الفلوجة و تكريت وهو ما أدى الى زيادة اعداد القتلى والمصابين، ولعل الاعداد المتزايدة من القتلى والمصابين والمهاجرين يكشف بما لا يدع مجالا للشك فشل الكتل السياسية في العراق على التوافق العملي على نبذ خلافاتها وصراعتها ولو لبعض الوقت لوقف نزيف الدم العراقي.

وبعد تطهير الموصل من أيدي الدواعش، فانه ينبغي ان يكون الباب مفتوحا لتحقيق استقرار امني يسمح للعراقيين بالتقاط الانفاس وهجر العنف للوقوف عقليا على نتائجه المدمرة على الوطن ارضا وشعبا حاضرا ومستقبلا.
فلاشك ان تصاعد عمليات العنف بالعراق يرتبط بالأوضاع السياسية والاقتصادية المهتزة والقصور التعليم وان كنا لا نغفل تأثير المعطيات السياسية المحيطة بالمنطقة مثل الصراع في سوريا وتأثيره الامني على اوضاع العنف بالعراق.

لكن يمكن تقليص خطورة العامل الخارجي المتمثل بالأزمة السورية، عبر تقوية العراق في الداخل، فالتماسك الاجتماعي بين مكونات وأطياف المجتمع العراقي يمكن ان يكون صخرة تتحطم عليها الفتن والمؤامرات الخارجية، وهذا لن يتحقق دون وجود رغبة أكيدة لدى القادة السياسيين في اذابة حالة الجمود السياسي وعلاج الخلافات بين الكتل السياسية الرئيسة الفاعلة في المشهد السياسي العراقي.

وبالضرورة، فان الخلافات العميقة بين هذه الكتل السياسية ترجع الى الاختلاف بشأن المناطق المتنازع عليها والموارد الاقتصادية بشأن النفط، فكل طرف يرى انه الاحق بالسيطرة على الارض ومواردها وكأنهم يقولون ليذهب شعب العراق من كل الاطياف الى الجحيم!!!

ان النزاع السياسي قد يتطور الى نزاع عسكري، يوفر أرضية خصبة للعنف والدمار بالعراق ليس له سقف ، فيما يعاني المجتمع العراقي بكل أطيافه من الفقر والبطالة، وتراجع صناعي وعلمي، وغياب العدالة في عائدات النفط على المحافظات المختلفة، الامر الذي يخلق سخطا شعبيا يشكل خطر داهم على مستقبل العراق ، متواكبا مع خطورة النزاعات الطائفية والعرقية.

وفي تقديري، ان تطهير العراق من داعش، فرصة سانحة وخطوة للأمام ينبغي للكيانات السياسية الفاعلة في العراق اغتنامها والبناء عليها، بإقامة حوار سياسي فاعل وصادق يضع حلولا عملية للقضايا الخلافية بشان الارض او موارد النفط مع تفعيل القوانين التي تحفظ كيان اي دولة تحتكم للقانون ولا تهدره تحقيقا للعدل والسلامة الاجتماعية.

و في النهاية نقدم بالغ الشكر و الامتنان لقواتنا الأمنية و جيشنا و الحشود و اللجان الشعبية من المواطنين العراقيين من كافة اطياف الشعب العراقي و كافة الطوائف ممن جاؤوا من محافظاتنا المختلفة تلبية لنداء الوطن و البر بأخوتهم المواطنين في الموصل لتخليصهم من نيران داعش التي أكلت الأخضر و قضت على اليابس و لم يسلم منها طفل و لا امرأة و لا شايب و هدمت حضارات حافظ عليها العراق و العراقيون آلاف السنين من الآثار و المعالم و المساجد و الجامعات و قبل كل هذا الإنسان الذي عانى العنف و الاضطهاد و الترويع و الأطفال الذين تم مسح ذاكرتهم و تعبئة عقولهم بتعاليم الشيطان .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :