على العكس تماما هذه موازنة لم تبالغ في تقدير المنح الخارجية بل وضعتها بالحد الأدنى المؤكد واعتمدت على الإيرادات المحلية التي ستتحقق بفضل تطبيق برنامج إصلاح إقتصادي يرفع الدعم المباشر عن السلع ويزيل التشوهات وكم الإعفاءات الكبيرة في جداول ضريبة المبيعات.

تخفيض توقعات المنح الخارجية يعني أن الموازنة ستعتمد على العوامل المحلية مع تحسن مفترض في الأوضاع الإقليمية وفتح الحدود العراقية وقرب فتحها مع سوريا, لكن الأهم هو تصويب هيكل الدعم ومعه هيكل الإيرادات المحلية بإسترداد الضائع منها عبر الحد من التهرب الضريبي وإلغاء الإعفاءات على سلع ليست أساسية في ضريبة المبيعات وهي بالمئات.

التعويض المفترض في بند الإنفاق الرأسمالي سيأتي عبر تنفيذ المشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص بأسلوب البناء والتشغيل ونقل الملكية, وهو نموذج نجح في مشاريع عدة, وقد كان قرارا حصيفا أن تخفض الموازنة سقف الإعتماد على المنح والمساعدات الخارجية التي سبق وأن نلقت الحكومة إشارات سلبية حولها.

في موضوع الخبز الذي يبدو أن القرار قد حسم بشأنه فنيا وما بقي هو التنفيذ, ما زال هناك من يعتقد أن صندوق النقد الذي أسدى نصيحة بعدم المساس به سجل بذلك تقدما عاطفيا على الحكومة بحرصه على المواطن لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما فالصندوق حريص على خبز اللاجئين ولا يكترث بخبز المواطن الذي يتعين عليه كما يرى أن يدفع ضريبة دخل عند سقف ألف دولار ويعتبر الإعفاءات الضريبية عند حد 24 ألف دينار في السنة للأسرة و12 ألف دينار سنويا للفرد إعفاء سخيا.

الخلاف بين الحكومة والصندوق في موضوع الخبز حول شمول اللاجئين السوريين بالدعم النقدي المباشر ما سيرفع مخصصات الدعم بمقدار 50 مليون دينار وهو ما رفضته الحكومة بإعتبار أن مسؤولية ذلك تقع على المجتمع الدولي والصندوق في المقدمة وليس على الحكومة التي يطالبها الصندوق أن تغطي دعم خبز اللاجئين من خبز الأردنيين!.

التوسع الذي لم يلحظه المحللون في الموازنة كان من نصيب شبكة الأمان الإجتماعي الذي إرتفعت مخصصاته وتم تغذيتها من بعض عوائد الإصلاح في ضريبة المبيعات وإجراءات رفع الدعم المباشر عن السلع.

وفي تفاصيل المنح الخارجية التي جاءت واقعية كما اوضحها وزير المالية عمر ملحس جاء توزيعها على النحو التالي:- 337 مليون دينار مساعدات أميركية و288 مليون دينار ما تبقى من المنحة الخليجية و 55 مليون دينار من الاتحاد الأوروبي إضافة الى 20 مليون دينار.

الإنفاق الكبير في الموازنة هو ما تستهلكه تكاليف الجهاز الحكومي ما يحتم بدء الإصلاح الإداري فورا. الراي