facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جدالات مفهوم الدولة المدنية في الأردن


عمر الرداد
09-08-2018 05:51 PM

ترتبط الجدالات حول مفهوم الدولة المدنية ارتباطا وثيقا بالمقدس والمدنس،في ظل رأيين جرى ترسميهما بكونهما يعكسان حالة من التناقض، لكونهما يقومان على الإقصاء ،فالأول:يعتقد أن الدولة المدنية ستبعد المجتمعات العربية والإسلامية عن دينها الحنيف وشريعتها ،وان كل ما يمكن ان تقدمه هذه الدولة لتنظيم حياة الإنسان ذاتيا وموضوعيا ،موجود في الشريعة الإسلامية، وانه لا داعي للتفاعل مع التراث الإنساني والعالمي،وهو ما أصبح يعرف بالتخندق خلف الأنساق المغلقة، فيما الثاني:يعتقد أن التراث بكل ما فيه معوق لدخول المجتمعات العربية والإسلامية الحداثة والتقدم، ويطرح أصحاب هذا الرأي مقاربات تدعو لقطيعة معرفية مع التراث، قابلتها ردة فعل تمثلها التنظيمات الإرهابية والتكفيرية ، التي تطرح مقارباتها لإعادة إنتاج الماضي بكافة صوره.

لكن ما استقرت عليه الأمم الأخرى التي أنجزت مشاريعها الحضارية، كان مفهوم الدولة المدنية  لديها مفهوما مغايرا تماما لما هو مطروح اليوم ،وتحديدا حصره بين المقدس والمدنس، فعندهم تقوم هذه الدولة على العقلانية، واستيعاب التراث وكل جوانب الإبداع فيه ،بعيدا عن الإنكار والتغريب والمغالبة، مع الحفاظ على الخصوصية الاجتماعية لمكونات مواطني الدولة.

وبعيدا عن كل هذا وذاك ، تدل الجدالات التي تجري اليوم في الأردن ،والتي ما انفكت حول مفهوم العقد الاجتماعي، ان الدولة المدنية والعقد الاجتماعي مفاهيم سياسية لها تفسيراتها ومرجعياتها في القاموس الأردني،لا يتطابق مع المفاهيم السياسية والاجتماعية لدارسي تطورات المجتمعات، وتعكسان حراكا سياسيا واجتماعيا،مرتبطا بهواجس ومخاوف لدى الكتل السياسية والاجتماعية ومكونات الشعب الأردني، من مخرجات التطورات السياسية في المنطقة، وتأثيراتها على الأردن،وتحديدا العلاقة مع مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة ، وقبل ذلك مستقبل الأوضاع القانونية للمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني، بما ينعكس على شكل ومضمون الدولة، وربما جاء تفاعل الجدال حول هذين المفهومين في ظل تطورين وهما: ما يتردد حول صفقة القرن ومخرجاتها،بما في ذلك إلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، واختيار رئيس وزراء جديد في الأردن على خلفية حراك سياسي واجتماعي أطاح بالحكومة السابقة ، ويوصف هذا الرئيس الجديد "د. عمر الرزاز" بأن لديه رؤية وأفكار ومقاربات تتساوق مع مفاهيم الدولة المدنية ، وفقا للقاموس الأردني.

فإذا كانت الجدالات حول العقد الاجتماعي والدولة المدنية مرتبطة بمرجعيات دينية في غالبية المجتمعات، فان هذه المرجعية محدودة التأثير في هذه الجدالات،في نسختها الأردنية، وكلا المفهومين مرتبطين بالجدال بين تيارين ، الأول: يبني مقارباته على أساس "الحفاظ على الوضع القائم " ،وان لا حاجة لا لعقد اجتماعي ولا لدولة مدنية ولا ميثاق وطني جديد بوجود الدستور،وان مشكلة الفلسطينيين الحقيقة مع إسرائيل ، وان ما يتم تداوله يهدف الى حرف الصراع عن مساره ،فيما يطرح التيار الثاني: أن المرتكزات التي قامت عليها الدولة الأردنية بما فيها مفهوم المواطنة والهوية وما يتبعها من قوانين خاصة قانون الانتخاب لمجلس النواب واليات تشكيل الحكومات.....الخ بحاجة لإعادة نظر، وبحيث تحقق تلك الإعادة مستوى اعلي من المساواة وتكافؤ الفرص،في ظل دولة القانون والمؤسسات ،وهو ما سيؤسس للقضاء على الكثير من الإمراض الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأبرزها الفساد.

الملفت للانتباه في الأردن أن كثيرا من نخب "الحفاظ على الوضع القائم" مؤمنون بطروحات الدولة المدنية ، لكن اعتراضاتهم مرتبطة بتحفظات على القائمين على الدولة المدنية وشكوك بارتباطاتهم الخارجية هذا من جهة ،ومن جهة أخرى شكوك عميقة بتوقيت الطروحات المدنية وتزامنها مع تلك المشاريع الدولية والإقليمية.

وبالتزامن يبدو ان المطالب بإعادة النظر بمفاهيم وادوار العشائر الأردنية ،باعتبار أن مفهوم العشيرة القائم على عصبة الدم معرقلا للدولة المدنية،وارتباط الفساد بالكتل الاجتماعية،تبعا للأصول والمنابت،واستقواء كتل اجتماعية على القانون، وأحاديث العدالة الاجتماعية في فرص التوظيف وتوزيع مكتسبات التنمية،وربط توزيع المقاعد النيابية بعامل السكان لا الجغرافيا وحدها، تبدو مجرد عناوين فرعية وإسقاطات لمرجعيات تلك الجدالات.

من غير المتوقع أن يتم حسم تلك الجدالات في وقت قريب،لكن المؤكد ان لغة جديدة في الوسطين الرسمي والشعبي في الأردن،تؤسس لمرحلة جديدة قاسمها المشترك، ضرورة التحديث والتطوير والتجديد، تعبر عن نفسها بهذه الجدالات بطروحات مدنية تعتقد ان اللحظة حانت لانجازها، مقابل طروحات محافظة تتوجس خيفة من مالات ومخرجات تلك المدنية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :