facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"وجع" الأردنيين!


د. محمد أبو رمان
12-07-2009 04:32 AM

يمكن لمن يزور القاهرة بين الحين والآخر أن يلتقط بوضوح حالة التراجع والتدهور المستمرة في أحوال الناس اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً. حتى أنّ الأحياء الراقية والمشهورة بـ"مخمليتها" تسود فيها اليوم حالة من الفوضى والاكتظاظ والإهمال، وتكاد تختفي فيها أية ملامح جمالية.

تبدو القاهرة وكأنّها تتعرض لغزو من مظاهر الفقر والحرمان في أغلب شوارعها وأحيائها. فتجد ملايين الأسر التي تسكن في شروط غير إنسانية، تملأ مباني وزقاق القاهرة وعشوائياتها، وتفتقد إلى "الحد الأدنى" المقبول للحياة اليومية، فيما تتحوّل "بقايا الطبقة الوسطى" المنهكة والمفككة، وكذلك الطبقة الميسورة، إلى إتباع أسلوب حياة أقرب إلى "الجيتو" فتُحصِّن نفسها في منازلها وأنديتها وأجواء المقاهي التي تتردد عليها، وتنعزل قدر المستطاع عن "الفوضى المحيطة".

يلحظ أحد الأصدقاء من المثقفين المصريين أنّ "أغلب الأسر المصرية الميسورة لم تعد تعبأ البتة بما حولها من خراب، حتى لو كانت على أبواب المباني التي تسكنها أكوامٌ من القمامة، والأطفال مكدسون في الشوارع حولها"!

وتتفق دوائر من النخبة المثقفة المصرية على أنّ الخراب انتقل، خلال السنوات الأخيرة، من السياسة إلى المجتمع، الذي بدأ يعاني أزماتٍ قاسية تحت وطأة ضغوط الحياة وصعوباتها، وما ينجم عنها من تهديد للأمن الاجتماعي.

في المقابل، يتبدّى عجز السلطة في إنقاذ الوضع العام وإيقاف التدهور المستمر إلى الوراء، فتنشغل دوائرها بسيناريو التوريث وتهرب إلى الصراع مع "الإخوان" والتنكيل بهم، والاعتماد حصريّاً على "سطوة الأمن" وسياسة العصا والجزرة.

والحال هذه، ليس غريباً أن تنتشر، اليوم، في المكتبات المصرية عناوين جديدة لافتة حول الانهيار العام والفوضى، فضلاً عن الأفلام التي تشتبك مع بعض مظاهر الأزمة، ولعلّ آخرها فيلم "الفرح"، وإن كانت أغلب هذه الأفلام تتناول العشوائيات، من دون القدرة على تشريح الأزمة التي تسكن القاهرة بأسرها.

من الكتب التي تعاين المشهد وتسبر غوره وتمزج بين الإدراك العلمي والملاحظة الاجتماعية الثاقبة كتاب "وجع المصريين" للطبيب النفسي والباحث د. خليل فاضل، إذ يَعْبُرُ بِجُرأةٍ وإتقان من سطح الحياة اليومية وأزماتها إلى "أوجاع" المصريين ومواطن المرض في أحشاء المجتمع المصري.

يتسلل الكاتب إلى ظاهرة أطفال الشوارع وخطورتها الفاضحة، وإلى أزمة التربية والتعليم، وتفكك الأسرة والمشكلات المرتبطة بالحياة الزوجية، إلى الأمراض النفسية والجسدية التي ترتفع نسبتها بصورة كبيرة في المجتمع، وكذلك نسب الطلاق والعنوسة والزواج العرفي واكتئاب المرأة المصرية وانتشار المخدرات والفساد السياسي والإداري، ويرسم لوحة عامة ويضع خارطة طبوغرافية للمشهد الاجتماعي المأزوم.

أحسب أنّ الوضع في الأردن أفضل نوعياً، لكن ليس مطمئناً، في ظل مؤشرات عديدة، ترتبط بأزمة الإصلاح السياسي والخلل البنيوي في برنامج الإصلاح الاقتصادي.

والخطر الأكبر يتمثل بأننا (في العالم العربي) نسير إلى وراء، ونغرق في مشكلاتنا وأزماتنا، وتتدهور مؤسساتنا، بينما العالم يسير إلى أمام، ومع مرور الوقت يصبح الخروج من النفق صعباً ويستنكف دعاة الإصلاح، فيما تُترجم تلك الانحدارات في واقع المجتمع وسلامته العامة.

تشعر دائرة كبيرة من النخبة المصرية بالإحباط وخيبة الأمل واستفحال الأمراض الاجتماعية إلى درجة "ميؤوسة". وإذا كانت القاهرة نموذجاً مُتقدِّماً لهذا السيناريو، فهو تحديداً ما نريد، هنا في عمان، أن نقف ضده، فلا نصل إليه، ونبدأ فوراً بتلمّس أوجاعنا وأزماتنا.

آن الأوان للخروج من سجالات سياسية عقيمة إلى استنهاض بديل وطني إصلاحي يحمل لواء "الإنقاذ" يعاين أوجاع الأردنيين ويضع خريطة الحل، فلنقاتل للإصلاح ولفتح أبوابنا ونوافذنا لضوء الشمس والهواء النقي، وإلاّ دفعنا نحن وأبناؤنا جميعاً الثمن غالياً غداً!

m.aburumman@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :