facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملعونون يوقظون الفتنة من نومها


د. موسى برهومة
20-07-2009 04:52 AM

لم يكن اتحاد كرة القدم أشد حزما مما كان عليه في موقفه من العبارات المسيئة التي انطلقت في مباراة الفيصلي والوحدات الجمعة الماضي، فلقد أدرك الاتحاد أن السيل قد قاربَ الذرى، ولا بد من حسم وحزم ومواجهة، لأن ترك الحبل على الغارب لمجموعة من المهووسين والموتورين ليعيثوا فسادا وإفسادا للحمة الوطنية، إسهامٌ في الجريمة التي لا يتعين، تحت أي ظرف، إغماض العين عن نتائجها الكارثية المدمرة.

لقد كانت الإساءات والشتائم السافرة والمخجلة التي سمعناها عبر البث التلفزيوني المباشر للمباراة، أشبه بمعاول هدم شريرة للبنيان الوطني الذي يسعى أولئك الشُذّاذ إلى تمزيقه، مدفوعين بحس غرائزي منحدر يسعى لاستئصال "الآخر" الذي يقاسمه لقمة الخبز والهواء والماء والدواء والمصير، لا لشيء إلا من أجل حفنة أهداف كروية!

ورغم أن النادي الفيصلي بادر للدعوة إلى "نبذ الفئة الضالة والهدامة، والعمل على محاربتها" ممن كانت مندسة في صفوف مشجعيه، إلا أن عليه واجبا مضاعفا في الأيام المقبلة من أجل تنقية صفوف جماهيره الوفية والطيبة من تلك "الفئة الهدامة"، وعدم إتاحة المجال أمامها أبدا لبث أحقادها، وسمومها العنصرية والإقليمية البغيضة التي سمعناها في المباراة الأخيرة.

وفي المقابل، ينبغي ألا تتهاون قوات الأمن، وبخاصة الدرك، في محاصرة تلك "الفئة الضالة" وملاحقتها، ومعرفة من يحركها، ومن المستفيد من تأجيج نار الفتنة بين الأردنيين من أصل فلسطيني وأشقائهم الأردنيين، وهي فتنة أحسن الوزير سمير الحباشنة حين وصفها بأنها "نخبوية" لا تمتلك قاعدة شعبية، بدلالة "عدم وجود مظاهر إقليمية في السلوك اليومي بين الأردنيين من شتى الأصول والمنابت".

وكان الحباشنة واضحا في نعت مثيري الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، بأنهم "مدفوعو الأجر، وأصحاب أجندة تخدم إسرائيل".

وأحرى بهذا الخطاب التقدمي أن يكون بوصلة لكل المنخرطين في السجال الوطني العام، كيلا ينزلقوا إلى التحاور على أساس مساقط الرؤوس، وإنما على أساس المواطنة والانتماء والانصهار في أتون الدولة والنظام. وما كان لبلد أن يتطور ويترقى لو أنه ظل منهمكا في السؤال الذميم: "الأخ من وين"؟!

ولو أن سيدة العالم أميركا انشغلت بمثل هذه الأسئلة، لما وصل إلى سدة رئاستها رجل أسود من أصول كينية ذات صلة عميقة مع الإسلام.

بهذه الروحية المثقلة بالرموز والدلالات تنهض الأفكار والدول والإمبراطوريات. أما الدعوات التمزيقية والهتافات الانشطارية والتعليقات الإقليمية الغارقة في وحل التخلف مما نقرأه في وسائل الإعلام، وبخاصة بعض المواقع الإلكترونية، فينبغي نبذها وتقديم المسؤولين عنها بصفتهم مجرمي حرب ملعونين يوقظون الفتنة من نومها.

السؤال الوطني المؤسس على النسيج البانورامي المتعدد الذي يشكل النسيج الأردني، هو سؤال الحياة والمصير، قبل أن يكون سؤال الأحلام والتطلعات. والإجابة عن هذا السؤال تكون بالعمل والبناء والتضحية وتنمية الكفاءات الذاتية للناس لتتبوأ ما يليق بها من مواقع بناء على المواصفات الإبداعية التي تتمتع بها، وليس وفق أي شرط آخر!

وكما أن اتحاد كرة القدم لم ترتجف يداه وهو يتصدى للعبارات المسيئة للوحدة الوطنية في مباراة الوحدات والفيصلي، فإن على "النخبة" السياسية والثقافية والإعلامية ألا ترتجف أيديها وأقلامها وألسنتها وهي تستأصل من تفكيرها وخطابها كل ما يخدش المعمار الفذ الذي صاغ ملامحه الانصهار الخلاق لكل مكونات المجتمع الذي لن تتمكن قوى الظلام من هزيمة بنيانه الوحدوي الصلب.

m.barhouma@alghad.jo

** الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الغد ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :