«ارقام سرية» .. في ملف الوحدة الوطنية
ماهر ابو طير
03-08-2009 04:07 AM
يخبرني وزير داخلية سابق ، امس الاول ، ان الارقام الرسمية غير المعلنة ، حول عدد الزيجات بين الاردنيين ، من شتى المنابت والاصول وتحديدا بين ابناء الضفتين الشرقية والغربية ، في الاردن ، تصل الى خمسمائة وخمسين الف حالة زواج.
يقول وزير الداخلية السابق كلامه هذا في معرض رده على من يقول ان الاردن مهدد بحرب اهلية ، او ان السلم الاهلي مهدد ، على خلفية قضايا الوطن البديل وملف الجنسية والحل النهائي وحق العودة ، والرقم الذي اطلع عليه الوزير ، قبل سنوات ، بفعل وظيفته الرسمية ، يعني ببساطة ان كل حالة زواج ، اذا اسفرت عن اربعة ابناء في المتوسط ، فان نصف البلد ، اختلطت دماء من فيها ببعضهم البعض ، واصبحوا دما واحدا وانسباء ، دون ان ينسى الوزير ان يذكر ان هذا الرقم ، قديم وقبل سنوات ، وان الرقم اليوم ، اعلى من ذلك بكثير.
لست ضد مناقشة كل القضايا ، بروحية مفتوحة ، وباحترام ، لكن علينا ان نتذكر ان هذا شعب واحد ، تاريخه ممتد ، عبر قرون ، وسيبقى كذلك ، وحدود الكلام في المناقشات ، واضح وبيّن ، فهذا شعب لن يأكل بعضه البعض في نهاية المطاف ، لان الامر مستحيل ، لحسابات واسباب كثيرة ، والرقم الرسمي السري ، فوجئت به ، وقد يفاجأ به غيري ، لكنه يعني ببساطة ان السلم الاهلي غير مهدد ، وان فكرة حرب اهلية ، فكرة ساذجة ، يشعر بها فقط من يريد هكذا سيناريوهات في الاردن ، او يتمناها ، لا سمح الله ، والعقلاء فقط هم من لا يسمحون ان يصل التراشق حد مس الاردن او فلسطين ، وكليهما معا ، او مس الاردنيين والفلسطينيين ، تحت عناوين مختلفة ، خصوصا ، اننا نؤمن بمواطنتنا وحقوقها علينا ، كما نؤمن جميعا ، اردنيين وفلسطينيين ، بقدسية حق العودة ، وعدم السماح لاي مخطط بالعبور الى الاردن ، لحل القضية الفلسطينية ، على حسابه.
وزير الداخلية الحالي قال لي قبل اسبوع ، في مكتبه ان الحديث عن ايلول جديد ، هو مبالغة توظيفية ، من جانب جهات محددة ، تتبنى اجندة اسرائيلية ، لنقل الجمر الى الاردن ، ويقول الوزير انه حتى في عز الخلافات بين الدولة والمنظمات ، خلال عام 1970 ، فان الناس لم يختلفوا مع بعضهم البعض ، وبقيت علاقاتهم وطيدة وقوية ، فما بالنا اليوم؟.. يضيف الوزير ان كل ارث العلاقات بين الاردنيين والفلسطينين ، لا يجوز هدره ، من اجل نخبة تسمم الاجواء تحت عناوين مختلفة ، ولا يجوز ايضا ان نؤسس لثقافة نتنكر فيها لبعضنا البعض ، ولكل هذا التاريخ الذي جمع الناس تاريخيا ، وعلى الاصوات المعتدلة ان تعلو ولا تسمح بجر البلد الى مهاترات ، وخلق صور انطباعية وكأن الناس على وشك الاقتتال.
ببساطة مائة رجل هم من يسممون الجو ، بين ابناء شعب واحد ، ومعهم مئات من الجهلة ، فيما كل الواعين يعرفون ان الاردنيين والفلسطينيين ، شركاء في المصير ، وان عدوهم واحد ، والخطر عليهم واحد ، وانهم ايضا شركاء لا.. اضداد ، في مواجهه هذا الخطر.
هل يصير الدم ماء؟.. مستحيل والف مستحيل ، مهما سعى البعض لان يصبح كذلك.
mtair@addustour.com.jo