facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التباعد الاجتماعي ورقمنة السلوك


أ.د. اسماعيل الزيود
17-04-2020 07:43 PM

إن ما دفعني لتناول هذا الموضوع في هذه المرحلة بالذات هو ذلك الإستخدام الكبير اليوم لمصطلح التباعد الاجتماعي في عصر جائحة كورونا. ذلك أن هذا ينقلنا حقيقة من نمط أو شكل نسميه بالتضامن الآلي الاجتماعي الآلي إلى شكل آخر من العلاقات الاجتماعيه وشكل المعيشة وهو التضامن العضوي وهذا ما ينقلنا إلى عصر الرقمنة الاجتماعية في كافة سلوكياتنا وأوجهها وجملة التصرفات الحياتية.

فتبلور ذلك وأنعكس في مختلف العادات والتقاليد والقيم فقفزنا دون أن ندرك قفزات مكوكية لَم تكن خيارا إلا رغبة في الحماية الصحية فلجأنا إلى الحظر الاجتماعي بشكله الكلي فإلى الحظر الجزئي ثم التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة وإلى الحجر الصحي. كل ذلك في سبيل النجاة والخلاص فتحقق مع ذلك جملة من الوظائف والعديد السلوكيات التي طالها شيء من التغيير.

إن الحديث عن التباعد الاجتماعي والرقمنة الاجتماعية يدفعني للحديث عن أهم السلوكيات التي قد ساهمت جائحة كورونا في الإقلاع عنها أو قد تكون أسست لها إيجاباً وتنامت في شتى نواحي حياتنا اليومية الفردية والأسرية وعلى مستوى المجتمع بشكل عام.
فالحديث اليوم عن التباعد الاجتماعي يذكرنا بمصطلحات قريبة منه ولكن قد تأخذ معاني أخرى وتستخدم في مواقع اجتماعية معينة فقد قرأت في علم الاجتماع حول الاستبعاد الاجتماعي والإقصاء الاجتماعي والتهميش الاجتماعي أيضا وغيرها.
وها نحن اليوم وفي عصر جائحة كورونا وهذا الفيروس المستجد خرج علينا أم فرض علينا فهم إصطلاح جديد آخر وكان لا بدّ من الوقوف عنده ألا وهو التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة ضمن خلط واضح في الفهم والتفسير تحت ما نسميه حقيقة الأمر بالتباعد الجسماني وليس التباعد الاجتماعي الفعلي.

سأعود معكم للوراء قليلاً ونتذكر سوية المعنى التقليدي البسيط لهذاين الإصطلاح سابقاً (التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة) في ممارساتنا وحياتنا اليومية وكيف كنا نفهما وفقاً للثقافة العامة والثقافة الفرعية في المجتمع التي تملي طبيعة التنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية وثقافة وعادات المجتمع آنذاك والتي كانت تشير إلى الإبتعاد عن مخالطة من لديهم أمراض اجتماعية وسلوكيات مرضيه معدية أي من هم أيضا ذوي الحظ الأوفر في الأخلاق السيئة إجتماعيا والخارجين عن التقاليد والقيم والعادات والأعراف وعن قواعد الضبط الاجتماعي الرسمي وغير الرسمي ضمن ممارسات محددة اجتماعيا ويعتبر الخروج عنها صالحا لنبذ المجتمع له والتحذير من مخالطته بل ووصمه اجتماعياً.

أما واقع الحال اليوم وما تشير إليه هذه الإصطلاحات وفي زمان مختلف وظروف مختلفة وعصر مختلف وقد تكون الكلمات واحدة في الكتابة واللفظ، ولكن الإختلاف في الإستخدام والمعنى والتوظيف هو الذي يشير ويؤشر إلى أمور وقضايا أخرى ليعني تفسير ما ذهبت إليه هذه الإصطلاحات مرحلياً ولتعكس الظروف ذاتها آخذين بعين الاعتبار حالة التغيير والتغير الاجتماعي.

نعم التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة لها مفاهيمها الجديدة الحالية التي وظفت لأجلها كالتباعد الجسماني الذي يؤدي بدوره إلى التباعد وسيؤدي إلى تغيير إجتماعي كبير قادم فيما بعد في مختلف جوانب حياتنا.

نحن مقبلون على نمط اجتماعي حياتي جديد سيؤثر على على كافة سلوكياتنا سنعيش أسلوب ونمط جديد في المخالطة وطباع جديدة في الجلوس وطرق مبتكرة في التحية بدل السلام الذي اعتدنا عليه والتعانق الذي كان جزء من ثقافتنا، وسنرى حدود دنيا مقتصرة ومدروسة في المشاركات الاجتماعيه لا بل ستصبح بالفعل المشاركة في واجب العزاء والفرح والسرور بكافة تفاصيلها بأضيق حالاتها وبالطرق والوسائل الإلكترونية التقنية الرقمية التي كانت مرفوضة وتعد خرقا وخروج على الآداب في السابق.
هذا علاوة على التغيير الذي طال ويستمر في طريقه أداء العبادات في مختلف حالاتها باعتبارات صحية واجتماعية معتمدة على إرث جديد إسمه التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة والحفاظ على المسافة الآمنة.

نعم العصر الرقمي بكافة تفاصيله سيلقىي بظلاله على مختلف جوانب حياتنا المقبلة الاجتماعية تحديداً أما غيرها من الجوانب فهو تحصيل حاصل وأمرا واقعا نتيجة لحالة التغيير الشاملة والتي يصحبها بعض من التغير الذي يطول أنشطه متعددة في المجتمع الإنساني ونحن جزء من هذا العالم الرقمي وهذا الفضاء الإنساني.

يبقى السؤال من قبل البعض هل بالفعل أثرت كورونا بالرغم من قصر الفترة الزمنيه لها أو ستؤدي إلى كل ذلك التغيير والتغير الاجتماعي الذي يتم الحديث عنه وفي كافة جوانب الحياة؛ أقول نعم فالأمر لا يقاس فقط بالناحية الزمنية بل بحالة عامة من الاستعداد نحو التغيير أو الرغبة في قبول السلوك الجديد. حقيقة وفي سياق هذا الحديث الذي غدى واقع الساعة أذكّر بوجود دراسة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى أهمية استمرارية التباعد الاجتماعي وعدم المخالطة حتى عام ٢٠٢٢ م هذا كإجراء رسمي تتبعه الدولة فما بالك عن تأثير ذلك على الإمتثال الشعبي فيصبح ذلك سلوكاً متجذرا ثابتا لا يمكن العودة عنه في جملة التصرفات وطريقة ونمط وشكل الحياة الاجتماعية المقبلة.

أخيرا أقول أنا أبدا لست ضد التغير ولا التغيير إن كان إيجابيا في سلوكياتنا ولكن التغيير أمرا مختلفا له أسبابه وتداعياته وغاياته وهذا ما وددت الإشارة إليه في مقالتي هذه. آخراً إنها بحق ظروف جائحة كورونا الفيروس المستجد وهذه هي الأنماط السلوكية الآخذه بالتغير وهذا وما فرضه علينا من منظومة جديدة تحدد مسيرة حياتنا وخصوصا الاجتماعية منها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :