facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اثر الظروف الطارئة على الالتزامات التعاقدية


د. دانييلا القرعان
01-07-2020 05:33 PM

ألقت جائحة كورونا التي ضربت العالم بظلالها على الالتزامات التعاقدية سواء كانت بين الأفراد أو بين الشركات، وللحوادث الطارئة والقوة القاهرة أثر مباشر عليها، فعندما يحدث أمر طارئ غير متوقع يجعل من تنفيذ أحد الأطراف لألتزاماته أمرا صعبا، أو تحل قوة قاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً، هنا تتدخل التشريعات وتضع الآليات القانونية لرد الالتزامات إلى حالتها المتعادلة وتحقيق التوازن الاقتصادي للعقد.

عقب تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد_19)، وإعلان منظمة الصحة العالمية أنه جائحة عالمية عابرة للحدود والقارات، أخذت الدول تباعاً بفرض حالة الطوارئ وأدى ذلك إلى تعطل الحياة في مختلف دول العالم وترتب عليه عدم القدرة على الوفاء بالألتزامات التعاقدية التي دخلت إجبارياً تحت بندي القوة القاهرة والظروف الطارئة؛ ذلك أن جائحة كورونا وفق المنظور القانوني تعتبر أمراً خارجاً عن إرادة المتعاقدين بحيث لا يمكن توقعه أو دفعه.

تركت تداعيات جائحة كورونا المستجد آثارها السلبية على العلاقات القانونية والألتزامات العقدية بصفة خاصة، فيما يتعلق منها بعقود الإيجار والعمل والعقود الإدارية والتوريد، وثار الحديث عن الالتزامات العقدية وأثر تلك الجائحة وما تلاها من قرارات حكومية وتدابير احترازية على تلك الالتزامات، ومن المعروف أن الأوبئة بصفة عامة تكون لها آثار سلبية وخيمة سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى العلاقات القانونية بصفة عامة وعلى الالتزامات العقدية بصفة خاصة، إذ أنها تصيب المجتمع كله بالشلل التام في كافة القطاعات ولا سيما القطاع الاستثماري، الأمر الذي يجعل من الصعب بل من المستحيل أحيانا تنفيذ الإلتزام العقدي أو تأخير تنفيذه على أقل تقدير.

ومع انتشار فيروس كورونا والذي ترتب عليه إعمال قانون الدفاع وحيث عالج الدستور الأردني في نص المادة (124) "إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون بإسم قانون الدفاع تعطي بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لإتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار مجلس الوزراء". وبناء عليه صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء إعلان العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 في جميع أنحاء المملكة اعتبارا من 17 آذار لعام 2020، ونصت المادة الثانية منه "في حال انتشار آفة وباء الأمر الذي أدى إلحاق أضرارا اقتصادية كبيرة على الدولة بسبب تعطل الحياه وما تتطلبه من تداول للتجارة وإبرام العقود من أجل استمرار العجلة الاقتصادية".

وبالتساؤل في ظل جائحة كورونا وأثرها على الالتزامات التعاقدية وعلى ضوء ما تم ذكره سابقا، ثار نقاش وجدل قانوني حول هل جائحة كورونا تخضع لأحكام القوة القاهرة والتي تعد من المواضيع المعقدة في القانون، أم إلى نظرية الظروف الطارئة؟ من المعلوم أن جائحة كورونا لم تصب دولة معينة دون الدول الأخرى وإنما هي جائحة عابرة للحدود وحيث أصابت جميع دول العالم، ويرى خبراء القانون ان انتشار الوباء المستجد كوفيد_19 وأثره على المعطيات الاقتصادية يتطابق مع شرط القوة القاهرة التي تحل للمتعاقدين من شروط التعاقد لأسحالة تنفيذها.

"العقد شريعة المتعاقدين"، اختلفت وجهات النظر القانونية فيما إذا كانت جائحة كورونا من قبيل القوة القاهرة أم الظروف الطارئة،وبعض فقهاء القانون اعتبروا ذلك من قبيل القوة القاهرة، ولكن عند التمعن في العقود وألتزام المتعاقدان فإنه إذا انعقد العقد صحيحاً بالقيام بالالتزامات التي يرتبها العقد ويعبر عنه بالقوة الملزمة، ويترتب عليه أنه لا يستطيع لأي من اطرافه بإرادته المنفردة أن ينقضه أو يتحلل من العقد ولا يحق له تعديله مالم يصرح له القانون، الأصل أن "العقد شريعة المتعاقدين" فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وهذا المبدأ نتيجة لسلطان الإرادة كما نصت عليه المادة (1/202) "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية" وعليه فإن حسن النية يسود في إنشاء العقد وتفسيره وفي تنفيذ العقد والتزام المتعاقد طبقا لحسن النية وهو التزام تعاقدي، فإذا حاد المتعاقد يكون مسؤولاً على أساس المسؤولية العقدية ومراعاتها حسن النية في التنفيذ، وعليه فإن هذه القاعدة ترد عليها هذه الاستثناءات التي ترد على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله.

"القوة القاهرة"، شرط القوة القاهرة يمثل كل حادث خارجي عن الشيء لا يمكن توقعه ولا يمكن دفعه مطلقاً، والقوة القاهرة تنشأ اما بفعل الطبيعة

كالصواعق والزلازل والبراكين والفيضانات والثلوج، أو عن فعل الإنسان وتجعل من تنفيذ الإلتزام مستحيلا، ويعبر القانون عنه أنه صورة من صور السبب الأجنبي الذي ينفي علاقة السببية بين فعل المدعي عليه وبين الضرر الذي لحق بالمدعي، وهذا ما تم الإشارة إليه في القانون المدني الأردني في نص المادة (247).

"الظروف الطارئة"، أما الظروف الطارئة وحيث أجازت المحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلا كل اتفاق خلاف ذلك، حيث أشارت المادة(205) من القانون المدني الأردني أن الظروف الطارئة لا تجعل من تنفيذ الإلتزام مستحيلا، وإنما أصبح مرهقاً للمدين بحيث يهدد بخسارة فادحة،لذلك أجازت المحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين الطرفين أن ترد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول.

"إختلاف نظرية القوة القاهرة عن الظروف الطارئة"، وبناء على ما سبق نجد أن هاتين النظريتين تختلفان في أن الطارئ غير المتوقع لا يجعل التنفيذ مستحيلا بل يجعله مرهقاً كما ذكرنا سابقا، يجاوز السعة دون أن يبلغ حد الاستحالة، وهنالك فارق يتصل بالجزاء، نظرية القوة القاهرة تفضي إلى انقضاء الإلتزام وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتها كاملة، أما الطارئ غير المتوقع فلا يترتب عليه إلا إنقاص الإلتزام إلى الحد المعقول وبذلك يتقاسم تبعته الدائن والمدين.

"في ظل جائحة كورونا"، ما يلفت لنا أن الوضع الحالي والاستثنائي والمستجد مختلف، وهو مختلف مع وجود تحديات قانونية تعرض التساؤل عما إذا كان فيروس كورونا يمثل قوة قاهرة، ما يعني عقود قابلة للفسخ والتزامات قابلة التحلل منها، وفي ظل جائحة كورونا توجد الكثير من الحالات تنطبق عليها شروط الظروف الطارئة لكون الظروف أصبحت واضحة وتبين استحالة تنفيذ بنود التعاقد في ظل الوضع الراهن الذي تفرضه انتشار فيروس كورونا،وبالمقابل هنالك حالات لا تنطبق عليها شروط القوة القاهرة ومثال على ذلك إلغاء حفلات الزفاف حيث أن القوة القاهرة ستفرض على الفنادق رد قيمة الحجز، لكن ماذا عن التفاصيل الأخرى المرتبطة بالعرس وما ترتب على تحضيراته من نفقات واتفاقات لن تتم بالنظر لإلغاء إقامته بالصورة المتفق عليها.
"الشركات والأفراد والمصانع والمؤسسات التي توقفت نشاطها"، هنالك سؤال يطرح نفسه في ظل هذه الظروف وهو: هل يحق للشركات والمؤسسات والافراد والمصانع الذين اضطروا إلى توقيف نشاطهم تنفيذاً للقرارت الوقتية الصادرة من الحكومات في مختلف دول العالم، أو بسبب الظروف العملية التي منعت بعض الأفراد من الوصول إلى عملهم أو من تنفيذ التزاماتهم والاستناد إلى هذه القرارات أو الظرف الطارئ لتبرير إنهاء العقد والامتناع عن الدفع او السداد بأي حال من الأحوال؟ والتي يتوقع أن تؤدي هذه التحديات إلى نشوء بعض النزاعات الناشئة عن تأخير الالتزامات أو عدم إمكانية التنفيذ في الموعد المحدد؟
هذا الحدث يوصف بكونه غير متوقع الحصول وقت إبرام التعاقد ولا يمكن دفعه أو درء نتائجه، وبالتالي فإنه يعد حالة من حالات القوة القاهرة المتعارف عليها قانونا بين الدول والتي يترتب على تحققها استحالة تنفيذ الالتزامات المتقابلة، ويعد ذلك مبررا لفسخ العقد من تلقاء نفسه بحيث لم يعد إلزاميا لأي من الطرفين في العقود الموقعة من الجانبين ولم يعد لهذا العقد أي وجود حكما، أما إذا ترتب على هذا الحادث استحالة جزئية أو وقتية في تنفيذ العقود بصفة خاصة العقود المستمرة، فإن الجزء المستحيل من مدة تنفيذ العقود ينقضي، وفي أي من الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين.
إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الإلتزام التعاقدي وأن لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدد بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول أن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق خلاف ذلك.
ونظرا لأن فيروس كورونا المستجد هو حادث استثنائي عام يشمل كل قطاعات المجتمع وغير متوقع ولا يمكن درء نتائجه، فإذا لم تمتد آثاره لبعض القطاعات لحد الآن أو الأفراد أو النشاطات لحد القوة القاهرة والتي يمكن أن يتمسك بها صاحب الشأن لاعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه، فإن المشرع وضع معيارا قانونيا آخر لتلك القطاعات، وهو إذا أصبح الإلتزام التعاقدي مستحيلا أو مرهقا للمدين بفعل جائحة كورونا وآثارها التي خلفتها على القطاعات العاملة في المجتمع ،بحيث تهدد استمرار العقد بالشروط ذاتها بخسارة فادحة، جاز لأحد الطرفين أن يلجأ إلى القضاء بطلب النزول بإلتزاماته إلى الحد المعقول بغرض الموازنة بين مصلحة طرفي العقد للتخفيف من عبء هذا الإلتزام، وتكون هذه الموازنة هي إنهاء العقد أو زيادة القيمة السعرية للمتعاقد أو إعطاء فترة زمنية للسماح، أو أي من الظروف التي من الممكن أن يتخذها القاضي في قراره من أجل تحقيق الموازنة بين مصلحة الطرفين في الظروف الاستثنائية العامة المرتبطة بهذا الفيروس.
وحيال هذا الوضع وبسبب انتشار فيروس كورونا دوليا فإن أفضل مشورة قد تقدم لأصحاب الشأن والمتعاقدين وافراد المجتمع هو الوصول إلى تفاهم يرضي الطرفين بشكل ودي بشكل يراعي الظروف الاقتصادية والمناخية والصحية بما يمكنهما من إنهاء علاقتهما بشكل يقلل من الضرر والمصاريف أو تجزئة أعمالها على مراحل لتنفيذها في المستقبل سواء من حيث الفترة الزمنية أو القيمة الشرائية بما يحقق مصلحة الطرفين، وهذا الرأي قد لا ينطبق فقط على المقاول ومالك البناء أو المشتري والبائع ورب العمل مع موظفيه ومالك المؤسسة التعليمية مع طلبته والناقل مع مسافريه في شتى القطاعات التي تضررت من جائحة كورونا أو قد يمسهم في المستقبل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :