الربط بين "انهيار" المباني وإنتهاء رخص الإنشاء .. ما مدى صحته؟!.
22-03-2010 02:47 PM
الربط بين "انهيار" المباني وإنتهاء رخص الإنشاء.. ما مدى صحته؟!.
التشققات والتصدعات: هل هي "ترييح" البناء أم عدم صلاحية الرخصة.. وأين دور الجهات الرقابية؟!.
كتب: زياد الشلة ..
للوهلة الأولى بعد انهيار عمارة البيادر التي شغلت الرأي العام الأردني لأيام طويلة شعرنا اننا أمام العثور على مواد غذائية من لحوم ودواجن وألبان وحليب وأسماك او ادوية انتهت صلاحيتها وغير صالحة للاستهلاك البشري وإذا نحن أمام عمارة انهارت وأصابع الاتهام تشير إلى رخصة البناء المنتهية صلاحيتها لمرور أكثر من عام على اصدارها رغم ان هناك مواد غذائية كالمعلبات مثلاً تمتد صلاحيتها ما بين 3 إلى 5 سنوات.. الا ان رخصة البناء في الأردن صالة لمدة سنة واحدة من تاريخ صدورها ويمكن تجديدها لأربعة أعوام أخرى مقابل دفع ما نسبته 25% من قيمتها المالية للأمانة عن كل عام حتى تصل إلى قيمتها الإجمالية 100% وفي حال مرور خمسة أعوام لا يمكن تجديدها ويتطلب اصدار رخصة جديدة برسوم كاملة مما يعني لو ان الرخصة صالحة لما حدث الانهيار!!.
إن ما يثير التساؤل: ما هو الذي يجمع او يربط ما بين انهيار عمارة وانتهاء رخصة البناء اما ان هناك لغزا ما يربط بينهما وما يثير الاستغراب والاستهجان بالوقت نفسه أيضاً هو التركيز على انتهاء صلاحية رخصة البناء فهل ستكون الأرض صالحة والتربة ملائمة والتي سيقام عليها المشروع او العمارة غير ملائمة بعد عام وان الاسمنت والحديد والحصمة والخشب غير صالح للبناء إذا انتهت الرخصة وسيكون صالحاً ومناسباً في حال تجديد رخصة البناء ودفع الرسوم؟!.
عندها ستكون الأرض والتربة ملائمة والمواد مناسبة وصالحة للاستخدام لان هذه المواد يبدو انها ستصبح ملائمة عند تجديد الرخصة ودفع الرسوم المطلوبة وإمكانية استخدام المواد مع صلاحية رخصة البناء.
الآن وبعد انهيار عمارة البيادر تنبهت جميع الجهات المعنية ان هناك خطأ ما والدعوة لوضع نظام خاص لتأكيد الجودة للمباني في القطاع الخاص بهدف ضمان صحة الأمور الإجرائية في تطبيق المتطلبات والشروط الواردة في الكودات الأردنية المعتمدة من قبل مجلس البناء الوطني إضافة إلى المتطلبات والشروط الواردة في المواصفات الفنية العامة للمباني.
إن جميع الجهات المعنية حاولت التنصل من المسؤولية وإعلان براءتها من مسؤولية انهيار عمارة البيادر وستحاول مستقبلاً التنصل من مسؤولية انهيار أية عمارة أخرى وتحاول إلقاء المسؤولية على الجهة الأخرى حيث تنصلت نقابة المقاولين من المسؤولية وأعلنت أن صاحب العمارة منفذ المشروع ليس مقاولاً ونقابة المهندسين أكدت عدم مسؤوليتها والمكتب الهندسي الذي أعدّ المخطط والتنظيم لم يعد مسؤولاً كون أن الترخيص أصبح مُلغاً بحكم انتهاء صلاحيته وبدورها أمانة عمان الكبرى تنصلت الأخرى من المسؤولية وأكدت انها منحت الترخيص للبناء وفقاً للمخططات التي أعدت من قبل المكتب الهندسي ومصدقة من نقابة المهندسين.
إن تنصل جميع الجهات المعنية من المسؤولية ومحاولة تحميلها للجهة الأخرى ورمي المسؤولية على الآخرين دليل وجود خلل في منظومة البناء حيث ان أي مواطن يستطيع المباشرة بالبناء دون وجود رقابة فعليه وكما هو معروف بكرة القدم فان الفشل له مسؤول واحد هو المدرب أمّا النجاح فله آباء كثر من المدرب للاعبين والإداريين حتى تصل إلى جامعي الكرات على خطوط الملاعب.
فالتساؤل الذي يثار حالياً: لماذا لا يتم الالتزام بنظام توكيد جودة المباني لتحقيق السلامة العامة ومنع احتمال وقوع حوادث انهيار للعمارات وظهور تشققات في العمارات والمباني داخل الشقق ولماذا لا نبدأ بالتفكير بتشديد الرقابة أو الاعتراف بوجود خلل ما الا بعد وقوع المحظور وضحايا أبرياء يدفعون أرواحهم ثمناً لذلك ولماذا لا نبادر بوضع نظام خاص لتوكيد جودة البناء وإنشاء إدارة رقابية قادرة على ضبط الأعمال الإنشائية وحماية المواطنين من أي أعمال غش قد يلجأ إليها البعض لتحقيق مكاسب مادية على حساب أرواح المواطنين وخسائرها المادية.
أصحاب شقق في العديد من العمارات السكنية يشتكون من ظهور تشققات كبيرة في جدران الشقق الداخلية وتشققات في جدران العمارة الخارجية حيث يؤكد أحد أصحاب هذه الشقق انه منذ شراء الشقة ظهرت تشققات في جدران الصالون وغرف النوم اتصل فورا مع صاحب العمارة الذي قال إن هذه تشققات طبيعية ناتجة بحكم (ترييح) العمارة بشكل طبيعي ونتيجة ترييحها على التربة والأساسات إلا انني لم اقتنع بذلك واتصلت بأحد المهندسين للحضور والذي قال: إذا كانت تلك التشققات بشكل طولي فهي طبيعية ولا خوف منها أما إذا كانت التشققات عرضية فهذا يثير القلق والخوف وفعلاً كانت التشققات بشكل عرضي وتشققات الجدران عرضية وتم رفع شكوى إلى محافظة العاصمة وتشكيل لجنة والتي أجرت فحوصات واختبارات وأكدت أن التشققات عرضية إلا انها لا تشكل خطراً حسب اللجنة وما تزال العمارة قائمة والتشققات تزداد يوماً بعد يوم ويتساءل المواطن: ما العمل وعلى من تقع المسؤولية في حال حدوث مكروه؟ وأين سيذهب سكان الشقق؟!.
سكان عمارة أخرى، وبسبب وجود الحفرة الامتصاصية تحت العمارة ووضع موتور لنقل مياه الصرف الصحي إلى شبكة المصارف الصحية بدأت تظهر بعض العيوب والتشققات في جدران العمارة مما دفع البعض لارجاع السبب الى وجود الحفرة الامتصاصية والتربة انعكس سلبياً وأدت إلى (ترييح) العمارة واحتمال استمرار (ترييحها) إلى سنوات مع وجود الحفرة الامتصاصية والتربة الزراعية ويقول السكان: إن أصحاب العمارات يعرضونها للبيع كشقق ويركزون اهتمامهم في المحافظة على الشكل الخارجي، وطمس التشققات لحين إنتهاء مدة العشر سنوات وإنتهاء مسؤولياتهم القانونية عن العمارة وفي حال انهيار العمارة او حدوث تشققات كبيرة لا تقع عليهم أية مسؤولية قانونية.
احدى العمارات وبعد ظهور تشققات واضحة في الجدران الخارجية يعانون ويصرخون باعلى صوتهم لانقاذهم وصاحب العمارة يحاول التنصل من المسؤولية باية مسؤولية ممكنة ويأتي بصحبة بعض المهندسين لاقناع السكان دون ظهور تلك التشققات امر طبيعي وليس له تأثير على سلامة العمارة بشكل عام ومحاولة طمأنتهم ان ظهور تلك التشققات امر طبيعي نتيجة (ترييح) العمارة وطبعا يقول السكان ان نقابة المقاولين والمهندسين تقف بجانب اعضائها والامانة مع موظفيها لتبدأ الحلقة تدور بالمواطن الى ان يقع المحظور ويصبح السكان في العراء او دفنهم تحت الركام ويتساءلون من هو المسؤول واين سنذهب نحن وعائلاتنا والذين نكد ونتعب وندخر لسنوات طويلة لشراء شقق تؤويهم واسرهم والاستدانة عن طريق البنوك لسنوات تصل الى 30 عاما ويستنفذ القسط الشهري معظم الدخل واحتمال سقوط العمارة ما يزال قائما.
مهندس يحاول ان يفند انتهاء صلاحية رخصة البناء بقوله ان رخصة البناء تصدر لسنة واحدة وتجدد لغاية 4 سنوات اضافة للسنة الاولى بحيث تصبح 5 سنوات شريطة دفع 25% من قيمة الرخصة عن كل سنة تجديد بحد اقصى اربع مرات لغاية ما تصل الى 100% من قيمة الرخصة وتجديد الرخصة من امانة عمان الكبرى ويضيف ان العقد الهندسي الذي يوقعه المكتب الهندسي مدته تتراوح من 6 اشهر الى سنة واحدة ويمكن ان يزيد عن سنة ويصل الى عدة سنوات حسب مساحة المشروع واذا كانت المساحة كبيرة فان النقابة تزيد مدة عقد الاشراف على المشروع الى سنوات عدة حسب موافقة النقابة.
ويقول المهندس في حال انتهاء عقد المكتب الهندسي وإذا لم يتم تجديده مع مالك العمارة يتم الغاء العقد تلقائيا بحيث يصبح المكتب غير ملزم بالاشراف على المشروع وفي حالة قرر المالك فيما بعد المباشرة بتنفيذ العمل عليه ابلاغ المكتب الهندسي بتجديد العقد مع المكتب وعلى المكتب تجديد الرخصة مع امانة عمان شريطة دفع المالك بدل التجديد ويقوم المكتب الهندسي بتعيين مهندس مقيم بسبب العقد الجديد ويجوز للمالك تنسيب مهندس، وتصبح مسؤولية المهندس في الموقع على عاتق المكتب الهندسي كون المهندس اصبح جزءاً من كادر المكتب المسجل في النقابة.
ويشير المهندس الى ان ظهور التشققات احيانا يكون نتيجة (ترييح) سريع للمبنى بمجرد ما تأخذ العمارة وزنها الكلي على الارض يبدأ (الترييح) وينتهي من سنة الى سنتين بحدها الاقصى وهناك (ترييح) على المدى البعيد الذي يصل الى مدة 20 سنة ويعتمد على كفاءة التربة وكفاءة العمل الهندسي وعمل المقاول ايضا وهذا ترييح سريع منطقي وطبيعي أي هناك ترييح على المدى البعيد، مؤكدا انه يجب دراسة اسباب (الترييح) في حينه لان العمارة المفروض اخذت راحتها عند وضع معين وانتهى ويجب ان لا يستمر، اما في حال استمراره بعد ذلك فيجب اجراء دراسة الترييح ومعرفة اسبابه ومعالجته بشكل سريع.
ويقول ان التشققات بشكل طولي يعتبر وضعا طبيعيا نتيجة ترييح العمارة اما التشققات العرضية فهي تلك التي تثير القلق ويجب دراستها رغم انه ليس التشققات العرضية تشكل خطر دائما.
مهندس اخر يؤكد ان المسؤولية الكبرى تقع على امانة عمان الكبرى لان الامانة لا تُدقق بالمخططات الصادرة عن المكتب الهندسي واهتمامها ينصب فقط على المخططات المعمارية أي مخطط الموقع العام الارتدادات الطبوغرافية، المساحات، طابق التسوية للكراجات، ومساحات الطوابق الاول والثاني، وعدد الشقق لتحصيل الرسوم فقط والدفاع المدني يدقق بالمخطط معماريا، وبالاعمال الكهربائية والميكانيكية وليس له علاقة بالمخطط الانشائي الذي يتم تدقيقه فقط بالنقابة بعد صدوره من المكتب الهندسي والذي يكون صحيحا 100% تقريبا الا في حالات استثنائية حسب المهندس ويتحمل مسؤولية الالتزام بالمواصفات الانشائية المهندس المشرف والمقاول.
وبعد.. فالمؤشرات تؤكد التزام العديد من المقاولين والمهندسين بمواصفات البناء وان وقوع او انهيار العمارات والمباني لن تصبح ظاهرة في الاردن الا ان الصمت والتظاهر ان انهيار عمارة البيادر حالة استثنائية كمن يحاول دفن رأسه بالرمال فهناك بعض الدول مثل مصر مثلا حاولت التقليل من آثار وحوادث انهيار العمارات منذ عقود الى ان اصبحت تشكل ظاهرة فهل سنبقى نخدع انفسنا بذلك الى ان يقع المحظور لا سمح الله وضرورة ايجاد الحلول الناجعة لمثل تلك الحوادث؟.
ومن هو المسؤول عن التشققات والتصدعات التي تظهر بالعمارات والشقق ومدى سلامة العمارات ولماذا لا يتم تكثيف الحملات الرقابية على الابنية لضمان التزامها بالمواصفات والتزام المقاولين والمهندسين المشرفين بالشروط والمواصفات واعادة النظر بآلية رخص البناء وتجديدها واقتصار عمل الامانة على استيفاء رسوم اضافية فقط ومراقبة الارتدادات والكراجات فقط ولا يتم تعامل رخصة البناء كالمواد الغذائية بتحديد صلاحياتها للاستهلاك واعادة النظر بمسؤولية المتعهد او المالك بمدة عشر سنوات منذ بناء العمارات فقط ومن سيكون المسؤول بعد تلك المدة الزمنية، اما حقوق المواطنين واموالهم فستصبح هباء كالشقق وتذهب ادراج الرياح.
ويبقى سؤال يتعلق بانهيار عمارة البيادر وفي حال التسليم يربط الانهيار بانتهاء رخصة البناء رغم عدم قانونيتها وعدم وجود مهندس مشرف، اين كانت كوادر امانة عمان الكبرى المفترض قيامها بجولات تفتيشية لمراقبة العمارات تحت الانشاء والتي استمر انشاؤها كما اعلن حوالي ثلاث سنوات ولماذا لا يتم الاطلاع على رخصة البناء اذا كانت سارية المفعول ام لا؟؟.
Ziad.shelleh@alrai.com