facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حَلَبَاتُ الطوارئ


د.حسام المرازيق
18-02-2021 10:47 AM

في صورةٍ حَيَّةٍ مُتَعَدِدَةِ الأُطُرِ مختلفة المشاهد والألوان، تَعِيشُ أقسامُ الطوارئ حَالةً من عدم الإستقرارِ وأَجواءً مَشحونةً بهِرمُونِ الأدرينالين.

ربما اخْتَصَرَت صورةُ الكرسي المُتَحَركِ أمامَ القسمِ الأكثرِ عنفاً بين الأَقسام الرئيسيةِ حالتَهُ وحالةَ كادِرِه المُرْهَق فصَوْتُ صريرِ عَجَلاتِه المُجَمَّعةِ وعدمُ توازنِ زَوَاياه المُرَبَطة وعبارةُ الفَاتِحَة على رُوْحِ فلان ..تُضْفِي مَزِيداً من الأدْرِينالين إلى دَمِ المريضِ و حَامِلِه.

بعد النُزُولِ عن ذلك الكُرسِي المُتَحَرِكِ والذي احتاجَ لِمَنْ يُلَمْلِمُ حَرَكاتِه، يَنْزٍلُ المريضُ إلى ذلك السَريرِ و الذي أَمِلَ أن يكونَ أفضلَ حالاً ليَكتَشِفَ أنَ السريرَ بعد إصلاحاتٍ مُتَكَرِرَةٍ مُصَمَمٌ لوضعيةٍ واحدة..فيَتَفَاجىءُ المريضُ بدوارٍ جديدٍ يصيبُ رَأسَه والناتجُ عن عدمِ ثباتِ السَرير.

يأتي الطبيبُ المُرْهَقُ ليَعرِفَ سبب إرهاقِ قلبِ ذلك المريضِ، فقَلْبُ الطبيبِ الذي أنْهِكَ من المناكفاتُ الإداريةُ ومِنَ المُطالباتِ بتغييرِ لوحةِ مفاتيحِ الحاسوبِ ومِن تََدَخُل إدارتِه بخصوصياتِه لأَخذِ إجازتِه ورَفْضِها ومِن تهديدِ إدارتِهِ لإدخالِ كل حالةٍ وأمرٍ قضائي وغير قضائي..فهو مُدْخِلُ بياناتٍ ومحققٌ قضائي ومُهَدئ للطَرَفَين المُتَنَاحِرَيْن في غرفةِ العملياتِ الصغرى، فَيَغْفَلُ ذلك الطبيبُ عن تلك الإبتِسامَةِ أمامَ ذلك المَريض.

وبعدَ مجموعةِ أسئلة يَسألُها الطبيبُ المُنْهَكُ وغالباً الأَوحد في إِحْدَى القَاعاتِ يأتي دَورُ سَحْبِ العَيِّناتِ و عَمِلِ تخطيطٍ لقلبِ المريضِ بجهازٍ عليه تواريخ إصلاحٍ مُتَعَدِدَةٍ ..في هذه المَرْحَلة يَبداُ دورُ المرافقِ لتأمينِ مُمَرضٍ أو مُمَرِضَة لعَمَلِ أوامرِ الطبيب وهنا يكونُ الكادرُ التمريضي مشغولين بأوامرَ أُخرى..فَيرجع المُرافقُ إلى الطبيبِ بعد عَشرِ دقائقَ أو ربعِ ساعةٍ ليتفاجئ الطبيبُ بعدمِ عَمل أيِّ أمر طِبي..الطبيبُ بقرارةِ نَفْسِه يَعْرِفُ حجمَ الضغطِ الواقعِ على الكادرِ التمريضي.. فيستعجل فَريقَه المُرْهَق أيضاً، هنا تبدأ عبارات .. يله يا سيستر ..احنا النا ساعة هون.. أو الحجي تعبان..طبعاً أنا كطبيب طوارئ لن ألومَ المُرَافِقَ في حالة اسْتعجاله فَمِن حَقِه أن يحصلَ والدُه على رعايةٍ صحيةٍ سريعةٍ..لكنني ألومُ عدةَ أطرافٍ..نعم عِدةَ أطرافٍ وليس الكُرسِي المُتَحَرك ولا السَريرَ اللامتوازن..إنما ألومُ من زَجَ الطبيبَ و كادِرَه و المريضَ و مُرَافقَه بهذه الحالةِ.

بعد سَحْبِ العَيِّناتِ و عملِ تَخطيطً قَلبيٍّ لذلكَ المريضِ نَسْمَعُ صوتَ سيارةِ إسعافٍ مُسرِعةٍ.. ليستعد الكادرُ لحالةِ إنعاش..فيُسْرِعُ الطَبيب الأوحدُ و الكادر المُرْهَقُ إلى غُرفةِ الإِنعاشِ و بعد ثُلثِ الساعة تُعْلَنُ حالةُ الوفاة..هنا يَبْدأ الصراخُ و العَويلُ و التشكيكُ في نَوعِية الأَدويةِ المُسْتَعملَة في حالةِ الإنعاشِ تلك.

يَرْجِع الطبيبُ إلى قاعَتِه إما مُصَاباً بلَكْمَةِ في وَجهِهِ أو تَحْتَ حمايةِ أجاويدِ عُمَّالِ الأمن ..هنا تبدأ الشُكُوكُ بقُدرةِ ذلك الطبيبِ المِسْكِينِ المُصَابِ من قِبَل مرافقي المريض الأول و بَعْد عِدَة أسئلةٍ مِن مرافقي المريض الأول عن سَبَبِ وفاةِ تلك الحالةِ..دكتور ما بدنا تعالج أبوي.. رح ننقله على مكان ثاني.

حاولْتُ أنْ أَسْرُدَ بِدِقَةٍ نصفَ سَاعةٍ حَيَّةٍ مِن قِسْم الطوارئ.

وبحُكْمِ قُرْبِي من تلكَ المَشَاهِد إلا أَنَنْي أَرى بصِيْصَ أملٍ لتَحْسِينِ وَاقِع أقسام الإِسعاف و الطوارئ

أولاً: تفعيلُ دورِ المَرَاكِز الصحيَّة الشَامِلةِ و ذلك بتَمْديدِ سَاعَاتِ عملِ أقسامِ الطواريءِ بها و تَزْوِيدِها بظُرُوفٍ تَشْخِيصِيّةٍ مُناسبة للطبيبِ و ليس بدفاترَ تَحويلٍ المرضى إلى المستشفيات.

ثانياً: تعريفُ المواطنين بالحالات الطارئةِ و غيرِ الطارئةِ من خِلال وسائلَ الإعلامِ الرَسميّة و إيصال فكرةِ أن انتظار الطبيب أمرٌ طبيعي في كلِ أقسام الطوارئ في العالم، و أنَ انشغال الطبيبِ بمريضٍ آخر أو بحالةٍ حرجة ليس إهمالا بحالتك.

ثالثاً:تحويلُ جميعِ أَقسامِ الطواريء بالمملكة إلى طواريءٍ تَخَصُصِيّة و ذلك بتوسيعِ القبولِ في برنامجِ اختصاصِ الإسعافِ و الطواريءِ و مُحاولةِ تطويرِ و تحسينِ أدائهم العِلْمي و الوَظيفي.

رابعاً:تسليمُ أمنِ المُستشفيات لنشامى و مرتباتِ الأَمن العامِ فهناك الأَمن الدبلوماسي و الأمن الرياضي و الأمن السياحي و الأمن البيئي فنتمنى أن نرى وحدة أمن المستشفيات ..

خامساً:زيادة أعداد الكوادر الطبية العاملة في قسم الإسعاف و الطواريء وعدم إشغال الطبيب المُعالج بأي رُتوش فَنية فلا داعي لأن يكون الطبيب بمواجهةٍ مباشرةٍ مع المواطن فيما يَخُص الأمور المالية و الحالات القضائية ، فلا داعي أن يشرح الطبيب للمواطن بأن التأمين الصحي لا يتعرف على حالات السقوط و حوادث السير و لدغات الأفاعي ،بالإضافة للوقوف بجدية على طلبات الطبيب الفنية و عدم تأخيرها.

سادساً:تواجد الإدارة بساعات الذروة و ذلك بتغيير العقيدة الإدارية إلى عقيدة إدارية ميدانية و ليس إدارات استجوابات و عقوبات و مناكفات فهذه السنة الثامنة لي في أقسام الطواريء لم أرَ قط مديراً لأي مستشفى يزور قسم الطواريء في وقت الذروة..و إذا حصل و أن تعطل المصعد المخصص للإدارة و أجبر المسؤول الإداري على المرور بقسم الطواريء فإن مدة زيارته البهية لا تتجاوز الثلاث دقائق.

سابعاً: تطوير مهارات الإتصال لدى الكوادر العاملة في قسم الطوارئ من خلال دورات تدريبية جدية من متخصصين في هذا المجال أو من شخوص ذو خبرة كافية و وافية في أقسام الطوارئ.

ثامناً: تخصيص فريق إنعاش قلبي و رئوي في جميع المستشفيات الطرفية و تطبيق الأسس العالمية في هيكلة أي قسم طوارئ و الإستغناء عن نظام الفزعة في حالات الإنعاش.

تاسعاً:إطلاق خدمة" أبشر أو أهلآ أو مرحباً "في المستشفيات لمحاولة مساعدة المرضى و مرافقيهم بإنجاز ملفات الدخولات أو بتعرفيهم أماكن و مواقع المختبر و الأشعة و الصيدلية أو بمساعدة المرافقين بحمل ذويهم أو بتعريفهم بالحالات القضائية و غير القضائية.

هذه مجموعة أفكار و حلول للرقي بمستوى الخدمة المقدمة للمواطن و قبل أن أنهي سأترك للقاريء الكريم سؤالاً ربما يضفي حلولاً و أفكاراً أخرى..لِمَ لَمْ نسمع عن تكسير لقسم الطوارئ في الخدمات الطبية الملكية أو القطاع الخاص.؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :