facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عُقَدٌ وعُقُود


د.حسام المرازيق
05-03-2021 01:37 PM

منذ السنة الدراسية الأولى في كليات الطب المختلفة تُعْقَد الآمالُ على طبيبِ المستقبلِ.. تُبْنَى عليه العديد من الأحلام.. فَلَم يَصِل إلى أدراج كلية الطب الا بشقِ الأنفس وتَمَيُّز علمي وأكاديمي وحضور مُمَيز على مدار اثنا عشر عاماً.

صلوات ودعوات من الأب والأم بأن تمر سنواتُ الطب الست أو السبع بحسب المكان الذي يَدْرُس به طبيبنا و تَهَجُد لله بنجاحه.


يَقْتَرِبُ الحلم من الواقع يوما بعد يوم وصفحةً بعد صفحةٍ من كتب الطب المُخْتَلِفَة بتعدد لغاتها، تكةٌ بتكةٍ يَرْصُدُ الأبُ تَخَرُجَ ابنه أو ابنته بعد ترتيب أموره المالية تارةً بجمعيةٍ لدفع القسط وأخرى بتجارةٍ ليُؤَمِنَ للطبيب المستقبلي سكناُ هادئاً يُعينه على صَخَبِ التشريح و كثافةِ علم الأدوية.

بعد تراكم صفحات ومحاضرات السنوات الأخيرة من علوم الجراحة و الباطنية والأطفال و علم النساء والولادة يبدأ الطبيب بالعد التنازلي بعد رحلةٍ شاقةٍ عليه وعلى من جَذَّفَ معه ببحر الطب.

وفي يوم ربما يكون الأجمل بأيام حياته وبعد قَسَم معلم الطب الأول قَسَمِ أبو قراط يُعْلَنُ للبشرية بألوانها طبيبا أو طبيبة.

بعد تزايد أعداد الأطباء و تنوع مدارسهم الطبية والذي أراه خيراً وفيراً و لوناً مُمَيزاً في لوحةِ الطب و التطبيب في الأردن .. حيث بدأت أعداد الأطباء " نظرياً" بالتزايد و لكننا بحاجة لكل طبيب قد أكمل متطلباتِ دراستِه و اجتاز جميع الفحوصاتِ و الامتحاناتِ التي تُؤَهله للعمل كطبيب.

سؤال كيف ذلك ؟
يُعَاني القطاع الطبي وخصوصاً وزارة الصحة من نقص الأطباء الحاد في جميع الإِختصاصات تقريباً الرئيسيةِ و الفرعيةِ منها وحتى نتمكن من صُنْع أطباء اختصاص لا بد لنا أن نَجْذِبَ الطبيبَ للخدمة بوزارة الصحة, فتعيينُ الأطباءِ بالعشرات لا يَسُدُ رمقَ و عطشَ وزارة الصحة خصوصاً بعد تجربةِ الحرب الكورونية و التي ما زالَ لَهيبُها يَلْفَحُ بوجوهنا ويُثْنينا عن التقدمـ فأَثْبَتَتْ لنا هذه الحرب أن وزارة الصحة تَفْتَقِر لأعدادٍ مَهُولة من الأطباء ليس فقط العامين وإنما أطباءُ الإختصاص ناهيك عن عِوَزِها لنهجٍ إداري مَنْهَجِيٍّ قَويم.

عزيزي القارئ لك أن تربط سلسلة تدريب الأطباء منذ دخولهم وزارة الصحة إلى حين قطعها بخروجهم منها ولك أن تضعَ الأَسباب التي أدت الى ذلك القطع و بالتالي تركهم لملاك وزارة الصحة.

مهلاً..! لكن وزارة الصحة وَجدَت الحل ! لوصل السلسلة و عدم قطعها بهجرةِ الأطباء ..

كيف ذلك ؟

قامت وزارة الصحة باختصار الطريق فَوَجَدَت العدد الكبير من الأطباء غير المُعَيَنينَ والذين هم على قائمة الإِنتظار في ديوان الخدمة المدنية الساعين والمُتَعَطِشين للإختصاص فقامت بطرح برامجَ اختصاص لهم برواتبَ لا تتجاوز المئتين و الخمسين ديناراً..نعم مئتين وخمسين دينار على مدار أربع سنواتٍ منافيةً بذلك الحقوق العمالية للحد الأَدنى من الأجور و كأن الطبيب المُضْطَر و المُتَعَطِش للاختصاص لا يَمْتلك نفساً بشرية للعمل بالظروفِ التي تعرفونها و بالضغط الذي تُدركونه بدراهمَ معدودةٍ لا تَسُدُ أدنى حاجاتِه و احتياجاتِه..فكيف لهذا الطبيب المغلوبِ على أمره أن يُبْدعَ مع مرضاه و جيبُه خالٍ من نقودٍ تُقَوِّمُ ابتسامتَه و تَسْنُدُه على الأقل أمام عائلته. والطامة الكبرى أن الكثير من الأطباء العامين في ملاك وزارة الصحة يَسْعَون للاختصاص و بالتالي فإن عَجلة الإختصاص لا تدور بشكلٍ توافقي مع عجلةِ الأطباء العامين و هنا سيحصل عدم توازن وانسجام بينهما فستتوقف التعينات من جانب لإكتفاءِ الحاجة و من جانب آخر سَتَفْتَقِد الوزارة بعد أربع سنوات لأخصائيين جُدُد. ولأن العقل القانوني في وزارة الصحة بعيدٌ نوعا ما عن الحقوقِ العمالية التي كفلها الدستور الأردني أطلت علينا وزارة الصحة بحل آخر لا يقل إجحافاً عن سابقه و هي عقودٌ جديدةٌ مُثقَلَةٌ باللامنطقية لأطبائها الأصلين مفادها .. اختصاص بكفالةٍ ماليةٍ عالية القيمة تصل إلى مئة ألف دينار ببعض التخصصات شريطة عدم العمل خارج وزارة الصحة وعدم إعطاء شهادة مزاولة المهنة والتي هي مُلْكٌ للطبيب بعد التخصص إلا بعد استكمال مدة السنوات المنصوص عليها في العَقْد وتصل إلى عشرة سنوات غير مُراعية بذلك الظروف التي من المُمُكن أن يتعرض لها أي إنسان فيكون بحاجة لإجازةٍ سنوية ليُحَسِنَ وَضْعَه المادي أو النفسي المُتَعَثِر أو لرعاية أهله و ذويه.

لم تُدرك وزارة الصحة إلى الآن سبب تَسَرُب الأطباء من ملاكها و لم تدرك أن لأي عَقْد مَخرج قانوني.. وانكبت على زيادة العُقَد في العقود ظناً أنها بهذا الأسلوب ستزيد أعدادَ أطباء الإختصاص.

يا وزارة الصحة .. إن الأسلوب الوحيد للحفاظ على أطباء الاختصاص و لتطوير الأطباء المقيمين هو بتوفير بيئة عمالية مناسبة و تغيير النهج الإداري الرديكالي وبتحسين منحنيات المكافآت المالية ورفعها كي تسدَ رمق الطبيب في حياته بالإضافة لتطوير البيئة التعليمية للمقيمين وتطبيق برنامج المجلس الطبي بحذافيره ورفع قدرة الأخصائين بابتعاثهم للقطاعات الطبية الأردنية الأخرى.

عزيزي القارئ سأترك لك بعض الأسئلة التي من شأنها أن تُكْمِلَ لك صورةً حاولْتُ إيصالَها..هل جميع الأطباء يمتلكون عقاراتٍ و أراضٍ بقيمةِ مئة ألف دينار ؟

هل زيادة السلاسل القانونية ستُجبر الطبيب على العمل في ملاك وزارة الصحة؟

هل بمنح الطبيب مكرمة جامعية لأولاده سيغنيه عن طرق أبواب خارج الحدود ؟

هل مشروع إسكان وزارة الصحة بعد خدمتهم الطويلة سيشجع الأطباء على البقاء في وزاراتهم ؟

هل الإعفاء الجمركي لأطباء وزارة الصحة أسوةً بزملائهم في القطاعات الأُخرى من شأنه أن يحسنَ مِزاج أطباء وزارة الصحة ؟

هل التوقف عن ملاحقة الطبيب بالعقوبات و التنقلات و الإنذارات لمجرد تفكيره خارج أطر الوزارة سيشجع على الابداع ؟

أسئلة ربما تكون حلولا لهجرة الأطباء و بالمناسبة هي حقوق عمالية موجودة لقطاعات أخرى في بلدنا الحبيب ..

أوْقِفوا العقودَ و أبدلوها بالعهود ..حاولوا تطبيق الرؤية الملكية العمالية و الصحية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :