facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بعد 73 عاماً .. الصورة اختلفت


عامر طهبوب
15-05-2021 03:07 PM

لم يتغير شيئاً في موقف الولايات المتحدة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ الأربعينات من القرن الماضي منذ قرار التقسيم عام ١٩٤٧، وحتى العدوان الصهيوني القائم على قطاع غزة والضفة الغربية وعلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ، إلا النزر اليسير، ولا تتحرك الإدارة الأميركية إلا لإنقاذ كيان محتل تمنحه حق الدفاع عن نفسه، فيما لا تمنح نفس الحق لشعب عانى من أكبر ظلم عبر التاريخ.

ومنذ عام ١٩٤٨ تتدخل الدول الكبرى لعقد هدن بين العرب واليهود، عندما مد الغرب الكيان الصهيوني بالسلاح من أوروبا الشرقية، نقل جواً خلال أسبوعين، بينما حرم العرب من المدد، وعندما انتهت الهدنة، وجدت الجيوش العربية نفسها بلا ذخيرة، ولما كان الشارع العربي في ذروة غضبه، فقد قبل الزعماء العرب آنذاك بهدنة دفاعية، وبعد هزيمتهم في الهدنة الثانية. لم يكن بإمكانهم سوى القبول بالهدنة الدائمة، وانسحب الجيش العراقي خوفاً من الهزيمة، وحوصر المصري في الفلوجة، ونجح الجيش الأردني في إنقاذ القدس الشرقية.
وها هو التاريخ يعود، ليسير أبناء القدس في الشيخ جراح على خطى أجدادهم من شهداء الجيش العربي الأردني، ومن رجالات الجهاد المقدس، لإنقاذ القدس مرة أخرى بعد ٧٣ عاماً على سقوط الأراضي الفلسطينية عام ١٩٤٨ بما فيها القدس الغربية بيد المحتل الغاصب.
ومنذ ٧٣ عاماً وأقنعة المحتل تسقط واحدة تلو الاخرى، لتكشف سنة بعد أخرى عن بشاعة وجهه، وممارساته العنصرية المقيتة، وفكره المتعصب الحاقد، وأفكاره المنمطة، لتشكل ذاكرة تاريخية تتوارثها أجياله من دين سياسي إقصائي احتلالي عنصري بغيض، وتوارثت أجياله سرديات الكذب، لتسهيل مهمته في تحقيق أوهامه باستكمال يهودية الدولة على أرض غيره.

أعترف أنني لم أكن أفضل أن تدخل حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة على خط انتفاضة أبناء القدس وهبتهم لمنع الاستيلاء على بيوت الشيخ جراح، وإخلاء سكانها من المقدسيين، وكنت أفضل أن تعم انتفاضة شعبية يواجه فيها شابات وشباب فلسطين جنود الاحتلال وشرطته في القدس ومدن الضفة الغربية، بدلاً من انتقال الصراع وإبرازه في عيون العالم وكأنه صراع بين قوتين عسكريتين، ومخاوفي على أهل غزة من ردة الفعل الصهيونية التي لا تفرق بين طفل وامرأة، وبين مدني وعسكري، وهذا ما حدث، فالشهداء من الأطفال وصل عددهم إلى ٣١٪؜ بما يشكل العدد نسبة الثلث من مجموع الشهداء، ولكني اكتشفت أني كنت مخطئاً، وذلك لأكثر من سبب، أولها أن المقاومة فاجأتني وأذهلتني، فقد بدأت بتحقيق النصر منذ اليوم الأول، وصمدت أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية دون أن تسمح للمحتل أن ينفرد في الضرب، وقد راقت لي مقولة "قصف بقصف"، وراق لي أكثر اختراق المقاومةلقبة الكيان الحديدية، وتكتيكات المقاومة الذكية، وصواريخها اللولبية، وقدرتها على إنتاج صواريخ بعيدة المدى في مدينة محاصرة، صحيح أنها لن تحرر الأرض، لكنها تهزها من تحت أقدام محتل يجب أن يعرف أن هضم الأرض مستحيل، والقفز عن حقوق الشعب الفلسطيني ثمنه باهظ، وأن يعرف شعبه الذي جاء إلى فلسطين من أراض بعيدة، أنه غير آمن طالما أن الفلسطيني لم يحصل على حقوقه .

في المقابل فقد أدت هذه الهبة التي شارك فيها ببطولة شعب فلسطين في الداخل الإسرائيلي، في حيفا، ويافا، واللد، والرملة، وأم الفحم، وكفر كنا، وشفا عمرو، وبلدات الناصرة، وكفر ياسيف، ومجد الكروم، إلى فضح صورة المحتل أكثر من أي وقت مضى، محتل يستخدم قطعان مستوطنين يحملون السلاح لإرهاب الفلسطينين وقتلهم، وتشريدهم، تحت حماية قوات الجيش، في مواجهة شعب أعزل، ليس في القدس ومدن الضفة فقط، بل حتى في مدن وبلدات فلسطين عام ١٩٤٨ .

التلفزيون الإسرائيلي استضاف خلال الأيام القليلة الماضية يهوداً لمناقشة فيما إذا كان العرب داخل إسرائيل مواطنين أم أعداء. أي عنصرية هذه .

أدت هذه الهبة العظيمة إلى إعادة إشعال جذوة النضال، والقضاء على الروح الانهزامية التي أصابت العديد من أبناء الأمة، إلى قبر المشاريع الإبراهيمية، وصفقة "قرن ترمب"، وأعادت وزارة الخارجية الأميركية تؤكد أن حل الدولتين، هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع، وأن القدس ما زالت قضية مختلف عليها ولم تُحسَم بعد، وجعلت كل أحرار العالم يخرجون في وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وجعلت أبناء الأردن الأحرار يجتازون على أقدامهم الحدود، كما لبنان، ليبعثوا رسالة تقول أن الفلسطيني ليس وحيداً، وتلك سابقة تقول أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة .

الصورة اختلفت، وستواصل الاختلاف، الفلسطيني في حيفا واللد والرملة وعكا وباقي مدن وبلدات فلسطين عام ١٩٤٨ لن يرحل، ولن يهاجر، ولن تستطيع عصابات المستوطنين ولا جيشه المحتل، من نزعه عن أرضه، فزمن أوّل، حوّل - كما يقول المثل -. الفلسطيني اليوم يواجه الريح بأشرعة نضالية جديدة، يتغلب على قوى العدوان، يقاوم ويورث معاني النضال لأبنائه، والشباب الذي انتفض بالأمس على حاجز أبو الريش في الخليل، وحاجز حوّاره، وحاجز بيت إيل، وفي سلفيت وباقي أنحاء فلسطين، ولد بعد انتفاضتي ١٩٨٧ وعام ٢٠٠٠، لكنه اتبع نفس الأساليب والتكتيكات النضالية لأسلافه.

أوسلو وملحقاتها إلى زوال، فخ أوسلو وقعت فيه السلطة ولا تعرف أو أنها لا تريد الخروج منه، لكن الشعب الفلسطيني استطاع بروحه الحرة أن يتقدم، ويجعل أوسلو خارج معادلاته، ويقضي على كل توقيعات ترمب وتصريحاته، لقد اختلفت الصورة، الفلسطيني في الشارع الآن هو من يضبط الإيقاع، وهو من يعيد ساعات الزمن إلى الوراء، ليعود منتشياً بهويته وأرضه التي تشبهه بحجارتها ولون ترابها، ولا تشبه محتل أرضه، العنصري حتى في اختيار درجة تلوث المياه العادمة التي يرشها في وجه الفلسطيني أو في وجه يساري إسرائيلي يعارض تهجير أهالي الشيخ جراح.

ستنتهي هذه المواجهة مع غزة بهدنة، لكنها ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة على طريق نضال شعب يعظم الحياة ولا يخشى الموت، وستنتهي لانتصار الفلسطينيين مهما ارتفع عدد الشهداء وعدد العمارات السكنية التي تهدمها حكومة نتنياهو المأزومة، وسيواصل الفلسطيني النصال لاسترداد أرضه ونيل حقوقه في الحرية والدولة، وستنتصر قبة الصخرة، وقبة المسجد الأقصى، وقبة كنيسة القيامة، وليس القبة الحديدية وخطاب العنصرية والكراهية المقيتين، وسيبقى الأردن الحر العصي المنيع، درع فلسطين وخير نصير للقضية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :