عمون - لينا العساف - صدور كتاب (شعراء الحكمة في العصر الحديث) للشاعر تيسير الشماسين وهو كتاب متفرّد بموضوعه ومضمونه وهو الوحيد الذي يختص بموضوع الحكمة كغرض من أغراض الشّعر في المكتبة العربية منذ أن كان مهجوراً من أواخر العصر العباسي، ولم يكن أي من الشّعراء منذ تلك الحقبة قد طرق هذا الباب كغرض تناوله بشكل مستقل وبحرفية لو لم يحفز الشماسين قرائح الشّعراء للخوض به من خلال هذا المنجز.

ويقول معد الكتاب إن شعر الحكمة ليس مشروعاً بقدر ما أن قريحته مفطورة بهذا الغرض الّذي لم يبارحها ولو للحظة، فالعمل على المنجز كان بإيمان مطلق نابع من الصميم.. فشرع بالفكرة وتقدم له أكثر من ألف شاعر بمشاركتهم حتّى استقر العدد على مائة وسبعين شاعراً ممن تيقن من صلاح نصوصهم، منهم من اجيز له بيت واحد ومنهم من اجيزت جميع نصوصه..

والكتاب على شكل موسوعة من فئة المجلد ضمّت أشعار الشعراء العرب في العصر الحديث ممن أبدعوا في شعر الحكمة، حيث لم يترك الشماسين على وجه التّقريب باباً في شؤون الحياة إلا وطرقه بأشعارهم.. فيكاد أنه لن يخطر ببال المتلقي شأناً من متجانسات الواقع أو متناقضاته إلّا ووجد في الكتاب ما يوافقه من شعر.. كما وأنّه ترك شواهد يحاجج بها بأكثر من مائتي مسألة لغوية وعروضية فإمّا لصعوبة بلوغ مصادرها وشواهدها أو لاختلاف آراء اللّغويين حولها والتّناقضات الّتي تشوب الحجج وضعف الأدلة وإمّا لانعدام الآراء وصعوبة القياس.

واشار الشماسين إلى أن العمل على المنجز استمر قرابة الخمس سنوات من الجهد الدؤوب والمستمر، تحرّى فيها أعلى معايير الدّقة.

ويعد الكتاب مرجعا أكاديميا للمتلقي بصرف النّظر عن نخبويّته ومستواه الثّقافي لسلاسة النّظم وسهولة الفهم وعدم التّكلف في البناء والمفردة، وهذه أهم ركائز شعر الحكمة بحيث يسهل حفظ البيت الشّعري على العامي قبل المتعلّم.. كما وأن جميع المشاركات من فئة الرّباعية وما دونها في كلّ موضوع تم تناوله.

سانده في المُنجز نخبة من الأكاديميين والأدباء العرب فيما يخص مسألتي تحكيم نصوص الشّعراء وتدقيقها تجنباً لأيّ خلل أو شائبة لغوية أو عروضية قد تُؤخذ على المنجز.. ويُقدّر لهذا الكتاب بأن يكون وجهة للدّارسين والباحثين العرب في مجال اللّغة لتفرّده وغزارة مادّته الأدبية من معايير وفصاحة وبلاغة ناهيك عن القيمة الأدبية العالية التي يحملها مضمون الكتاب فيما يخص شعر الحكمة..

الشّماسين هو مؤسس مدرسة الحكمة في العصر الحديث ورائدها وقد تأثر به وسار على خطاه الكثير من الشعراء العرب.. شاعر له وزنه ومكانته الرّفيعة في المشهد الثّقافي العربي..