facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اكتساب اللغة .. بقلم : الدكتور غسان إبراهيم الشمري

02-06-2010 12:26 PM

اكتساب اللغة: من القواعد إلى المبادئ
ومن التفسير إلى ما وراء التفسير
الدكتور غسان إبراهيم الشمري


لم تعرف اللغة غنى فكريا في الاهتمام بها مثلما تعرفه الآن، وخصوصا في العلوم المعرفية، ومنها اللسانيات التوليدية. وقد جعل تعريف اللغة، بوصفها معرفة ذهنية، الإشكالات اللغوية في قلب الإشكالات المعرفية، كما جعل التقدم المعرفي الذي أحرز في دراسة اللغة اللسانيات، التوليدية على وجه الخصوص، نموذجا لباقي العلوم المعرفية. من هذه الإشكالات تحديد طبيعة المعرفة ومصدرها وتحديد كيفية اكتسابها/تعلمها. وهي إشكالات محورية قديمة أثيرت منذ الإغريق، وربما من قبل، ومازالت تثار إلى حد الآن. ويمكن تلخيص الأجوبة المقدمة، بشكل عام، في موقفين، موقف أرسطي وآخر أفلاطوني. يرى الموقف الأرسطي أن العالم له بنية خاصة به وأن الذهن البشري قادر على إدراك هذه البنية انطلاقا من حالات خاصة ينتقل منها إلى النوع ثم إلى الجنس ليصل إلى تعميمات أكبر. وبذلك يُحصِّل الذهن معرفته بالكليات انطلاقا من الحالات الخاصة المنفردة. وتقتضي عملية التعلم التي يخضع لها الذهن "قاعدة معرفية سابقة". والحالات المعرفية المتطورة التي يصل إليها الذهن "ليست فطرية بشكل من الأشكال ولا مأخوذة من الحالات المعرفية العليا، ولكنها مبنية انطلاقا من إدراك الحواس."[1] فالذهن، في هذا التصور يكتسب المعرفة عبر منهجية استقرائية تحتل فيها التجربة الحسية مكانة أساسية. وخلافا لهذا الموقف، يرى أفلاطون أن قدرتنا على المعرفة ليس مصدرها العالم المبنين، بل إن هذه المعرفة قبلية. ولذلك، فإننا لا نكتسب معارف جديدة ولكننا نكتشف معارف موجودة سلفا. إن تجربتنا الحسية عن «الصور» غير الكاملة ما هي إلا تذكير بـعالم «الصور» الكاملة السابق للتجربة. وسيتبنى فلاسفة القرن السابع والثامن عشر العقلانيون، مثل لايبنز وكانط، الموقف الأفلاطوني بعد تخليصه، بتأثير من الفكر الديكارتي، من فكرة "الوجود القبلي". وفي سياق تبني فكرة «الأفكار القبلية»، ذهب كانط إلى أن العقل البشري يضع شروطا معينة تحدد طريقة نظرتنا إلى العالم والأشياء. وبَيَّن كُدْوُرْث أن الذهن يملك قدرة معرفية قبلية تقوم بإنتاج المبادئ والتصورات التي تُكون معارفنا، وذلك بإثارة من الحواس.[2] وسيتطور الموقف الأرسطي عند فلاسفة القرن السابع والثامن عشر التجريبانيين (empiricist)، مثل لوك وبركلي. وبدل النظرة الديكارتية إلى الإنسان بوصفه موضوعا مفكرا، دافع لوك عن فكرة أن الذهن البشري صفحة بيضاء، وما يُطبع فيه من أفكار يرجع إلى ما تطبعه به الحواس/التجربة. وبدل فكرة "الأفكار القبلية"، نادى التجريبانيون بفكرة "الأفكار البسيطة للحواس". وقد أثر هذا التعارض بين التصور العقلاني والتجريباني لطبيعة المعرفة وطريقة اكتسابها في النظريات الحديثة لاكتساب اللغة. وتعد المدرسة السلوكية في علم النفس أبرز ممثل للمقاربة التجريبانية في دراسة السلوك المعرفي، وضمنه ما يصطلح لديها بالسلوك اللفظي، أي اللغة. وتعد اللسانيات التوليدية أبرز المدافعين عن التصور العقلاني في مقاربة المعرفة الإنسانية، والمعرفة اللغوية بوجه خاص، بينما يصنف علم النفس المعرفي البنائي بين الموقف التجريباني والعقلاني.
ندرس في هذا المجال الأسس المنهجية والتصورية للسلوكية والبنائية والتوليدية في معالجتها لاكتساب اللغة. وندافع عن المقاربة التوليدية، مقدمين في ذلك مجموعة من الحجج النظرية والتجريبية التي تدعمها. وسنبين التطورات الهامة التي عرفتها العقلانية في المقاربة التوليدية للمعرفة، على المستوى الأنطولوجي المرتبط بتحديد "ماهية" ومبادئ المعرفة اللغوية وكيفية اكتسابها، وعلى المستوى المنهجي المرتبط بالسعي لبناء نظرية مثلى للمعرفة اللغوية. وسنركز في هذا الإطار على مِفصلين نظريين هامين في تطور اللسانيات التوليدية، مقاربة المبادئ والوسائط والبرنامج الأدنوي. اهتمت الأولى بتفسير اكتساب اللغة، واهتمت الثانية بما وراء التفسير، أي بتفاعل المبادئ التي تحكم العضو الذهني اللغوي بالمبادئ التي تتحكم في النظام العضوي الإنساني، بصفة عامة. ونقدم في الأخير التطورات التي لحقت نظريات التوسيط التي تعد أساسية في اكتساب اللغة. فالطفل يكتسب اللغة عن طريق تعيين القيم الوسيطية التي لم تحسم فيها مبادئ النحو الكلي، كما أن الاختيارات المختلفة لتعيين هذه القيم هي التي تعد مسؤولة عن التنوع اللغوي. ويقدم الفصل الثالث والرابع والخامس، المحتوى التجريبي لهذه المقاربة التي سنرصد في إطارها تنوع بنيات الصفة في اللغة العربية الفصحى وفي العربية المغربية والأمازيغية. وسنختم هذا الفصل ببعض الاقتراحات التوجيهية العملية التي توضح كيف يمكننا الاستفادة من النتائج النظرية في تطوير منهجية تعليم وتعلم اللغة.

1. المقاربة السلوكية وآليات التعلم
تنبني المقاربة السلوكية للمعرفة على النظرية التجربانية (empiricism) التي تزعم أن جميع أنواع المعرفة مصدرها الحس.[3] وقد كان لهذا التصور النصيب الأوفر في التأثير على ميدان الأبحاث العلمية. وتأثرت الأبحاث النفسية السلوكية لثورندايك Thorndike،[4]،[5] في أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين، تأثرا كبيرا بهذا التصور. فقد رفض هذا الباحث دور العمليات العقلية في التعلم وأرجعها كلها إلى مجرد ترابط بين المواقف/المثيرات والاستجابات. وقد ركزت أبحاثه بالدرجة الأولى على تجاربه على الحيوان، فقد كانت رسالته لنيل شهادة الدكتوراه معنونة بـ"ذكاء الحيوان"، وقد كانت دراسة تجريبية لعمليات الترابط عند الحيوان.
وقد تأثر واطسون بأعمال ثورندايك التجريبية وخاصة فكرته الرئيسة المتمثلة في اعتبار الترابط أساسا للحركة السلوكية. وقد عُرف واطسون بتبنيه لما يعرف بنظرية التكرار والحداثة. ومفاد نظرية التكرار أن الاستجابات التي تتردد أكثر من غيرها هي الاستجابة التي ستعزز بحكم ترددها، وتصبح الاستجابة الطبيعية في الموقف الذي ترد فيه. أما مبدأ الحداثة فينص على أن الاستجابة الأكثر حداثة من بين استجابات المتعلم في موقف ما هي التي تصبح الاستجابة الطبيعية.[6] ويعتقد واطسون أن التكرار هو الذي يكون الاستجابة الغالبة. وقد كان لنظرية بافلوف عن الإشراط أثرا كبيرا في أعمال واطسون.[7] وقد رفضت النظرية السلوكية عند واطسن استخدام المصطلحات العقلية مثل الذهن (mind) والوعي أو الشعور (consciousness) والوجدان. واهتمت، في المقابل، بدراسة الأفعال السلوكية بصورة مباشرة، مركزة في ذلك على المثيرات والاستجابات.

وتعد النظرية السلوكية الإجرائية عند سكينر أهم تطور عرفته السلوكية في القرن العشرين، وخصوصا في مجال تعلم السلوك اللفظي (اللغة). وتَعُدُّ هذه النظرية السلوك، بوصفه مجموعة من الاستجابات الناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي، موضوعَها الأساسي. وتسمى إجرائية لاهتمامها بالسلوك الإجرائي (operant behavior) الذي يعد سلوكا مؤثرا في المحيط، كما يمكنه أن يغير هذا المحيط بشكل أو بآخر، ويمثل لها عادة بالسلوكات القصدية. فالسلوك الإجرائي يحدد بأثره في المحيط لا بالمثيرات التي تحدثه.[8]

وقد حاول سكينر (1957) رصد السلوك، معتبرا وجود اللغة ناتجا عن مجموعة من العادات التي تتعلم مع مرور الزمن.[9] والآلية التي تتحكم في التعلم هي نفسها التي تتحكم في أنواع السلوك التي يتعلمها الحيوان. فالفئران، مثلا، يمكن تدريبها للقيام بمهام معقدة وذلك من خلال مبدأين: أولا، تقسيم المهام إلى خطوات؛ وثانيا، ينبغي تعزيز التعليمات الموجهة للحيوان بالمكافأة أو بالعقاب في كل خطوة.[10] وكان تسمى هذه الآلية للتعلم بالإشراط الإجرائي عند سكينر (1957). يقول سكينر في هذا الإطار "العمليات والعلائق الأساسية التي تمنح السلوك اللفظي خصائصه الخاصة تعد الآن إلى حد ما مفهومة بشكل جيد. ومعظم العمل التجريبي المسؤول عن هذا التقدم تم تطبيقه على أنواع (species) أخرى، لكن النتائج أبانت بشكل مثير أنها مستقلة عن التقييدات التي يفرضها النوع. وأبانت الأبحاث الحديثة أنه يمكن توسيع المناهج [المعتمدة] على السلوك الإنساني دون تغييرات هامة."[11] وبناء على هذا، اعتبر سكينر أن تعلم اللغة الإنسانية يمكن أن ينظر إليه من خلال العلاقة العامة: مثير-استجابة، التي تحكم تعلم أي سلوك، حيواني أو إنساني. فتعيين "معنى" تفاحة مثلا، يتم من خلال الاستجابة المعتادة للسامع للفظ-الصوت (المثير) الذي يسمع على نحو متكرر. لقد كان ينظر إلى تعلم سلوك معين، كاللغة مثلا، في إطار هذه العلاقة الآلية من منظور ترابطي، بمعنى أن تعلم اللغة يتم عبر سلسلة يقوم فيها المتكلم بربط حلقة بأخرى، بواسطة الاستحسان أو التعزيز الملائم.[12] فاللغة شيء يفعله الطفل ولا يملكه، إنها سلوك يتعلم وفاقا لنفس المبادئ المستخدمة في تدريب الحيوانات.[13]

ويُسند سكنر مكانة هامة للوسط الاجتماعي في التعلم اللغوي عن طريق العلاقة المباشرة بين: المثير والاستجابة. فالسلوك اللفظي عند الطفل يمكن أن يخضع لعملية تدعيم اجتماعي. فعندما يتعلم الطفل بعض الأصوات التي يسمعها في وسطه الاجتماعي، مثل ماء، ويصاحب التشجيعُ استجابته لهذه الأصوات، فإن ذلك يقوي تعلم مثل هذه الكلمات لديه. وفي مقابل ذلك، فإن الأصوات/الكلمات التي لا تحظى بالمكافأة تُهمَل. ويمكن أن ينسحب هذا التفسير على الظواهر اللغوية كلها.

تنبني هذه المقاربة السلوكية على النظرة التقليدية للعلم التي تقضي بأن البحث العلمي ينبغي أن يكون موضوعيا، وشرط الموضوعية أن لا يتعامل العالِم إلا مع الوقائع التجريبية التي يمكنه قياسها. لذلك اهتمت السلوكية، فقط، بالسلوكات القابلة للملاحظة والقياس، وأبعدت من مجال اهتمامها كل ما هو تجريدي ، ومن ضمنه العمليات الذهنية الداخلية، لأنها غير قابلة للملاحظة ولا تخضع للقياس التجريبي. ولذلك تبنت السلوكية، في رصدها للسلوك اللغوي، التحليل الوظيفي الذي يهتم بوظائف السلوك اللغوي في الظروف المختلفة لاستعماله وبتحديد الشروط التي تستعمل في نطاقها الاستجابات اللغوية وما يترتب عنها من نتائج.

قدم شومسكي (1959) نقدا قويا لأطروحة سكينر السلوكية عن اللغة، التي يعدها أحد أشكال التجريبانية. من هذه الانتقادات أن سكينر يذهب إلى أن هدفَه من كتابه عن السلوك اللفظي تقديمُ طريقة للتنبؤ بالسلوك اللفظي عن طريق الملاحظة والتحكم في المحيط الفزيائي للمتكلم، غير أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه من جهتين. أولا، التنبؤ بسلوك نظام عضوي معقد يقتضي، إلى جانب معلومات عن المثيرات الخارجية، معرفة بالبنية الداخلية للنظام العضوي. ومعنى هذا أن سكينر يدرس موضوعا لا يعرفه، ويجعل مساهمة المتكلم بدون جدوى. وقد دفع هذا شومسكي إلى اعتبار السلوكية بدون محتوى تجريبي، لأنها لم تستطع أن تحدد موضوع دراستها، فهي مجال بحث بدون موضوع، رغم تطور أدواتها وإجراءاتها التجريبية. لذلك، فهي علم فارغ، لأن تعريف العلم يكون بموضوعه بالدرجة الأولى لا بإجراءاته.[14]

ثانيا، التنبؤ بالسلوك اللغوي بناء على مثيرات المحيط فقط غير ممكن. فإذا كانت أسماء الأعلام، حسب زعم سكينر، تَنتُج تحت مراقبة مثير معين، شخص أوموضوع معين، فإن المتكلم عندما يستعمل اسم العلم ورززات أو ابن خلدون فإنه لا يستعملهما تحت تأثير إثارة الموضوعين اللذين يوافقانهما، ولا يستحضر بالضرورة الموضوعين الموافقين.

ويلاحظ شومسكي أن مقاربة سكينر القائمة على النظر إلى السلوك/الإجراء اللفظي باعتباره استجابة لصورة معينة مرتبطة وظيفيا بسلوك معين، لا تتضمن أي منهجية لتحديد الوحدات المكونة للسلوك اللغوي. ويرى كذلك أن الزعم بأن التعزيز (القوي) يلعب دورا هاما في التعلم اللغوي لا يوجد عليه برهان تجريبي، كما أن التعزيز مفهوم فارغ لأنه لا يملك مضمونا محددا. إن التعزيز يعمل فقط كغطاء اصطلاحي لأي عامل مرتبط بتعلم السلوك اللفظي، يتم اكتشافه في الأول.

من المشاكل التي تصطدم بها مقاربة سكينر أنها لا تستطيع أن تفسر لماذا يستطيع أطفال مختلفون أن يكتسبوا نفس النحو، وعلى نحو سريع، كما لا تستطيع أن تفسر الطابع الإبداعي للغة المتمثل في أن المتكلم يفهم وينتج جملا جديدة في أوضاع اجتماعية مختلفة ومتنوعة وجديدة لم يسبق له أن جربها قبل. التفسير الطبيعي هو أن الكائنات البشرية مصممة داخليا لتقوم بذلك. ويصل شومسكي (1959-1967: 142) في مراجعته الطويلة لكتاب سكينر إلى خلاصة مفادها "أن الموقف العام [للسلوكية] أسطوري، وأن انتشاره وقبوله لا يرجع إلى دعم تجريبي أو إلى استدلال مقنع أو إلى غياب بديل معقول."[15]

إن الخلاف الأساسي للتوليدية مع السلوكية، إلى جانب كونه منهجيا، فإنه خلاف أنطولوجي مرتبط بتصور طبيعة الموضوع. فالسلوكية ترفض وجود طبيعة خاصة وفردية تميز الكائن البشري، وتختزل هذا الكائن في سلوكات خارجية لا تختلف عن أي سلوك حيواني. ولذلك نظرت إلى اللغة بوصفها معطى خارجيا عن الإنسان. وهذه النظرة، تناقض المقاربة العلمية الطبيعية (scientific naturalism) الداخلية التي تتبناها التوليدية في نظرتها إلى اللغة والإنسان والكون. اللغة من المنظور الطبيعي ملكة معرفية داخلية ذات أساس أحيائي، يملكها الإنسان بحكم تجهيزه الوراثي، وهذا التجهيز هو الذي يحدد كيفية ومراحل نموها، ودور التجربة في هذه العملية محدود جدا.


2. المقاربة المعرفية البنائية لاكتساب اللغة
يعد الموقف النفسي المعرفي البنائي (constructivist) لبياجي موقفا مضادا للموقف السلوكي التجريباني. ويذهب بياجي (1979: 54) أن نقده للتجريبانية لا يكمن في إنكار دور التجربة "ولكن الدراسة «التجريبانية» لتَكَوُّن المعارف تُظهر للتو عدم كفاية التأويل «التجريباني» للتجربة. فليست هناك معرفة نحصل عليها بالإدراكات وحدها، لأن هذه الأخيرة توجهها دائما وتؤطرها خطاطات العمل [...] فالرابط الأساسي المكون لكل معرفة ليس إذن مجرد «ترابط» بين الموضوعات، لأن هذا المفهوم يهمل قدر النشاط الذي يعود إلى الفرد، ولكنه [أي الرابط] «تَمثُّل» الموضوعات من قِبَل الخطاطات التي يملكها هذا الفرد."[16] وهذا المنظور لتكوُّن المعرفة غالبا ما يصنف في الوسط بين نظرية الذهن الفارغ وغير المبنين التي تعود إلى التجريبانيين التقليديين ونظرية الصور الإدراكية القبلية المفترضة عند كانت،[17] التي تبناها ما يعرفون بالفطريون الجدد، وعلى رأسهم شومسكي.[18] والمحور العام لنظرية بياجي يتمثل في فكرة التوازن, التي يصوغها في إطار الافتراض الموجه، البسيط والعادي، الذي يقول :"الحياة أساسا تنظيم ذاتي"،[19] بمعنى أن الأجهزة العضوية لها قدرة داخلية على تنظيم ذاتها بذاتها، وليست المعرفة سوى مجال فرعي للمجال العام للتنظيم الذاتي. وتعد آلية التكيف أساسية ضبط التفاعل مع المحيط. والكائنات التي تتمتع بمرونة كبيرة التكيف مع محيطها الخارجي تنجح في ضمان التوازن المطلوب للحفاظ على نفسها. ويعد "تخصيص أعضاء هذا التنظيم" وتحديد الطريقة التي تنمو بها المعرفة وتتطور الهدف الجوهري لبرنامج البحث المعرفي البنائي.[20] ويشير بياجي إلى أن ما يميز التنظيمات العضوية هو تفاعلها أو "تبادلاتها" مع المحيط الخارجي الذي يعد مكونا أساسيا في البناء المعرفي. ويلخص بياجي أطروحته قائلا: "تظهر العمليات المعرفية، إذن، بشكل متزامن بوصفها نتيجة للتنظيم الذاتي العضوي الذي تعكس آلياته الأساسية وبوصفها الأعضاء الأكثر اختلافا لهذا التنظيم داخل التفاعلات مع الخارج، على نحو ينتهي بالإنسان إلى توسيع هذه التفاعلات مع العالم بأكمله."[21] تختلف هذه الأطروحة النفسية المعرفية اختلافا أساسيا عن الأطروحة السلوكية في تسليمها بأن العمليات المعرفية لها أساس مادي عضوي داخلي هو المسؤول عن تحديد التنظيم، وهي بهذا تلتقي مع الطرح المعرفي التوليدي الداخلي، لكنها تختلف مع هذا الطرح في الدور المتعاظم الممنوح للتجربة الخارجية التي لها مكانة هامة في البناء الداخلي للمعرفة. وتحدد النظرية المعرفية البنائية مجموعة من العمليات التي تسمح بتفاعل المحيط مع النظام العضوي، أهمها التمثل والملاءمة. يعد التمثل جزءا من عملية التكيف، يتم بموجبه دمج المحيط في النظام العضوي. تقول دونالدسون (1983): "... إن أحد أوجه التكيف البيولوجي هو المجهود المبذول في التعامل مع الوسط وجعله ينصهر ضمن البنيات القائمة الخاصة بالجهاز العضوي-وذلك عبر «دمجه» بمعنى من المعاني. ويحدث هذا الدمج، بالمعنى الحرفي للكلمة، عندما يهضم الحيوان طعامه مثلا."[22] وإذا كان التمثل عملية تتجه من المحيط/المعطى الخارجي نحو الجهاز العضوي، فإن الملاءمة هي العملية المقابلة التي تتجه من النظام العضوي نحو المحيط، إنها "المجهود الرامي إلى مطابقة سلوك الجهاز العضوي مع الوسط."[23] تسمح عملية التكيف، باعتمادها على عمليتي التمثل والملاءمة، بالتفاعل مع المحيط، وتسمح، عبر هذا التفاعل، بتحويل/نقل بنيات جديدة من المحيط الخارجي إلى داخل النظام العضوي. البنيات الجديدة المنقولة، يسميها بياجي "ظاهرة-نسخة" (phenocopy)، وتعد هذه النسخة نتيجة لتحول ظاهرة خارجية إلى نمط وراثي وذلك من خلال عملية تمثل واستبدال. وقد بينت الأبحاث المتطور لعلم الأحياء الجزيئي (molecular biology) أن مثل هذا التحول غير ممكن، "فلا يوجد تنظيم إلا على البنيات وبواسطة بنيات موجودة للقيام بالتنظيم."[24] وهذا يعني أن آليات التنظيم داخلية محددة بالقيود التي يفرضها البرنامج الوراثي على النظام العضوي.

وعلى الرغم من اتفاق بياجي مع شومسكي في النظر إلى اللغة بوصفها نتيجة للذكاء أو العقل لا نتيجة للتعلم بالمعنى السلوكي، إلا أن بياجي لا يقبل الافتراض الفطري القائل بوجود ملكة لغوية ثابتة، ولكنها "تشكل النتيجة «الضرورية» للبناءات الخاصة بالذكاء الحسي-الحركي السابقة عن التجربة والناتجة عن التنظيمات الذاتية العضوية والسلوكية التي تحدد هذا التكوين المتتابع."[25] فاللغة بناء معرفي لاحق ينتج عن عملية التنظيم الذاتي وليست نموا لملكة محددة أحيائيا في استقلال عن عملية التنظيم الذاتي التي تلعب فيها البيئة المحيطة دورا في التطور والبناء المعرفيين. إن عملية اكتساب اللغة عند الطفل، إذن، لا تستند إلى قدرات لغوية خاصة، ولكنها تقوم على الذكاء الحسي-الحركي. وما يميز هذا الذكاء هو تطور البنيات الرياضية المنطقية داخله. يقول بياجي: "إن الحجة الحاسمة في وجه الموقف الذي يريد أن يجعل البنيات الرياضية المنطقية مشتقة من الأشكال اللغوية وحدها هي أن البنيات الرياضية المنطقية-خلال التطور الفكري لأي فرد- توجد قبل ظهور اللغة. فاللغة تظهر في منتصف السنة الثانية بعد الولادة. ولكننا [نلاحظ] قبل ذلك، وفي حدود نهاية السنة الأولى، أو في بداية السنة الثانية، أن الذكاء الحسي الحركي يصبح ذكاء عمليا يتمتع بمنطق خاص به، بمنطق فِعْل."[26] ويستدل بياجي على هذا قائلا: "ويؤكد هذا الوضع كوننا نجد لدى الأطفال الصم البكم فكرا دون لغة، وبنيات منطقية دون لغة."[27] بالطبع هذه الحجة خاطئة، لأن الأطفال الصم البكم يملكون لغة هي لغة الإشارة التي لها جميع خصائص لغة الأطفال الناطقين، فاللغتان تمتلكان نفس البنية التركيبية.. الفرق بين لغة الإشارة واللغة المنطوقة ليس في أن الأولى رمزية سميائية والثانية ملفوظة، ولكن الفرق يكمن في طبيعة الوجيهة الحسية الحركية. فإذا كان جهاز النطق هو الوجيهة الحسية الحركية في اللغة المنطوقة، فإنه في لغة الإشارة هو حركات اليدين والوجه. وتشترك اللغتان معا في نفس النظام الحاسوبي المسؤول عن اشتقاق البنية التركيبية، كما تشتركان في وجيهة القصد والتصور.

لقد لاحظ شومسكي، في نقاشه مع بياجي، غياب اقتراح عميق يبين أن "بناءات الذكاء الحسي الحركي" يمكنها أن تساهم في تفسير الإشكالات اللغوية الجوهرية.[28] فليس هناك تفسير مقنع يفسر أن الخصائص البنيوية للغة، بوصفها عضوا ذهنيا، تنتج عن آليات التنظيم الذاتي ولا تنتج عن خصائصِ الجهاز العضوي البنيويةِ الخاصة بالنوع البشري والمحددة وراثيا، هذه الخصائص التي يصطلح عليها بالنحو الكلي. ويُرجع شومسكي هذا الرفض الشائع لمقاربة اللغة والمعرفة، عموما، مقاربة علمية طبيعية إلى بعض الخصوصيات التي تميز العلوم الإنسانية وتاريخنا الفكري، التي تتمثل في الزعم أن البنيات المعرفية التي يطورها الذهن ينبغي أن تدرس وأن ينظر إليها بشكل مختلف عن البنيات العضوية التي يطورها الجسم.

ولقد قدم شومسكي مجموعة من الأدلة التجريبية التي تدل على أن خصائص اللغة ومبادئها مرتبطة بالبنية الداخلية للغة لا بالتفاعل مع المحيط أو بآليات حسية حركية.

3. المقاربة المعرفية التوليدية
يخضع برنامج البحث التوليدي في توجهه المعرفي للفكر العقلاني الذي يجد جذوره الفلسفية في أعمال ديكارت وغيره من الفلاسفة العقلانيين الذين حملوا إرثه بشكل من الأشكال.[29] وتتميز العقلانية التوليدية بمقاربتها العلمية الطبيعية للمعرفة، وللغة على وجه الخصوص. ولذلك يرفض شومسكي الحديث عن ما يعرف بـ"الأفكار القبلية"، بالمعنى التقليدي، أو ما يعرف بـ"الافتراض الفطري" الذي ينسبه إليه كثير من الباحثين، الذي يعني أن هناك بنية فطرية هي المسؤولة عن اكتساب المعرفة اللغوية.[30] فالقضية الجوهرية بالنسبة للمقاربة التوليدية للمعرفة ليست هي معرفة ما إذا كانت هناك بنية فطرية معينة يشكل وجودها شرطا سابقا للاكتساب، فهذا أمر بديهي، ولكن المشكل الحقيقي هو أ ن نعرف ما هي هذه البنية وما هي خصائصها.[31] لذلك، بدل الحديث عما يسمى بـ"الافتراض الفطري"، تفضل التوليدية الحديث عن الحالة الذهنية الأولى المحددة وراثيا لاكتساب اللغة، أي ما يعرف تقنيا بالنحو الكلي. من هذا المنظور، تعد المقاربة التوليدي طبيعية، لأنها تنظر إلى اللغة بوصفها عضوا ذهنيا طبيعيا، يشكل جزءا من النظام العضوي البشري، وبحكم ذلك فإنها تتبنى النهج العلمي المستعمل عادة في العلوم الطبيعية. وتتميز هذه المقاربة المعرفية المؤطرة بالمنظور العلمي الطبيعي، عن المقاربة السلوكية والمقاربة المعرفية البنائية بكونها لا تسند أي بنية خاصة بالمحيط الخارجي. البنية المعرفية ومبادؤها معطى داخلي يحدده النظام العضوي المحدد وراثيا. المعرفة مسقطة من النظام العضوي، الذي يشكل الفكر/الدماغ جزءا منه، وغير مستمدة من التجربة. إن دور التجربة محدود في تشغيل المعرفة المحددة وراثيا. فعدم امتلاك الإنسان أجنحة للطيران يحدده البرنامج الوراثي للنظام العضوي البشري لا التجربة. ويمكن إخضاع الإنسان إلى ما لا نهاية من التجارب ليكتسب القدرة على الطيران لكنه لن يفلح، لذلك عوض ذلك باختراع الطائرات. وكذلك أخضعت كائنات حية أخرى، مثل القردة والدلافين، لتعلم اللغة لكنها لم تستطع امتلاك معرفة لغوية مماثلة لما يملكه الإنسان، وهذا متوقع لأن هذه الكائنات غير مجهزة وراثيا لكي تتكلم مثل الإنسان. فالمشكل إذن عضوي داخلي، لا تجريبي خارجي. ومساهمة التجربة محصورة في أنها تثير (tiggers) البنية الداخلية. فالمعطيات اللغوية التي تقدمها تجربة/عشيرة لغوية معينة لا تحدد البنية الداخلية للغة ولا طريقة اشتغالها، ولكنها ضرورية لتبدأ هذه البنية في العمل.

إن التوجه العقلاني التوليدي لا ينفي التجربة، إذن. فالتجربة لها مكانتها في عملية الاكتساب اللغوي، من جهة أن مبادئ النحو الكلي/الحالة الأولى تنطبق على المعطيات اللغوية الأولى التي تقدمها عشيرة لغوية معينة، كما أنها من الناحية المنهجية تلعب دورا في إعطاء محتوى تجريبي للافتراضات النظرية. إن ما ترفضه التوليدية هو النظر إلى التجربة باعتبارها مصدر المعرفة، أي أن تكون أساسا مذهبيا لقيام المعرفة، كما هو الشأن بالنسبة للمذهب التجريباني. والتجربة التي يعمل عليها التوليدي تجربة مجردة ومحدودة جدا. فرغم أن الواقع اللغوي غير متجانس، فإن اللسانيات التوليدية تفترض واقعا متجانسا بحكم أن النحو الخاص الذي يصل المتكلم إلى بنائه يتمتع بقدر كبير من التجانس. لذلك تفترض هذه اللسانيات أن موضوعها هو المتكلم المستمع المثالي الموجود في عشيرة لغوية متجانسة. وبناء على ذلك، لا تتعامل اللسانيات التوليدية إلا مع المعطيات التي تراها ورادة بالنسبة إليها، أي واردة بالنسبة إلى بنائها النظري وإلى الافتراضات التي توجه هذا البناء، والوقائع اللغوية خارج هذا البناء لا قيمة لها. يقول شومسكي "لا أولي أهمية كبرى لموضوعية المعطيات اللسانية مقارنة بالأهمية الكبرى التي أوليها للعمق التفسيري وللمبادئ."[32] وتنظيم الوقائع اللغوية في حد ذاته غير هام، الهام هو اكتشاف وقائع جديدة "حاسمة لتحديد البنيات الخفية الأكثر عمقا" على نحو مماثل لما يوجد في الفيزياء.[33] إن "رصد «جميع وقائع» العالم الفزيائي لم يكن أبدا هدف الفيزياء بالمعنى الذي يظن به كثير من اللسانيين أن النحو يجب أن يرصد «جميع وقائع» اللغة واستعمالها."[34]

لا تنكر التوليدية أن للغة أبعادا عديدة، اجتماعية وثقافية وتواصلية وجمالية وأدبية وغيرها، لكن المعطيات التي تقدمها هذه الأبعاد غير واردة بالنسبة للمشكل الذي تحاول تفسيره المتمثل في كيفية اكتساب الطفل اللغة وفي تحديد المبادئ التي تحكم هذا الاكتساب.

4. نظرية اكتساب اللغة التوليدية: إشكالات فلسفية ومنهجية
قبل ظهور اللسانيات التوليدية كانت دراسة اللغة في الجامعات الأمريكية موكولة إلى الأقسام المهتمة بالثقافة، وكان مجال علم النفس خاضعا للأنموذج السلوكي. ومساهمة اللسانيات التوليدية فيما يعرف بـ"الثورة المعرفية"، التي عرفتها الخمسينيات من القرن الماضي، تكمن في الربط التصوري بين اللسانيات وعلم النفس، أي بين نظرية اللغة ونظرية اكتساب اللغة أو استعمالها. فلا معنى لهذا التمييز، لأنه لا يمكن لأي حقل معرفي أن يهتم باكتساب أو استعمال المعرفة دون أن يهتم بطبيعة هذه المعرفة. لقد أصبح علم النفس في التصور التوليدي علما يهتم بالمعارف الذهنية الداخلية المحددة وراثيا، وبما أن اللغة تعد معرفة ذهنية فطرية، فقد أصبحت دراستها (أي اللسانيات) جزءا من علم النفس.


1.4 الاكتساب التابع للبنية في مقابل القياس
لم يهتم علم النفس، سواء السلوكي أو البنائي، بدراسة بنية اللغة ومبادئها الداخلية. فقد ربطها الأول، كما رأينا، بالآلية العامة، مثير-استجابة المحددة لأي سلوك (/معرفة)، ويتم التعلم ضمن هذه الآلية عن طريق التكرار والتعزيز؛ وقد ربطها الثاني بإجراءات النمو الحسي-الحركي العام. ويتفق التصوران النفسيان معا في عدم تحديد بنية لغوية خاصة مسؤولة عن الاكتساب، كما يشترك التصوران معا في الفراغ التجريبي لمقاربتهما. فلا سكينر ولا بياجي استدلا تجريبيا على كيفية اشتقاق قواعد اللغة من التكرار أو من النسق الحسي الحركي المرتبط بالمحيط الخارجي. فهل فعلا يرتبط اكتساب اللغة بالتكرار أو بالقياس؟ لنتأمل المعطيات التالية:

1) أ. تظن المرأة أن الرجل يحب نفسه
ب. *تظن المرأة أن الرجل يحب نفسها

نلاحظ من خلال المقارنة بين هذه الجمل أن العبارة المنعكسة (reflexive) نفسه في العربية تعود على الاسم الذي يسبقها، بدليل لحن (1ج،د). وبناء على ذلك، يمكن وضع القاعدة التالية:

(2) قاعدة الانعكاس1
في بنية منعكسة، اربط العبارة المنعكسة بالاسم الذي يسبقها

قياسا على ما يوجد (1)، يبدو أن معطيات اللغة العربية تدعم القاعدة (2)، كما يتجلى ذلك في (3):

(3) أ. يظن الرجل أن المرأة تحب نفسها
ب. *يظن الرجل أن المرأة تحب نفسه
لكن، لننظر إلى معطيات أخرى أكثر تعقيدا، كما في الجمل التالية:

(4) أ. تحب زوجةُ سالم نفسَها
ب. *تحب زوجةُ سالم نفسَه
(5) أ. يحب نفسَه سالمٌ
ب. * يُحب نفسُه سالما

تبين المعطيات الواردة أعلاه أن القاعدة (2) المبنية على الترتيب الخطي للمنعكس ومربوطه الملاحظ في (1) والمتكرر في (3)، غير سليمة، بدليل أن الجملة (4ب) لاحنة رغم احترامها للترتيب الخطي الوارد في (1). فإذا أردنا أن نبني نظرية لاكتساب اللغة مبنية على ملاحظة السلوك الظ اهر للغة وعلى تكرار المعطيات المتشابهة والقياس عليها، فإننا لا نستطيع تفسير لحن (4ب،5ب). وعليه، فإن تفسير السلوك غير الموحد للمعطيات المتنوعة الواردة في (1)-(5)، يمكن رده إلى وجود بنية مجردة، يُفترض أنها ممثلة في ذهن المتكلم الذي يتعامل مع المعطيات انطلاقا منها. وعليه نفترض أن القاعدة التي تتحكم في علاقة الربط بين المنعكس والاسم الذي يربطه هي التالية:[35]

(6) قاعدة الانعكاس2
في بنية منعكسة، اربط العبارة المنعكسة بالاسم الذي يعلوها شجريا
ويتحكم فيها مكونيا

العلو الشجري يفترض وجود بنية شجرية عامة تحكم اللغة العربية، وباقي اللغات الطبيعية، أي بنية شجرية تعد جزءا من النحو الكلي (جزءا من التجهيز الوراثي للإنسان)، وهذه البنية هي خطاطة س-خط أو البنية العارية للمركبات، أو أي بنية مشتقة منها أو مماثلة لها. العلو الشجري لا يفسر لحن (4ب) ولا يفسر سلامة (5أ) لأن المركب الاسمي سالم يعلو عبارة الانعكاس ومع ذلك فإن الجملة لاحنة، كما أن العبارة المنعكسة تعلو المركب الاسمي سالما الذي يربطها ومع ذلك فإن الجملة سليمة. ومعنى هذا أن هناك قيودا مكونية معينة هي التي تحدد العلو الشجري، وهي التي عرفت بالتحكم المكوني.[36] وعليه، فلحن (4ب) يرجع إلى أن رأس المركب الحدي أمُّ (المركب الإضافي) هو الذي يتحكم مكونيا في المنعكس، وترجع سلامة (5أ) إلى أن المركب سالم يتحكم مكونيا في المنعكس في أصل البنية وأن هذه البنية التي يتقدم فيها المنعكس بنية مشتقة بقاعدة تحويلية.

وتبين ظواهر النقل في اللغات الطبيعية أن اكتساب اللغة مبني على مبادئ مجردة لا على القياس أو الاستعمال، كما تبين ذلك الجمل التالية:

(7) أ. اشترى الطالب الكتاب
ب. الكتاب اشترى الطالب





  • 1 محمود الشمري 10-06-2010 | 12:08 AM

    بالتوفيق يا دكتووور

  • 2 خضر بركات 24-11-2010 | 05:40 PM

    نشكر الدكتور غسان على هذه الافاده القيمة وجزاك الله خيرا

  • 3 سيد احمد 11-04-2012 | 12:24 AM

    جزاك الله خيرا يا دكتور، هلا نشرتم الكتاب كاملا لتعم به الفائدة، و إلا فأخبرونا كيف يمكن الحصول عليه.

  • 4 سيد احمد 11-04-2012 | 12:58 AM

    جزاك الله خيرا يا دكتور، هلا نشرتم الكتاب كاملا لتعم به الفائدة، و إلا فأخبرونا كيف يمكن الحصول عليه.

  • 5 بسمة 13-05-2012 | 03:46 AM

    نعتذر

  • 6 13-05-2012 | 03:49 AM

    رائع

  • 7 بسمه 13-05-2012 | 05:32 AM

    نعتذر

  • 8 بسمة العثماني 14-05-2012 | 07:54 AM

    بارك اللـــه بك يادكتـــــور ونفعنا بك ,, اتمنى لك التوفيـق ,, ونشكرك على مسـاعدتك لـــــنا في المحاضـرات ,, لك تحياتنا.

  • 9 بنت ينبع 07-12-2012 | 01:26 AM

    برك فيك يادكتور واتمنى لك التوفيق

  • 10 بنت ينبع 07-12-2012 | 01:28 AM

    بارك الله فيكك دكتور واتمنى لك التوفيق ونشكرك على جهودكك

  • 11 د. ماهر ذيب أبو شاويش 23-12-2012 | 09:12 PM

    د. غسان الشمري بحر اللسانيات وفقه اللغة
    بارك الله فيك وزادك علماً

  • 12 bababn 13-11-2016 | 12:10 PM

    سلام عليكم، بارك الله.
    دكتور لازم بعد خلاص مقالة أو كتاب نشر مصادر


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :