facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شقيقة نعمان


عامر طهبوب
06-09-2021 12:43 AM

وقفت على ظهر «الصهاة» في قرية «الوسيّة» من أعمال جلعاد، في طقس ربيعي مدهش. حملت معي «ثيرموس» من الشاي. أوقفت سيارتي جانباً، وترجلت مسافة أمتار لأتفيأ بظل شجرة زيتون عتيدة تنتشر حولها أزهار الربيع، وتنبت من بين صخرة مجاورة شقيقة نعمان. خرجت عجوز بثوبها الجميل ووجهها البشوش مرحبة بي، فاستحييت، واستأذنت بالجلوس للتمتع قليلاً بجمال الله في خلقه، قالت العجوز: «هذه أرضك، والبيت بيتك، حلّت علينا البركة»، وأصرت على إعداد قهوة تشربها بصحبتي. عادت تحمل دلة من القهوة بصحبة ولدها الشاب، وضعت القهوة أمامي وهي ما زالت ترحب بوجهها البشوش البهي المضيء، وجلس ولدها إلى جانبي يحتسي القهوة فيما عادت والدته إلى بيتها ملهوفة مسرعة، تبادلت وإبراهيم أطراف الحديث واستأذنت بالانصراف شاكراً ممتناً، فقال: إلى أين؟ قلت: سأنصرف، قال: «مستحيل، هذه المرأة قد تطلق علي النار إن أنا أطلقت سراحك، أنا هنا لمنعك من الذهاب، الحاجة تعد لك طعاماً، ولن تنصرف دون أن تأذن لك «أم محمد».

أخذت ألوم نفسي، وأقول لها: لو لم تتطفلي، لما تغلّبت هذه العجوز هذه «الغلبة». نادت العجوزعلى ولدها، فقفز مسرعاً، وعاد بصحبة أمه يحملان الطعام، «عكوب» طازج باللبن الجميد بريش لحم ورقاب خاروف، وأرز وخبز صاج شهي. لم يكن لدي خيار سوى الاستجابة لقسم العجوز الشابّة، أن تأكل و»تزوّد»، حتى شربت كوباً من الشاي من إعداد تلك اليد المباركة، وتسألني عن أحوالي وعن أبنائي. قبلت رأسها بعد أذنت لي بالانصراف وهي تستحلفني بالعودة. قدت سيارتي حتى وصلت إلى مخرج القرية الذي هو مدخلها، حالها حال «بصيرا» من أعمال الطفيلة، مدخلها مخرجها، تلك قرى تشعرك أنك عابر إلى بيت كبير. أوقفت سيارتي، ووضعت رأسي على المقود، وأجهشت بالبكاء.

هناك في «الوسيّة»، تنطلق الروح كفرس جموح، بهية تلك «الوسيّة»، وديعة وعصيّة، وهناك في «الوسيّة»، حُنوّ و»حنيّة»، وأزهار برية، وشقيقة نعمان.

والله من وراء القصد

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :