facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لو كنت عراقياً!!


ماهر ابو طير
25-06-2010 04:14 AM

كنت في الطابق الثامن من وزارة الاعلام العراقية ، والساعة تشير الى العاشرة ليلا ، من عام ثلاثة وتسعين ، وانا انتظر لاقابل وزير الاعلام العراقي ، آنذاك.

لحظات مرت كنت احاوره حتى جاء السؤال الذي اثار جنون الوزير رغم انه سؤال من حق اي صحفي ان يسأله ، فينفي الوزير المعلومة او يؤكدها ، يومها سألت الوزير هل سيقيم العراق اي علاقة مع اسرائيل في المستقبل ، والسؤال بلا شك حساس ومحرج ، غير انه يبقى سؤالا ، فأحمرّ خدّا الوزير ، وقال انني لو لم اكن ضيفا على العراق لتم رميي من الطابق الثامن حيا ، مضيفا انني "لو كنت عراقيا" لتم اعدامي رمياً بالرصاص ، وارغى وازبد وانهى المقابلة ، بطريقة خشنة ، وخرجت وانا احمد الله انني لست عراقيا ، في تلك اللحظة ، على الاقل ، على الرغم من عشقي الشديد للعراق.

التغطية الصحفية في العراق من اخطر التغطيات ، وذات يوم من عام خمسة وتسعين ، كنا قرب البصرة بانتظار الحافلة لزيارة منطقة الحدود العراقية الكويتية ، لرؤية "الخندق" الذي حفره الكويتيون على الحدود ، يومها وصلنا ظهرا ، ووجدنا مئات المزارعين العراقيين الذين بدأوا بالتظاهر لحظة رؤية وسائل الاعلام ، وحملوا على اكتافهم انابيب ري الماء البلاستيكية السوداء من الحجم المتوسط ، وتوجهوا الى "الخندق" من اجل عبوره باتجاه الكويت ، فيما ردت القوات الكويتية والدولية باطلاق كميات هائلة من الرصاص ، ظنا من بعضهم ان المزارعين العراقيين يحملون اسلحة على اكتافهم ، يومها كان يوماً لم أرَ مثله في حياتي ، فالرصاص ينهمر من كل جهة ، والغبار يقتل الانفاس ، ولا تعرف هل ستعود حيا ام ميتا.

سافرت الى العراق لاول مرة بالطائرة ، في طائرة كسر الحصار ، الاولى اردنياً ، ولاول مرة ارى بغداد الفاتنة من الجو ، كان قلبي يخفق بشدة ، لاني احب بغداد ، ولان الزيارة تكسر الحصار ، وكم كان مثيرا رؤية جداول الماء والنخل من السماء ، وفي تلك الزيارة جرت مفاوضات حول تزويد الاردن بالنفط ، وكان الوفد الاردني برئاسة رئيس الحكومة يحظى بتكريم عراقي رسمي في احد المطاعم ، غير ان حظي العاثر قادني الى المطبخ ، بدلا من "التواليت" الذي كنت انوي الذهاب اليه ، لارى وزير النفط العراقي يستشير مسؤولا عراقيا اعلى بشأن سعر النفط النهائي الذي سيتم منحه للاردن ، وخفضه من تسعة عشر دولارا الى خمسة عشر دولارا ، عبر هاتف موجود على نافذة الخدمة في المطبخ ، وهو مكان لا تصدق ان استشارات نهائية تجري فيه وعبره ، وقفت لاتسمّع المكالمة ، حتى باغتني ضابط عراقي ، وامسك بي بعنف ، مهددا متوعدا ، لولا تدخل الوزير العراقي وحله المشكلة ووجهه يقول انه لا يريد ان يحلها ، لولا حرج المناسبة.

بغداد تحت الاحتلال قصة اخرى ، فقد سافرت بالطائرة الى بغداد ونحن صائمون في رمضان الفائت ، وحين تهبط الطائرة في مطار بغداد الدولي ، تتذكر صواريخ المنطقة الخضراء ، وصواريخ التنظيمات ، ويتسبب الموكب المكون من اربع وعشرين سيارة مصفحة ، وفوقها طائرات هليوكبتر وبالونات حساسة للصواريخ ، باثارة الذعر في قلبك ، ولا تنسى وانت تتناول افطارك في المنطقة الخضراء ، فقراء العراق وشهداء البلد العزيز ، والمنكوبين والجرحى والمرضى والايتام ، ومليون ارملة ، ولا تأكل السمك لانك تتذكر النهر المبتلى بالجثث وبالحزن والبكاء ، ويغص قلبك لاجل العراق ، الذي لم ير يوما مريحا ، وكأن قدر العراق ان يبقى "ركعتي عشق" لا يصح وضوؤهما الا بالدم.

"لو كنت عراقيا" لاعتذرت للحسين ولموسى الكاظم ولجعفر الصادق وبشر الحافي وابي حنيفة وعبدالقادر الكيلاني ، عن كل هذا الدم المسكوب من اكف الشهداء من كربلاء الى بغداد ، المنساب كنهر جارف منذ الف عام ، واكثر ، ولسكبت دمعة في بئر الكوفة العذبة ، ولقلت للنخل العراقي.. "اذا انحنيت انت فمن بعدك له قامة بين القامات".

يا لدم الحسين الذي لا يجف ابداً.

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :