facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بالفِكر والفِكَر .. لا «بالجَكَر»


عامر طهبوب
13-10-2021 12:02 AM

«المواطن السماعي» هو عنوان مقالة نشرها معلمي، ورئيسي في أول عمل شغلته في حياتي في مجلة العربي الكويتية، الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي، وهو مفكر بكل ما تحمله كلمة التفكير من معنى ومن مبنى. العنوان كما أشار الكاتب في مقالته التي نشرتها «النهار» اللبنانية، ليس له، وإنما هو من سلسلة حلقات بثها الكاتب المصري المعروف علاء الأسواني، صاحب «عمارة يعقوبيان» و»شيكاجو» و»جمهورية كان» على «يو تيوب».

الفكرة بمجملها تتحدث عن ما دَرَجتُ على تسميته «الثقافة السمعية»، وهي ثقافة عربية بامتياز، تقوم على بناء صور نمطية وأفكار ومعتقدات من خلال الأذن، يتم تداولها وتناقلها، وتصبح «تابو» يصعب إعادة بنائه أو هدمه. بناء هلامي من ثقافة الآذان، لا من دفات كتب بحثية، أو مصادر معرفية موثوقة، أو وسائل لها مصداقيتها. الأسواني ضرب أمثلة أعاد الرميحي ذكرها، ومنها مقولة «غولدا مئير» أن العرب سوف يهزمون إسرائيل إذا كان عدد من يصلي الفجر في الجوامع يماثل من يصلون الجمعة، أو ما قيل على لسان هيلاري كلينتون: «نحن من خلقنا داعش»، أو «نحن من أوجد الربيع العربي»، وأضيف أنا ما نسب إلى موشيه دايان: عندما ترون العرب يقفون بانتظام في طابور على موقف الباص، ابدأوا بالخوف منهم، أو «إحسبوا حسابهم»، وتلك كما قال الرميحي، وكما أقول، مقولات ملفقة لا تستند إلى سند صحيح.

لقد قيل عن الحجاج ما لم يقله، ونسب إلى «جحا» ما ليس فيه، وترددت أمثال على الألسنة باعتبارها أحاديث نبوية، وتناقلها السامعون، وتم نسبها إلى الرسول الكريم، والسند واحد وحيد هو الإذن، وليس البخاري.

الأسواني يرى أنه «لو تغيرت طريقتنا في التفكير فإن كل شيء سوف يتغير»، والرميحي يرى أن ذلك يعد تبسيطاً قد يكون مخلاً، وأتفق مع رؤيته التي تقول أن الفكرة الأساس تنطلق من مبدأ تغير مناهج التعليم والإعلام في مجتمعاتنا، وخلق ما أسماه المفكر الكويتي «المناعة المعرفية»، وهو ما اعتبره «مأزق حضاري» يعد طريق الخروج منه طويلاً لإحداث صدمة في التفكير تقود إلى التغيير «في التفكير، وثانياً برنامج لهذا التغيير»، وأشار في سياق مقالته إلى ما تناقله البشر من تحليلات مختلفة ومتضاربة حول أسباب توقف خدمات «فايسبوك» و»واتساب» و»إنستغرام». الحقيقة أنني صدمت بعددٍ من المثقفين وقادة رأي نشروا على حساباتهم في «فايسبوك»، صورة الطفل الصيني «سن جي سو» ابن الثالثة عشرة، وقالوا إنه سبب انقطاع الخدمات، وأن «سو» هو «هَكَر» بالغ الذكاء، وسبق له أن قام بعمليات مماثلة في وطنه، ولم تكن هذه هي الحقيقة، فالحقيقة تقول أن «سو؛ مش عارف شو»، لا يدري ما حدث وكيف حدث، ولكن الشائعة انتشرت كالنار في الهشيم، وتم تناقلها ونسبها إلى «رويترز»، في حين خرج «مارك زوكربيرغ» الرئيس التنفيذي لموقع «فايسبوك» يؤكد أن السبب هو تغيير خاطيء في إعدادات خوادم تربط المنصات بمستخدميها من خلال شبكة «إنترنت».

ويشير الدكتور الرميحي في مقالته إلى كتاب «المنطقة المعتمة»، الصادر مترجماً عن سلسلة عالم المعرفة في الكويت عام 2019، للكاتب «فرد كبلان»، والذي يتحدث فيه عن معاناته في جمع مادة الكتاب، وموضوعه أسرار الفضاء، حيث يؤكد أن كل ما قدمه للقراء، ما هو إلا رأس جبل الجليد، ويختم الدكتور الرميحي مقالته بالقول: «لا أعتقد أن أياً من المعلقين الذين استمعت إليهم في موضوع «فايسبوك»، قد اطلع على هذا الكتاب، وهذا - والقول للرميحي - هو الفرق بين التفكير «السماعي»، والتفكير «المنهجي» الذي نفتقد.

التفكير العلمي لا يقوم على شائعات «هَكَر»، وإنما بإعمال العقل، وإجادة التفكير، وبناء المعرفة، وصدمات - كما قال الرميحي - في التفكير وفي مناهج التعليم، وفي التعليم، الذي يمكن أن يقود للتغيير، وليس بمعلومات مستقاة من الأذن. بالتفكير والتفكر وحسن الفِكَر، لا «بالجَكَر».

والله من وراء القصد

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :