facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تطيير حمام بيوم السلام


رمزي الغزوي
21-09-2010 03:42 PM

دعيت اليوم لأكون مع مجموعة من المتحمسين لتطيير حمام قرب المدرج الروماني وسط عمان، احتفاء بيوم السلام العالمي. ولأني أخشى أن أتغيب عن هذه التظاهرة الحمامية، أرجو أن أطير سلفاً هذه المقالة احتفاء مني بعالم بات يعاني نقصاً حاداً ومتفاقماً بأكسجين بالمحبة، ويواجه اختناقاً محكماً بكربونات الحروب والكروب.

ربما كان لا بد لنا أن نجعل يوماً للحب، حتى لو كان يوما ملفقاً أو مصطنعاً أو هجيناً، يوما نتبادل فيه ورودنا البلاستيكية العقيمة، بكثير من الغباء والبرود. وكان لا بد لنا أن نختلق يوماً عابراً وطارئاً على رزنامتنا، نسميه يوم السلام العالمي (أهلين سلام عالمي)، كي نصحو من يومنا، ونغسل بقايا النعاس عن جفوننا المتورمة ونقول: عمت صباحا أيها السلام العالمي. وعمت حماماً في المساء ايضاً!. ففي الواحد والعشرين من كل سبتمبر نحتفل بيوم السلام. ألهذا الحد وصلنا في التزييف والتسخيف.. فعن أي سلام يتحدث هذا العالم؟!!.

من جانب بعيد، لا أسمع أحداً يتكرم على السيدة (الحرب)، ويمدحها بكلمة صغيرة، لا أحد يتكرم عليها ذات مساء أحمر ويقول: يعطيك العافية أيتها الضروس، وعمتي مساء أيتها القاحطة. يا للخجل، لا أحد يقدر صنائعها في حياة الناس وفي كرة الأرض، ولا أحد يعرف فضلها على سكون هذا العالم الرديء!!.

هي الحرب أيها السادة، تصحو قبل عصافير الفجر، لأنها مجتهدة كأم لعشرة أطفال، وحامية كشمس تموزية، ومثابرة كسلحفاة عجوز، ومع هذا لا تتلقى مديحا أبداً، الكل يتمنى لها موتاً سريعاً كجمرة يدهمها الماء!. ولا أحد يقدر قيمتها، عندما تربت على أكتاف حفاري القبور المعفرين بالجوع والعناء، ولا أحد يشكرها إذ تنشط حرفة تجهيز التوابيت، أو عندما تشيط بأسعار قماش الأكفان وشواهد الرخام، أو عندما تروّج سوق الأطراف الصناعية، وسوق الذباب بجثث العراء عديمة الرؤوس، لا أحد ينحني لها عرفانا إذ ترسم ابتسامة بلهاء على وجه جنرال غبي يتبجح بانتصارات زائفة!!.

أيها السادة المحتفلون بيوم السلام: الحرب بارعة ببث زوامير سيارات الإسعاف في الطرقات، وبارعة بتشيد بيوت قميئة للأيتام، وباهرة أكثر إذ تجعل الفضائيات المهرافة على قيد كل هذا العمل الممل، ومع هذا لا أحد يربت على كتف هذه السيدة، مع أنها تلهم القادة الكبار لإلقاء خطب نارية عن مساوئ السلام

إنها الحرب يا سادتي الكرام، تلك السكرتيرة الرزينة التي تصبر الفتيات لانتظار أحبابهن في الجبهات البعيدة، هي الحرب سيدة الحضور الإنساني الجديد!!، إذ تثير أسئلة واخزة في نفوس الأولاد، الذين اعتادوا أن تأتي التوابيت ملفوفة بالأعلام، فكيف لا يفرح الصغار بهذه الألوان؟!!، لا أحد يربت على كتف الحرب، الكل يطالبها أن تسقط راءها؛ لتصبح الحب:يا للمهزلة.. هل ما زال هناك يوم للسلام يزاحم هذه النيران؟؟!!!.

من عجائب هذا العالم، أنه كلما شعر بدنو أجل الأشياء الجميلة والنبيلة، وأنها آيلة للانقراض الأكيد، والسقوط المريب في لجة النسيان، جعل لها يوما للذكرى يحتفل به كل عام بخطب عصماء وبلهاء وتطيير حمام. فرحمة الله عليه!!.

ramzi972@hotmail.com





  • 1 فاطمة 21-09-2010 | 03:52 PM

    والله ما أجمل ما قرأت
    سلم هذا القلم الأردني المبدع

  • 2 راشد سوالمة 21-09-2010 | 03:54 PM

    متألق كالعادة أبا خالد


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :