facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين شرق وغرب


رمزي الغزوي
05-11-2010 02:09 AM

عندما التقى عالم الفيزياء الشهير ، آينشتاين ، الشاعر الهندي العظيم ، طاغور ، قال له ، مداعباً: "إنكم ، في شرقكم ، تنعمون بضوء القمر الرخي البهي". فأجابه طاغور ، بحسرة: "وأنتم ، في غربكم ، تنعمون بالشمس الساطعة". لكن هل ما زال الشرق شرقاً والغرب غرباً ، ولن يلتقيا ، حتى بعد كل هذا الامتزاج المكاني ، والزماني الذي نحياه ويحيانا؟ أم إن هذا الزمن التكنولوجي الرقمي المتسارع ، الذي طوى ، تحت إبطه الجغرافيا ، وخرائطها ، ووحد الجهات ، ولاشى المسافات ، حتى غدت الأرض نقطة واحدة لا أبعاد لها؟

عندما يقولون إن الأرض صارت قرية صغيرة ، أرجع بمخيلتي إلى القرية أيام زمان ، حيث كان يمكنك ، ومن أمام عتبة الدار ، أن تخمًّن نوع طبخة جيرانكم ، فالرائحة تنتشر بسرعة الريح. ومن شباك البيت تحزر أن مختار القرية دخل دار أبو العبد ، كي يصلح ذات بينه مع أم العبد ، على خلفية المعركة الصباحية ، بينهما ، التي راح ضحيتها ما لا يقل عن عشرة صحون وابريق فخار.

نعم ، عالم اليوم أقل من قرية. ففي قرية أيام زمان ، كان يصدف أن ينطمر ، أو أن يتوارى سر من الأسرار ، كلقاء قاسم وسلمى في كرم الزيتون ، أو عند عين الماء. أما اليوم ، فالكرة الأرضية تبدو كحبة برتقال تحتويها راحة الكف ، فتحيط أسرارها وأخبارها من كل الجهات.

أعود إلى آينشتاين وطاغور ، فعندما قالا عن الشرق بأنه روحاني ، يعتني بالروح والمشاعر والأحاسيس ، ولا يأبه ، كثيراً ، بالعقل ، وإبداعاته وإنجازاته ، فيما ادعيا أن الغرب يعنى بالعقل والمادية والعلم ، ولا يحفل بالروح وهمساتها.. فبسبب هذه النظرة الاستراتيجية ، الروح ، والعقل ، يرجع البعض تقدم الغرب وتخلف الشرق.

كلمتا آينشتاين وطاغور اختصرتا بنية الشرق والغرب ، فالقمر يمثل الروحانية ، بما فيها من رقة وسمو وأثيرية ومزاجية ، أحياناً ، والغرب تمثله الشمس ، بكل سطوعها وقوتها وصرامتها ، لكن الإنسان سيظل إنساناً ، إذا ما قدر على المزاوجة والمواءمة بين الجانبين المتضادين: الروح ، والعقل. فغالباً ما يزدهر جانب على حساب الآخر.

الغرب عاش حياة عقلية بحتة ، موضوعية ، عملية ، وفق منطق العلم الصارم.. عاش مبتعداً عن روحه ، بل مريضاً ، بها ، أكثر أوقاته ، لكنه تقدم وتطور ، فيما الإنسان الشرقي ، السعيد في فردوسه الروحي القمري ، وجد نفسه ، فجأة ، عاجزاً عن الاكتشافات والإبداع.

من الصعوبة أن نفاضل بين الروح والعقل ، فالإنسان ، إذا نأى عن روحه ، غدا جهازاً من الأجهزة ، أو آلة من الآلات ، وكذلك إذا نأى عن عقله ، فإنه سوف يحيا حياة أشبه ما تكون بحياة الجنين ، التي هي حياة حلم لاواعية.

الغرب تفوق وتقدم وقاد الإنسانية ووجهها كيف يشاء ، وأرى أنه سينجح أكثر إذا ما عاد إلى روحانية الإنسان ، فما أحوجنا ـ نحن البشر ـ إلى معادلة دقيقة تدلنا كيف يمكننا المزاوجة بين عقولنا وأرواحنا،.

ramzi279@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :