facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




محمود أمين العالم: كيف يقرأ العلاقة بين الأدب والواقع!


يوسف عبدالله محمود
08-02-2023 03:05 PM

محمود أمين العالم ناقد أدبي كبير لعب دوراً كبيراً في الحياة السياسية والفكرية والأدبية المصيرية المعاصرة. في قراءته للعلاقة بين الخطاب الروائي والواقع يرفض ما دأب عليه بعض نقاد الأدب من أنه انعكاس للواقع. وفي رأيه "لا يكون الواقع الروائي او الأدبي تقليداً للواقع المعاش بالمعنى الافلاطوني او الأرسطالي، ولا يكون كذلك استنساخاً آلياً أو انعكاساً مِرآوياً او مجرد انعكاس جدلي للواقع". (كتاب "الرواية العربية بين الواقع والأيديولوجية ص 16)

كلمة "انعكاس" تفقد الأدب فنيته. الأدب كما يراه هو "معلول إبداعي" لهذا الواقع وعلّة فاعله فيه كذلك. العالم لا يستملح كلمة "انعكاس للواقع".

وفي حديثه عن ضرورة أن يشتمل العمل الإبداعي على مسحة من الأيديولوجية يرى ان أيديولوجية العمل الأدبي "مُحايثة باطنية نابعة من بنيته الداخلية من ناحية وهي كذلك أيديولوجية وظيفية". (المرجع السابق ص 16)

والمقصود بالأيديولوجية الوظيفية –كما أرى- ان تشير إشارة غير مباشرة وغير خطابية الى مضمون إنساني او كما يقول العالم ان تكون هذه الأيديولوجية "غير قصدية" اي لا يقصدها الروائي او الأديب اعتسافاً. وفي هذا السياق يضيف واصفاً هذه المسحة من الأيديولوجية: "هي على اية حال "رؤية اجتماعية طبقية" تصوغ موقفاً "وقد تتعدد إمكانية هذه الرؤية وتختلف باختلاف قراءتها"".
(المرجع السابق ص 17)

بعبارة أخرى ليست هناك قراءة واحدة محددة لهذه "الرؤية" ثمة أكثر من قراءة. ينتقد العالم النقاد الذين يزعمون ان العمل الروائي او الأدبي "ليست له دلالة سياسية او أيديولوجية". وفي هذا السياق يستشهد هذا الناقد بمسرحية "انتظار جودو" لصموئيل بيكيت، فيرى ان هذه المسرحية "تعبر بالفعل عما في الواقع الإنساني من ظواهر الاستلاب والاغتراب والتشيوء، ولكنها تصور وتعبر عن جانب واحد من هذا الواقع". (المرجع السابق ص 19)

أقول هنا لا إبداع دون مِسحة أيديولوجية تتيح لهذا الابداع ان يعبّر عن رؤية إنسانية.

والجدير بالذكر هنا ان "الأيديولوجية" لا تتجلى في المواقف السياسية والاجتماعية، فحسب بل هي –وكما يضيف محمود العالم- "قد تبرز بشكل او بآخر في قضية حُب وفي رؤية للطبيعة او في حكاية اسطورية مجردة". (المرجع السابق ص 20)

ملاحظة أخرى هامة يشير اليها هذا الناقد وهي "لا تتحدد سلبية هذه الأيديولوجية بإيجابية او سلبية المواقف والاحداث والشخصيات داخل الخطاب الروائي ولا بالطبيعة الطبقية لشخصياته، وإنما بالدلالة العامة للخطاب الروائي ولوظيفته الموضوعية المؤثرة". (المرجع السابق ص 20)

"الوظيفة الموضوعية" هي المؤثرة وهي التي تعبر عن مضمون إنساني هادف. من هنا لا يضر العمل الروائي ان غلب الطابع السلبي على المواقف والاحداث والشخصية الأساسية في خطاب روائي معين. وهنا يضرب مثلاً برواية "المتشائل" لإميل حبيبي، فالطابع السلبي الذي يغلب على المواقف والشخصيات لا يقلل من مضمونها الإنساني الهادف بل يضاعفه ويقيم علاقة حميمية بين هذا المضمون والقارئ.

ثمة ناقد وباحث كبير آخر كالعالم تعرض لعلاقة الأيديولوجية بالعمل الروائي او الأدبي وهو محمد دكروب، يقول في حوار أجراه معه كاتب هذه السطور: "لا بد من التأكيد ان أي طُغيان أيديولوجي (سياسي او مذهبي او ثقافي) على العمل النقدي يخفف المنسوب المعرفي الموضوعي في هذا العمل النقدي". ثم يضيف مستدركاً: "وهذا لا ينفي واقعاً ان للأيديولوجية حضوراً طبيعياً وموضوعياً ولو بنسب مختلفة في مواقف او مواقع او فكر هذا الناقد او ذاك". (كتاب مرايا في الفكر المعاصر: تأليف كاتب هذه السطور، الصادر عن منتدى الفكر، عمان)

من هنا يرفض العالم ودكروب قول بعض النقاد والأدباء الذين يقولون ان هناك أدباً مطلقاً او شعراً مطلقاً لا تمسّه الأيديولوجية. هذا شطط وتخبط.

الرواية او العمل الأدبي لهما رسالة إنسانية والا فلا قيمة لهما. المهم ان لا تكون الرؤية الأيديولوجية مُخلة بالبنية الفنية للإبداع. بل تتجلى في البنية الحية له.

نخلص من كل ما تقدم ان الأدب والفن عامة هما "بنية حَيّة تزخر بكل ما تمثله البنية الحية من تشكيل ملتحم التحاماً عضوياً بمادته وبوظيفته الفاعلة المؤثرة وهو معلول للواقع". (محمود العالم، المرجع السابق ص 20)

وفي تصوري ان من ينكر وجود اية "لوثة" أيديولوجية –وفق تعبير الراحل محمد دكروب- في العمل الإبداعي هو بحق يبخس هذا العمل قيمته، لأن العمل الإبداعي يلتزم بهدف نبيل.

ان أي عمل ابداعي يتعامل مع الواقع الإنساني تعاملاً يفتقر الى المصداقية لا قيمة له.

كما ان "التملق" في بعض أنواع الكتابة النقدية يسيء فعلاً الى العمل الفني. وهذا ما نلمسه لدى بعض النقاد الانتهازيين الذين يخدمون مصالح بعض السلطات والجهات بحثاً عن الجاه والمصلحة المادية. هم نقاد وادباء السلطة السياسية، هم بحق عالة على العمل الإبداعي.

youseffmahmouddd34@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :