facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفايز على كرسي إعتراف "اللويبدة"


17-07-2007 03:00 AM

عمون - ضمن اتفاق النشر المشترك بين "عمون" و"اللويبدة" ننشر مقابلة مع العين فيصل الفايز رئيس الوزراء الاردني الاسبق والتي أجراها الزميل ناصر قمش الصحافي المتميز في اجراء مثل تلك المقابلات وصورها الزميل المبدع محمد رفايعه :

كرم الملك علّمه الكرم، وتواضعه علّمه التواضع. كان مصير حياته يعتمد على زرع كلية موجودة، ولكنّه فضّل أسيراً فلسطينياً محرراً على نفسه، فمنّ الله عليه بواحدة أكملت عليه صحّته. لو عاد لرئاسة الحكومة لكرّر ما فعله، مع أنّ هناك من عمل على عرقلة عمله. لا يتخلّى عن صداقاته، وتعلّم من والده الفضل على المسيئ حتى يعقل. لا ينسى أيام “اللويبدة” ففيها صنع مع أترابه دراجات من الأسلاك، ولهذا فقد عرف من الحياة مرّها، وحلوها. لم يكن فيصل الفايز شخصية عابرة، في محطة رؤساء الوزراء الأردنيين، فبرز كعلامة فارقة في التاريخ السياسي الأردني، على الرغم من كل العواصف، التي حاولت تغليف تجربته بشتى أنواع الغبار.
فقد تمكّن، وعلى مدار رئاسته لحكومة إشكالية، وجدليّة، جمعت في طياتها تناقضات تميّزها وفنائها، من طبع بصمات خاصة، لم تمحها حكومتا عدنان بدران، ومعروف البخيت، على شدّ إختلافها شكلاً ومضموناً.
“شبهة المقارنة” مع الفايز، ظلت شبحاً يطارد الرئاسة الجديدة، دون أن ينصف إحداهما، ودون أن ينجز فهم حقيقي لشخصية الفايز ودوافعه البريئة، في إغداق العطايا على مستحقيها أو متصيديها.
فالإنسانية هي المفتاح السحري لهذه الشخصية، التي عركتها الحياة، فعاش صاحبها هموم الفقراء بتفاصيلها، قبل أن يمتحنه الله بخوض أقسى معارك الحياة، وأكثرها ألماً وتحدياً، ليس إبتداء بالإبتلاء بالمرض، وليس إنتهاء بحسرة الفراق على الأحبة.
ذلك أن تهمة تسييس العطايا لا يمكن إلصاقها بشخص ضحّى بحياته، بكل معنى التضحية، لانقاذ شخص آخر لم يعرف عنه سوى معاناته من الألم والمرض.
فقدان أخيه في الثلاثين من عمره، والفجيعة بوفاة شقيقته بعد زفافها، يفسران إيمانه بأقدار الله، وفهمه العميق لتصاريف الحياة ونواميسها، إلى الدرجة التي جعلته راضياً بأن يستظل برضى الوالدين كمفتاح للنجاح والتوفيق.
الفايز يقول إنه لم يسع وراء أي منصب، وأن كلّ ما حصل معه بتوفيق من الله، وبدعاء والدته، التي تمثّل سر النجاح وأطاره غير المرئي.
حديثنا مع “أبو غيث” إمتد لأكثر من ساعتين في منزله، وتراوح بين مدّ السياسية وجزر الانسانيات.. قال فيه الكثير مما لم يأت وقت نشره، ولكن، وفي كل ما قاله ، كان صريحاً وعفوياً كعادته، وهي الميزة الساحرة في شخصية توسطت المسافة بين حب العباد، و”محبة” ملك البلاد، وهي معادلة لا يتقنها الا من هو مثل فيصل الفايز.
س. كثير من المقابلات الصحفية التي إجريت معكم تبدأ وتنتهي عند التوقف على محطة رئاسة الوزراء، باعتبارها الأبرز في سيرتكم، ولكن تقييم هذه المرحلة لا يكتمل دون المرور على مختلف المواقع والمحطات... دعنا نبدأ من الأسرة لنعرف ماذا يعني أن تكون إبن شخصية وطنية، وأن تتفيأ ظلال زعامة عشائرية ممثلة بشخص “عاكف الفايز” لأحد أكبر عشائر الأردن؟؟
ج. من يتربى في بيت كالذي تربيت فيه، تتاح له الفرصة أن ينهل من معين الخبرة والحكمة والتسامح، التي تعلمتها على يدي جدي، ثم والدي، اللذين مثّلا لي القدوة في التعامل مع الناس.. أتذكر أن جدي، رحمه الله، ورغم صعوبة الحياة، وشظف العيش، في تلك الأيام كان يجلس مع الفلاحين في مواسم الحصيد، ويولم لهم “المقالي”، وما تيسر من حواضر البيت، إلا أن ما لفت إهتمامي هو اللغة التي كان يتحدّث بها للجميع، بحيث كانت مفهومة وقريبة من القلب، لكل من الكبير والصغير ،من خلال مخاطبة جميع العقول بلغة واضحة، وهذه ميزة مهمّة جداً، لأن التواصل مع الناس، والقدرة على إيصال الرسائل من الجسور المهمة التي تبني المحبة مع الناس.
أما بالنسبة لوالدي، فكان عنوان شخصيته هو التسامح، وأتذكر أن أحد أبناء العشيرة أساء لوالدي كثيراً في إحدى الجلسات، وذات مرة كنت جالساً في بيت والدي، في منطقة أم العمد، وقرع الجرس، وعندما هممت بفتح الباب، وجدت ذلك الشخص يقصد والدي، فتوقّعت أن تمتنع عن رؤيته، ولكن العكس حدث، عندما بشّ وجه والدي، ورحب بالضيف، وقال له “إشتقت لك من زمان ما شفتك” وأخذه بالأحضان، وسأله عن طلبه، فقال له: أريد فيزا للسعودية، فاتصل والدي فوراً بالسفارة، وتوسط له بالامر.
وعندما خرج الضيف، قلت لوالدي: هذا الرجل أساء لك، فلماذا تعامله بأحسان. قال لي: إسمع نصيحة أبوك يا فيصل، اسمع الاساءة من هون وطلعها من هون، والذي يسيئ لك احسن له.
هناك اشياء كثيرة تعلمتها من جدي ووالدي، فما بالك اذا كانت هذه الجينات موجودة اصلاً في شخصيتي.
أضافة إلى ذلك، فأن طفولتي لم تكون مترفة، فوالدي تزوج خمس مرات، لم نترب في كنفه، بمنزل والدتي، ولا يعني ذلك أنه كان يقصّر معنا بالنسبة للدراسة، وكل متطلبات الحياة، لكننا كنا نشعر بعاطفة تجاه ابوته، وبعده عنا، ومعايشته لنا، فلعبت في الحارات، وكنا نصنع عربات الأسلاك في حواري جبل اللويبدة الذي يقع بيتنا فيه (شارع الباعونية)، وهذا جعلني قريباً من الناس، ألامس هومهم وأعرف مشاكلهم، وأعرف ماطا يعني أن لا يجد البعض أحياناً الإمكانية لدفع اجرة المنزل، وعدم القدرة على تعليم الأولاد، وغيرها من متطلبات الحياة.
كل ذلك ترسخ في ذهني، ولم تغب صورته عن بالي، وانعكس على شخصيتي في مختلف المواقع التي شغلتها، مما جعل التفكير بمعاناة الناس أبرز اهتماماتي في محاولة لحلها، بالأمس زارني أحد أبناء منطقة الكرك، وبيده صورة شيك كنت أعطيته إياه قبل عدة سنوات، لدفع الرسوم الجامعية، ليشكرني على أنني ساعدته في التخرج من الجامعة، ومثله كثيرون (وعندما كنت رئيساً للتشريفات الملكية، كان سيدنا يأمرني بالرد على جميع الاستدعاءات، وفعلاً لم تكن نتخلف عن تلبية احتياجات الناس سواء للمعالجات الطبية، أو المساعدات التعليمية، ونفس الشيء فعلت عندما كنت رئيساً للوزراء.
ولو وضعت إعلاناً في الصحيفة، تسأل فيه عن اللذين ساعدهم جلالة الملك، وليس انا، عن طريق فيصل الفايز ستستغرب ان هنالك آلافاً مؤلفة، وهذا يشهد به الشعب الاردني من مختلف منابته وأصوله.
س. درست البكالوريوس في بريطانيا وحصلت على الماجستير من بلجيكا... ما هي أبرز الدروس التي تعلمتها هناك على الصعيدين الانساني والمهني؟
ج : في بريطانيا، طريقة التدريس تختلف عن الأردن، ذلك أن التركيز في بريطانيا ينصب على تنمية طرائق التفكير، والفهم وليس الحفظ “والبصم”. لقد درست العلوم السياسية في جامعة كارديف في منطقة ويلز البريطانية، وتعلمت من النظام الانجليزي استخدام العقل وإعماله، وعندما درست الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن، كان التركيز على الحفظ مثل تعداد أسباب الحرب العالمية الاولى أو الثانية أو ذكر أسباب دخول للحرب.
س. يعتبر التعليم في بريطانيا من ارقى انواع التعليم في العالم في حين تقف جامعاتنا في آخر سلم المستويات الاكاديمية ما هو السبب برأيك؟؟
ج. موضوع التعلم يعتمد على النظام نفسه، ففي الجامعات الاردنية الخاصة منها والحكومية، أتصور أنهم لا يدعون الطالب يستعمل عقله، فالمحاضر يأتي ويلقي محاضرته، ويدير ظهره، لذلك يجب أن تفرد الجامعات مساحات أوسع للحوار والنقاش وتبادل الاراء.
س. ألا تعتقد بأن هناك عوامل سياسية وراء تأخر الجامعات عن اللحاق بركب التطوير، خصوصاً في ظل الشكوى من غياب الحرية الاكاديمية؟؟
ج. أنا ضد هذا الكلام، واؤمن بأن الطالب داخل الجامعة يجب ان لا يتدخّل في السياسة، لقد كنت من مؤيدي تأسيس إتحاد للطلاب منتخب بالكامل، لكن على أن لا يتدخلوا في السياسة، فأي طالب له الحق بعد التخرج أو عند بلوغه سن “18” الإلتحاق بحزب، أنا ضد تسييس الجامعات على طول الخط، فالجامعة صرح اكاديمي، وليس مكاناً للعنصرية، أو العشائرية، أو بناء الآراء السياسية.
س. أثناء فترة الدراسة في الخارج كنت مثل باقي الطلبة مضطراً لخدمة نفسك بنفسك هل حدث أنك كنت تعد الطعام بنفسك وتغسل ملابسك بيديك؟؟
ج. في أول سنة، عانيت كثيراً بسبب عدم معرفتي بالطبخ، ولكن خلال الإجازة الصيفية قضيت معظم الوقت مع والدتي في المطبخ، فتعلمت الطبخ، وكنت أخدم نفسي بنفسي، وأغسل ملابسي.
س . حدثنا عن قصة التحاقك بالخارجية، وما هي اللمسات التي طبعها فيصل الفايز على عمل المراسم فيها؟
ج : عند التحاقي بالخارجية عام 79 لم أمكث فيها طويلاً، لأنني انتقلت الى بروكسل، وتعلمت هنالك، وعندما عدت للخارجية عام 83 تنقلت بين عدة دوائر، إلى أن استقر المقام في دائرة المراسم.
س. من كان وزير الخارجية حين ذاك؟؟
ج. مروان القاسم
س. كيف كانت علاقتك به؟؟
ج. كانت وما زالت ممتازة جداً.
س. كيف انتقلت الى الديوان الملكي، وما هو سر الحظوة التي كنت تتمتع بها من قبل جلالة الملك؟
ج. انها الكيمياء، فوالدي وضعني على أول الطريق، عندما كان رئيساً لمجلس النواب، والحق يقال إن دولة زيد الرفاعي ساهم أيضاً في إنتقالي للعمل في التشريفات الملكية، في شهر شباط عام (86) عندما كان فواز أبو تايه رئيساً لها.
لقد وضعني والدي على أول الطريق، وبعد ذلك تمكنت من الوصول بمجهودي ومثابرتي، ولم احظ بأي دعم من أي طرف بعد ذلك.
س. ولكنه لا يمكن تجاهل حقيقة انك ابن عاكف؟؟
ج. لا أنكر أن لذلك تأثيراً، ولكنني حوربت في البدايات، وكان هناك مضايقات كثيرة، إلا أن الامور تحسّنت بعد ذلك، لقد مكثت ثلاث سنوات وأنا منتدب من وزارة الخارجية، ولم يتم تثبيتي، إلى أن جاء الشريف زيد بن شاكر رحمه الله، واستدعاني، وسألني عن درجتي الوظيفية، فقلت له إنني لم أعين بعد رسمياً في الديوان، فأمر بتثبيتي على كادر الديوان فوراً.
وفي عام 93 تعرفت إلى جلالة الملك عبد الله الثاني، عندما كان اميراً وقتذاك، لأنني كنت مسؤولاً عن ترتيب مراسم زفافه، التي نالت إعجابه بشكل كبير، وبدأت العلاقة بيني وبينه تتوطد يوماً بعد يوم، إلى أن تولي مسؤولياته الدستورية ملكاً على البلاد في 7/2/99 وبعد ذلك تم تعييني في 17/3 من نفس العام رئيساً للتشريفات الملكية.
س: خضت اشرس المعارك مع المرض، وانتصرت عليه بمشيئة الله سبحانه وتعالى، حدّثنا عن هذه التجربة، وكيف تحصلت لديك الإرادة للتغلب عليه؟؟
ج. أنا اؤمن بالقدر، سواء كان الانسان مريضاً أو غير مريض، أخي كان عمره 30 عاما،ً ولم يشك من شيىء في حياته، ولكنه توفي بشكل مفاجىء إثر “جلطة”. منذ عام 69 وأنا أعاني من مرض “الكلى”، وتحديداً الهبوط الكلوي، الذي عشت معه حتى عام 84 عندما بدأت وظائف الكلى توشك على الهبوط الكامل، ووصلت نسبة الهبوط الى 85 بالمائة.
وعندما اإصلنا بالدكتور داوود حنانيا، أخبرنا أن افضل طبيب لعلاج الكلى موجود في هيوستن بالولايات المتحدة الامريكية، فذهبت إلى هناك برفقة والدي وزوجتي، وبعد الفحص أخبروني أنني لا استطيع زراعة كلية إلا بعد هبوط الوظائف الى نسبة 95% شريطة الالتزام بحمية معينة.
والحقيقة أن الحمية كانت قاسية، لدرجة انني كنت أزن قطعة اللحم بالغرام، وابتعدت عن تناول الكثير من الاطعمة والفواكه. لمدة ثلاث سنوات وأنا اعاني من الحرمان.
بعد ذلك، أظهرت الفحوصات هبوطاً حاداً في الكلى الى الدرجة التي استحقت فيها عملية الزراعة، وبعد أن قمنا بالترتيب للسفر الى الولايات المتحدة لاجراء العملية هناك، وبينما كنت أجهّز للسفر في الموعد المحدد، بدأ الاصدقاء بالتوافد لوداعي وفجأة، واذا بالدكتور حنانيا يتّصل للسؤال عني، وقال لي: تعال الى المستشفى هنالك متبرع، وكأن ابواب السماء فتحت لي، فنزلت على الدرج دون أن أخبر الضيوف، إلى أن تبعتني زوجتي، وقالت لي: إلى أين أنت ذاهب!!، فعدت إلى الضيوف وأخبرتهم بما حصل، وتوجهت من فوري الى المستشفى برفقتها.
وكان علينا في بداية الامر إجراء فحص المطابقة مع المتبرع وتبين انها مناسبة جداً، وتم إدخالي الى المستشفى.
وبحسب ما علمت، فإن الاطباء كانوا متوجسين من أن تكون الكلى للمتبرع غير صالحة، بسبب تعرضه لضربة في منطقة الخصر، وبما أن تبرع الكلى يستفيد منه مريضان، دخل علي الدكتور طارق سحيمات ،وأخبرني بأن هنالك شخصاً اخر سيتم زرع كلية له بسبب انهيار وضعه الصحي، إثر تعرضه للتعذيب في السجون الإسرائيلية، وان الاطباء سيعطوني الكلية السليمة، فيما سيتم تخصيص الكلية المشتبه بصلاحيتها لذلك الشخص.
فرفضت ذلك، وقلت له: لا يا “دكتور” ان الله سبحانه وتعالى انعم وتفضل علي، ولدي القدرة على تلقي العلاج خارج الاردن، بينما المريض الآخر بحاجة لهذه الكلية أكثر مني، وبحمد الله تبين بعدها أن الكليتين صالحتان، فاخذ هو كلية، وانا حصلت على الاخرى، ولغاية هذه اللحظة يزورني ووضعه ممتاز بحمد الله.
س : الرحلة الاخرى مع المرض كانت الأصعب ماذا تقول فيها؟؟
ج : احد العوارض التي تنجم عن أدوية الكلى، وبعد عشر سنوات، ظهرت على شكل ضعف، وعندما أجريت الفحوص لم يحسم الاطباء النتائج، إلا أن جلالة الملك حسين رحمه الله أوعز لـ علي شكري بارسالي لتلقي العلاج في الولايات المتحدة في (مايو كلينك) حيث اكتشفوا أنني مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية.
تعالجت في امريكا، وبعد 6 جلسات شعرت بأن معنوياتي تدهورت، وساءت حالتي النفسية، والتمست من جلالة الملك العودة فلم يمانع، وبدأت أتلقى العلاج على يد الدكتور عبد الله العبادي، ولن تصدقوا إلى أي حد تحسنت نفسيتي. وأتصور أن ذلك انعكس على وضعي الصحي، واستطعنا التغلب عليه، فالأساس هو القناعة بأن الارادة أهم عوامل الانتصار على المرض، والتسليم بعناية الله ومشيئته.
تجربتي مع المرض فريدة ومريرة، ولكن ارادة الله شاءت ان اتجاوزها، وأمضي حياتي، واتذكر انه خلال فترة مرضي وتلقي العلاج الكيمياوي كنت امارس عملي بشكل اعتيادي، وعندما التقى بسيدنا كان يحرص على تشجيعي والشد من ازري في مقاومة المرض.
س: هل كانت هذه الفترة اصعب لحظات حياتك، أم ان هنالك لحظات اخرى؟؟
ج: بالطبع هذه الاصعب، فالسرطان مرض خطير ومرعب، ولكن قناعتي بان ارداة الله دائماً هي الأقوى.... عندما عملت في المراسم، لم اكن أحلم في حياتي أن اصبح رئيساً للتشريفات الملكية، وكنت أتمنى من الله أن أمكث فيها عشر سنوات، إلا أنني أصبحت وزيراً للبلاط، وتمنيت ان تطول اقامتي فيها، إلا أنني أصبحت بعد ذلك رئيساً للوزراء!!
س : كيف تعرفت إلى زوجتك وما الذي تمثله الأسرة في حياة فيصل الفايز في ظل انشغالاته اللامحدودة؟
ج: الحق يقال ان زوجتي كانت عوناً كبيراً لي، فعندما عملت بالتشريفات كنت دائم السفر ، والحمد لله استطاعت أن تربي الأولاد تربية ممتازة. إبني غيث تخرج من الجامعة الأمريكية بواشنطن، ويعمل في إعلام الديوان الملكي، ولديه عقل سياسي يشهد به كل من عرفه، ولا أقول ذلك لأنه أبني.
أما إبني الثاني سطام، فقد انهى دراسته من الجامعة الأمريكية بواشنطن أيضاً، ودرس في كلية ساند هيرست، وتشرف بتخريجه من قبل جلالة الملك، وكانت علاماته ممتازة، ويعمل الآن في القوات المسلحة.
أما إبنتي فقد درست الفن والتصميم من جامعة هاري في بريطانيا، وتزوجت وهنالك طفل، على الطريق انشاء الله.
وأنا الآن جدّ، بعد أن من الله على غيث بولد سمّاه فيصل، وهنالك طفل آخر على الطريق، أما سطام فسنحتفل بزفافه في شهر أيلول.
س: ولكن لا يبدو عليك أنك أصبحت جداً؟؟
ج: لقد تزوجت وأنا صغير في السن، عندما كان عمري 23 سنة، والحمد لله رغم بعدي عن البيت، وانشغالاتي إلا أن أولادي تلقوا تربية نوعية من قبل والدتهم، بصورة تجعلني أرفع رأسي بهم.
س: تقلدتم منصب وزير البلاط الملكي، واضطلعتم بمهمات جليلة خلال فترة عملكم، ما هي أبرز الأحداث التي صادفتك ... وهل انتم مع عودة وزارة البلاط؟
ج : رئيس الديوان الملكي دائماً كان الشخص الرئيسي، ولكن عودة “وزارة البلاط” حصرت الملف السياسي الداخلي بيدها، وحينما عادت الوزارة، وتسلمت حقيبتها، كنت أتعامل مع حقيقة أساسية مفادها بأن جلالة الملك هو أب الجميع، وفوق السياسة، وكنت حريصاً خلال عملي بأن يكون الديوان الملكي للجميع، فبدأت اتواصل مع جميع الشرائح والأطياف، فزرت عبد المجيد الذنيبات في بيته، وصالح العرموطي والنقابات والصحفيين، وتواصلت مع الجميع لأني اعرف أن الأساس هو أن تكون الخيمةالهاشمية مظلة للجميع. الملك هو قدوتنا وما دام يتواصل مع الجميع كان علينا السير على نهجه بالانفتاح على جميع الفئات ، لأن صمام الأمام في هذا البلد هو العرش . أنظروا إلى العراق أيام الهاشميين: لم يكن هنالك فرق بين شيعي كردي وسني ولا تركماني واخذ الجميع حصته في تداول السلطة.
س : وهل أنتم مع عودة الوزارة؟؟
ج : أنا مع وجود رئيس ديوان قوي، فالدكتور باسم عوض الله، مع إحترامي ومحبتي، له لديه مشاغل كبيرة لا تبدأ بالمنتدى الاقتصادي ولا تنتهي بإشغاله كمدير مكتب لجلالة سيدنا، وما تستوجبه هذه المهمة من جهد ووقت. يجب أن يكون هنالك رئيس ديوان قوي، يتولى الملف السياسي الداخلي، ويعمل كحلق وصل بين سيدنا ومؤسسات الدولة، وسيدنا والناس، فهنالك مطالب كثيرة للناس، مثل العلاج والتعلم، فأنا مع بقاء العلاقة الريعية ومؤسستها.
س: لكن عندما كنت رئيساً للوزراء، تعالت الدعوات في أروقة لجنة الاجندة الوطنية لالغاء هذا الشكل من العلاقة؟
ج: وما الذي حدث في الأجندة الآن؟! أنا مع التطور والتطوير، ولكن هنالك أسساً وثوابت، يجب عدم المساس بها، فنحن لسنا في الولايات المتحدة الأمريكية.
س: من وحي تجربتك في الديوان الملكي، هل تعتقد بأن خدمة رئيس الوزراء في الديوان من شأنها إثراء تجربته السياسية، وما الذي استفدته من هذه التجربة في عملك كرئيس للوزراء؟
ج: الأساس في أي رئيس وزراء أن يتواصل مع الناس، وأهم شيء في أي منصب حكومي، أن تصل الرسالة ببساطة للناس، وهذا أساس النجاح. عندما تسلمت رئاسة الحكومة، تكلمت مع الناس ببساطة، ولهذا فهموا علي، ولم أستخدم لغة معقدة في التخاطب معهم. عندما رفعنا الأسعار، وأنتم تعرفون أننا لم نرفعها بشكل بسيط، أخذت مني هذه القصة أكثر من خمسة أشهر من الحوارات واللقاءات مع مختلف شرائح المجتمع، حول مبرراتها ودوافعها، ورغم ذلك، تعرضت لهجوم كبير، ولكن لا يهمني ذلك، ما دمت مقتنعاً بما عملت. فالتاريخ وحده هو الذي سينصفني.
س : وهل كنت تتوقع أن تصبح رئيساً للوزراء ؟
ج : أبداً... لم أكن أتوقع ذلك، رغم أنني رجل طموح، إلا أنني لا أسعى أن أكون في السلطة، فلم أسع إلى وزارة البلاط، ولا إلى رئاسة الوزراء. أنا أؤمن بالقدر، ما كتبه الله هو الذي سيحدث .
أنا الآن مرتاح بعد سبع سنوات ونصف من العمل المتواصل وأنا سعيد بذلك... أما إذا أشر لي سيدنا ، وطلب مني أي منصب، فإن أكتافي ستحمل هذه المسؤولية، لو وضعوا جبالاً عليها ..
س: في معرض الاندفاع للعمل في مواقع المسؤولية العليا، تغيب الفواصل بين معرفة المنافقين والمخلصين الحقيقيين، بما تعقّب على ذلك، وهي تجربتك؟!
ج:لا يوجد شخص ناجح محبوب، ولا أعني من قبل الناس ولكني اتحدث عن الرموز ، من باب الحسد والحقد، المسؤولية بالنسبة لي ليست مجرد مكانة اجتماعية ولكنها عمل حقيقي.
س: ما الذي حققته حكومة فيصل الفايز في مجال الاصلاح؟
ج : سعيت إلى إحداث نقة نوعية في مجال التنمية السياسية، لكن كانت هناك عراقيل كثيرة، وكما تعرف فمجتمعنا فيه قوى تؤيد الذهاب إلى أبعد حد في مجال التنمية السياسية، وقوى تفضل التدرج، وأخرى لا تحبذ ذلك، وتفضل بقاء الوضع على ما هو عليه. ولكل من هذه القوى تعبيراته في الحياة العامة والسياسية والتشريعية. ولا تنسى أن الديمقراطية هي في محصلة ثقاقة تبدأ من المنزل والمدرسة ثم الجامعة، وصولاً إلى العمل العام، وهي عملية تدريجية. وكل المجتمعات الغربية الديمقراطية أخذت عشرات السنوات في التجربة، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. والديمقراطية باعتقادي تترسخ عبر تعزيز المفاهيم الديمقراطية، في المناهج التعليمية وفي الحياة العملية.
ما حاولت القيام به أثناء رئاستي للحكومة هو إحداث نقلة نوعية في التنمية السايسية فطرحت في بداية الحكومة أنه لن يكون هناك تعيين في مجالس الطلبة والبلديات، وقد سعيت لذلك، وقلت حينها إن الانتخاب لكامل المجلس البلدي هو خيار ديمقراطي، وكان القانون ، آنذاك، يعطي الناخب حق انتخاب النصف، بينما تعين الحكومة النصف الآخر، بمن فيهم الرئيس.
ومؤخراً، جرى التراجع عن القانون القديم، وتم اقرار قانون أكثر ديمقراطية. ورفعت، أيضا، شعارات حول التمثيل الحقيقي للناس من خلال قانون الانتخاب لمجلس النواب، وكان لديّ تصور حول طريقة الانتخاب، وماهيتها، وكيفية الانتقال إلى مرحلة تفاعل اجتماعي، تشارك فيها كل القوى السياسية، وبحيث لا يبقى الوجود السياسي حكراً على تنظيم واحد.
وكانت الفكرة لديّ، أن نبدأ أولاً بتغيير قانون الأحزاب، لأنه إذا أردنا مشاركة الأحزاب في الانتخابات النيابية ومنحها نسبة معينة من المقاعد، فلا بد من ترتيب البيت الحزبي أولاً، وهذا ما حاولت فعله.
لكن غادرت رئاسة الحكومة وما زالت بعض البرامج في طريقها إلى التنفيذ، إضافة إلى أن الحكومة بدأت العمل على برنامج لإصلاح القطاع العام، وإعادة هيكلة المؤسسات الرسمية لجعلها أكثر فاعلية، وخاصة الدوائر والمؤسسات المعنية بتقديم الخدمات مباشرة إلى المواطنين.
ما وددت أن أنفذه وأنا في رئاسة الوزراء كان مشروع شبكة الأمان الاجتماعي. وهذه الشبكة كانت لحماية الفقراء وذوي الدخل المحدود من أي ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية، أو الظروف الاقتصادية الصعبة، وتتضمن العمل على تنفيذ توجيهات جلالة الملك في التأمين الشامل، وتوفير المسكن للفقراء ولذوي الدخل المحدود والموظفين، وإيجاد فرص التعليم الجامعي المجاني.
ففي المسألة الأولى، وهي التأمين الصحي، فقد عملت الحكومة على تأمين من هم دون السادسة، بمن فيهم ابناء قطاع غزة، إضافة إلى 300 ألف مواطن فوق سن التقاعد، وكنا بصدد المضي حتى الوصول إلى التأمين الشامل لكل المواطنين.
وفي مسألتي السكن والتعليم الجامعي، فإنني أؤمن بأن توفيرهما للموظف سيوفر عليه جزءاً كبيراً من راتبه الذي سيحوله إلى قضايا أخرى.
وكما تعلم فنسبة كبيرة من راتب الموظف تذهب لقضايا العلاج الصحي والمسكن وتعليم ابنائه في الجامعات. فإذا وفرنا له هذه القضايا الثلاث فإن وضعه سيكون بأفضل مائة مرة.
س: ما هو سر الاندفاع نحو العمل الميداني والاسترسال في اللقاءات بصورة غير مسبوقة؟؟
ج : سياسة الباب المفتوح هي سر نجاح أي مسؤول ... حيث من الصعب التعرف على معاناة المواطنين دون الانغماس بهمومهم والتواصل معهم... لذلك كنت حريصاً على سماع مشاكل المواطنين ومطالبهم منهم مباشرة دون أن تكون هناك حلقة وصل من أي مسؤول بيني وبينهم، فقد كنت مصراً على الإنفتاح مع كافة الفئات سواء كان رابطة الكتاب الأردنيين أو اتحاد المرأة الأردنية أو غيرها... لضمان سير عمل الحكومة بكل نزاهة ومصداقية.
س: خلال زيارة المخيمات، وزيارة معان، وخطابك التاريخي فيها، كان هناك عرض لكثير من المطالب أمامكم، إلا أنه لم يتحقق إلا القليل منها وأشيع وقتذاك أن مثل تلك الزيارات لم تكن أكثر من علاقات عامة، فما قولكم؟
ج: اتحدى اي شخص اذا قلت في أي زيارة من زياراتي للمحافظات بأنني سألبي المطلب كذا والمطلب كذا... فأنا لم أعد أحداً، على العكس كنت دائماً متحفظاً في كلامي ودائم الترديد لجملتي المشهورة : ابشروا باللي بقدر عليه، واللي ما بقدر عليه لا حول ولا ... ، فلست مثل باقي رؤساء الوزراء الذين قطعوا على أنفسهم الكثير من الوعود دون أن يحققوها. خاصة وأن دولة مثل الأردن مواردها محدودة، بالرغم من ما حققته من انجازات إلا أنه في المقابل هناك الكثير من المشاكل الاقتصادية الكبيرة التي نعاني منها كفاتورة النفط الذي يصل دينها السبع مليارات ومشكلة الفقر الذي يعاني منها ما يقارب المليون وربع المليون من سكان المملكة ناهيك عن البطالة وغيرها .
وقد بذلت جهدي للاسهام في حل مشكلة التعليم للطالب الفقير عندما طلبت من المشتري الجديد لشركة أمنية عقب ترخيصها تقديم نسبة مقدارها 5% لصندوق الطالب الفقير لتستقر النسبة وتحدد بـ 2-3 بالمائة من الأسهم والتي يبلغ سعرها الآن إلى 20 مليون دينار دون أن يذكر أحد وسط كل الهجوم الذي تعرضت له شركة أمنية بأن فيصل الفايز هو صاحب تلك الفكرة التي تزداد نمواً لدعم الجامعات ومساعدة الطالب الفقير....
س: من خلال متابعتي لتجربة حكومتكم، لم يكن هناك مشاكل مع مراكز القوى الموجودة في المجتمع، إلا أن المشكلة كانت من داخل الحكومة، الامر الذي أدى إلى عدم اكتمال تجربتها ... كيف حدث ذلك.
ج: كنت دائماً رجلاً ديمقراطياً .. أصغي لكل وجهات النظر، وكان هناك تفاهم بين كل الوزراء وعلى كل المواضيع ... فلجنة التنمية الاقتصادية كانت قراراتها لا تعد ولا تحصى، وكانت تحصل خلافات بين ما يسمى بالخط الليبرالي والخط المحافظ ، لكنني كنت استمع لكلا الطرفين ومن هو على حق أؤيده، حيث كنت أسعى دائماً لاحداث توازن بين اعضاء مجلس الوزراء، وتستطيع التأكد من صحة كلامي من خلال سؤال وزرائي، الذين يتحسرون على تجربتهم في حكومتي، التي كانت تختلف عن الباقين. لكن ما استطيع قوله بأن عوامل خارجية ومراكز قوى هي التي أثرت على تجربتي...
س : أعلنتم اثناء تجربتكم الحكومية محاربتكم للفساد إلا أنكم لم تحققوا أي انجازات ملموسة ضمن هذا الاطار؟
ج : الفساد موضوع كبير ومتشعب ، وأنا لا استطيع أن أقول أنه لا يوجد فساد، لكن في الوقت ذاته إذا لم تتوفر أي أدلة حقيقية ومثبتة تدين الفاسد فمن الصعب محاكمته، حيث أنه من غير الجائز اغتيال أي شخصية دون أن تثبت ادانتها. وقد طلبت في احدى المرات من فهد أبو العثم دراسة ملف من ألفه إلى يائة عن الفساد أثناء توليه رئاسة لجنة لمكافحة الفساد، للوقوع على أي دليل يثبت ادانتهم، إلا أنه لم يستطيع التوصل لأي شيء يدينهم قضائياً. وبالتالي من الصعب تحويلهم للنائب العام وتوجيه التهم ضدهم دون أي دليل ملموس...
س : يؤخذ على حكومتكم من قبل البعض أنها استرسلت في موضوع الاعطيات والتي كانت تهدف في بعضها أحياناً إلى تهدئة النيران حول الحكومة وتحييد الخصوم؟
ج : أقولها دون أدنى تفكير . لو عدت مرة أخرى كرئيس للوزراء فسوف أعيد الكرة دون أن أتردد.. فما دمت لا أضع تلك الأموال في جيبي، وأعطيها للشعب الأردني، فضميري مرتاح لأني أخدم بذلك ابناء شعبي، كما أنني لست صاحب هذه الاعطيات بل جلالة سيدنا الذي يخصصها لشعبه عن طريق فيصل الفايز... والشكر اذن لجلالته حفظه الله.
س : ألم يكن موضوع الاعطيات مرهقاً للموازنة؟
ج: أبداً، أبدا،ً خاصة وأنني كنت أسعى لتدبير كل الأمور من العديد من الجهات، دون أن يحدث أي ارهاق للموازنة... واستطيع التأكيد لك بأن ما حصلت عليه من الحكومة من أموال لحل مشاكل الناس لا يذكر بالنسبة لما وزعناه على المواطنين، وجلالته كان على علم بكل مبلغ كنا قد انفقناه، وراض كل الرضا عن الآلية التي كان يتم الانفاق فيها الأمر الذي يجعلني مرتاح الضمير لرضا جلالته عني، وعن عملي، ويكفي رسالة سيدنا لي عند خروجي من الديوان الملكي، وتلك الرسالة التي اتقلدها وساماً على جبيني ورد في مضمونها بأني كريم النفس وهي شهادة اعتز بها واتفاخر، وهذا كافٍ، أما غير ذلك من الباقين وما يرددونه فلا يعنون لي أبداً...
س: ماذا يعني لك أن تكون زعيماً عشائرياً في ظل تركه كبيرة من المسؤوليات التي خلفها لك والدك؟
ج- دائماً الانسان يفتخر بتاريخه ، لكن باعتقادي بأن الانسان هو من يصنع نفسه، صحيح أن والدي وضعني في أول الطريق الذي سرت فيه بصعوبة حيث كانت مهمة عصيبة، إلا أنه وبفضل الله وبفضل جلالته الذي ساعدني وآزرني في كل منصب تقلدته استطعت أن اثبت شخصيتي، وبالتالي فأنا أرفض أن أظل أردد وأقول بأن والدي عاكف وجدي مثقال اللذان كان لهما باع طويل في خدمة البلاد، وابقى مستنداً على تاريخهم، بل علي في المقابل وحتى أحافظ على هذا التاريخ المشرف أن أترك أنا أيضاً بصماتي... رافضاً بذلك أن أكون من الأشخاص الذين وراءهم تاريخ كبير وحاضرهم ومستقبلهم سراب...
س: كيف وازن فيصل الفايز بين متطلبات كونه زعيماً عشائرياً، وبين احتياجات هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون لزعامته، وبين احتياجات الأشخاص الآخرين؟
ج: كل الشعب الأردني بالنسبة لدى واحد، فلا فرق بين مواطن ينتسب لعشيرة بني صخر على سبيل المثال، ومواطن ينتسب لعشيرة أخرى... بالرغم من أن أقاربي واشقائي قد عتبوا علي كوني لم أعين أفراد بني صخر أو ارفعهم درجات وأوظفهم في مناصب عليا... وذلك لأنني اعتبر نفسي ممثلاً عن الشعب الأردني كله، وليس عن الصخور لوحدهم، صحيح أن الاقربين أولى بالمعروف، وهو قول مأثور ،لكن بالنسبة لي كنت أساعد ابناء العشائر دون أي تفرقة.
س : التغيير الذي حصل في صحيفة الرأي والتلفزيون الأردني كان في عهد حكومتك، كيف اتخذت مثل تلك القرارات التي تعد تاريخية؟
ج : باعتقادي أنه دائماً نحن بحاجة لدماء جديدة، فعندما يبقى المسؤول بمنصبه لمدة 4 – 5 سنوات فهذا كاف ومن الضروري تدفق دماء جديدة لهدف التجديد واعطاء فرص للآخرين، وقد ثبت أن هذه التغييرات كان من اصوب القرارات بسبب المهنية العالية التي اظهرها رئيس تحرير الرأي عبد الوهاب زغيلات ومصطفى الحمارنة رئيس مجلس الرأي والتلفزيون، ولا يوجد هناك أي دوافع، خاصة كانت وراء تلك القرارات، فالجميع تربطني بهم علاقة صداقة حقيقية وحميمة في آن واحد...
س : محطات الحزن في حياة فيصل الفايز؟
ج : تلك الحادثة التي عشت آلامها وأحزانها، ولا زلت اتجرع مرارة ذكرياتها، الحادثة التي توفيت فيها شقيقتي من أمي وأبي أثناء سفرها برفقة زوجها، والذي كان يعمل في سلاح الجو إلى لندن لقضاء شهر العسل: فتاة بعمر لم يتجاوز عمرها السابعة والعشرين سنة، حيث تعرض القطار الذي كان يقلهما من لندن إلى المنطقة التي يسكناها، لحادث مخيف أدى إلى انقلابه ، لينجو كل من كان على متن القطار، وحتى زوجها، الذي كان يجلس بجانبها باستثنائها هي فقط، حيث وافتها المنية بذات اللحظة، صعقنا جميعاً من تلك الحادثة، وتحديداً أمي الذي حزنت كل الحزن عليها خاصة أنها وحيدتها وتوفيت في شهر عسلها... ومن المحطات المؤلمة أيضاً وفاة أخي “زيد” رحمه الله الذي لم يكمل السنة الثلاثين من عمره .
س : هناك “كاريزما” ما خاصة في وجه فيصل الفايز جعلته محبوباً بين من كل من عرفوه، فماذا تقول عنها؟
يضحك ويقول: المحبة من الله سبحانه وتعالى، ويضيف : أنا لم أتغير منذ أن كنت في عمر الثامنة عشر، فلم تختلف شخصيتي في أي منصب كنت قد تقلدته، حتى عندما كنت أعمل مع جلالته رئيساً للتشريفات كان الجميع يدرك مدى قربي من جلالته، ومع ذلك بقيت كما أنا، لقناعتي بأن أي شخص يحاول أن يتكبر على الناس حتماً سيقع على رأسه، فالتواضع أهم صفة لدى الإنسان، تلك الصفة التي جعلت الكثيرين الذين كانوا يسيئون لي ويهاجموني يتقربون مني ويحاولون كسب صداقتي... وهذا أنا...
س : لو أن حكومتك قد استمرت لغاية الأن ماذا كنت ستفعل؟
ج : لا يمكنني القول بأنني كنت سأفعل العجائب لو بقيت، ولا يمكن القول بأنني فعلت كل شيء في عهد حكومتي، لأن الانجاز الذي تحقق في عهد حكومتي هو حصيلة تراكمات من حكومات سابقة ... لكن من الممكن القول بأنني كنت سأتعامل مع بعض القضايا بطريقة تختلف عن الآخرين، فلكل شيخ طريقته، إلا أن الانجاز دائماً تراكمي.
س : اذن انت لست من المعارضين من سرعة تبدل الحكومات؟
- اقول بأن الدولة صمام الامان فيها العرش، أما الحكومات تتغير وتتبدل.
س: من وحي تجربتك اثناء رئاستك للوزراء، وما قبلها وبعدها، برأيك ما هي المخاطر الحقيقية التي تهدد الأردن؟؟
ج: من الناحية الجغرافية السياسية، فوضع الاردن صعب، فالعراق من جهة مثقل، والضفة الغربية ولبنان أوضاعهما غير مستقرة.. كذلك هناك مخاطر امنية وسياسية واقتصادية، وأريد التأكيد على المخاطر الاقتصادية، وخاصة الداخلية منها والتي من الواجب معالجتها، لكن الاهم من ذاك كله تماسك الجبهة الداخلية والولاء للعرش، فنحن نختلف على كل شيىء، لكن يجب ان يكون هناك اتفاق على دور العرش في تاريخ هذا البلد، وحاضره ومستقبله، وعلينا التمسك بالعرش والالتفاف حوله، ومتى تحققت تلك الامور فحتماً لن يستطيع احد التأثير على أمن البلاد واستقرارها.
س : ما هو رأيك بالشخصيات التالية اسماؤهم؟
-عبد الهادي المجالي: رجل دولة وصاحب تجربة سياسية عميقة.
- باسم عوض الله: دينامو ورجل محب لوطنه ومليكه وهو اعتراف من القلب.
- معروف البخيت: رجل اردني من الصميم وهو من رجالات الاردن الذين يخدمون بلادهم.
- محمد الذهبي: احترمه واقدره، وهو رجل مهني يقود المؤسسة بكل كفاءة واقتدار.
س : من هم اكثر الوزراء قرباً لك من الفريق الوزاري؟
ج : حقيقة جميعهم تربطي بهم علاقة جيدة، لكن قد يكون الاكثر قرباً سعيد دروزة وفهد أبو العثم ونايف الحديد وباسم عوض الله وغيرهم....
س : ومن هم اكثر الاصدقاء قرباً ممن تتواصل معهم باستمرار وتفتقدهم على الصعيد الانساني؟
ج : اصدقائي كثر منهم رمضان الرواشدة وبشير الرواشدة وطه أبو دون وفهد أبو العثم ونايف الحديد وامجد المجالي وعبد الشخابنة وأبو كساب وفواز أبو الغنم..
س : هل لك أي اتصالات مع أي حزب..؟؟
ج : لا فليس لدي علاقة أو تدخل بأي حزب أو صالون سياسي.
س : لوحظ مؤخراً اهتمامك بالانشطة الثقافية ورعاية الكتب؟
ج : طيلة حياتي وأنا صديقاً للمثقفين فلدي اهتمامات بالثقافة ودعم المثقفين كما لدي علاقات جيدة مع عدد من المثقفين مثل احمد ماضي، وقد كنت أول رئيس للوزراء يقوم بزيارة لرابطة الكتاب الاردنيين.
س : والدتك رحمها الله، هي نهر من العطاء، كيف كان تأثيرها على فيصل الفايز؟
ج :محور حياتي والاساس في تربيتي هي أمي، التي يعود في نسبها لعائلة عريقة، فوالدها هاشم خير وجدها سعيد خير، لقد سهرت الليالي لتنشأتي النشاة الصالحة، وتنمية من شخصيتي التي هي انعكاس لتربيتها التي قامت على الاخلاق الجيدة والسمات الفاضلة، فقد سقتني من حنانها التواضع وعزة النفس، لدرجة أنني عندما كنت أرافقها للمستشفى للعلاج كانت تدعو الله “الله يحبب الناس والملك” فيك، واعتقد أن أبواب السماء كانت مفتوحة. لقد كانت والدتي كل حياتي فهي روحي وأنا كنت روحها، إنني أفتقدها كثيراً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :