facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة في مشروع قانون الجرائم الإلكترونيّة


خليف الزيود
22-07-2023 04:50 PM

عاش الإنسان في أزمنةٍ طويلة من العبودية المظلمة، حريته فيها مسلوبة، وحقوقه مهدورة ومستباحة، مما تسبب بنشوء نزاعات دمويّة بين الطبقة الحاكمة والشعب، اسفرت في النهاية باستئثار البرلمان بحق إقرار الضرائب، وتحديد الجرائم والعقوبات، وحماية سائر الحقوق والحريات، ومن هُنا اصبح مبدأ انفراد السلطة التشريعية في تنظيم مسائل الحقوق والحريات مستقر في غالبية النظم الدستورية المعاصرة وعلى هذا النهج سار المشرع الدستوري الأردني، فعهد إلى السلطة التشريعيّة مهمة سنِّ التشريع، بدليل المادة رقم (91) من الدستور الأردني لسنة 1952.

وتطبيقًا لذلك تُرسل مشاريع القوانين، من الحكومة إلى البرلمان، تحديدًا إلى مجلس النواب، الذي له حق تعديلها أو رفضها أو قبولها، وعليه في كل الأحوال ارساله إلى مجلس الأعيان، لذلك قام رئيس الوزراء بارسال مشروع قانون الجرائم الإلكترونيّة إلى رئيس مجلس النواب مع الأسباب الموجبة له، تمهيدًا لمروره بالإجراءات الدستوريّة، لكنه، أي المشروع، ما أن لبث في كنف مجلس النواب أن قوبل بالنقد والرفض، من الناس عمومًا، والسياسيين والصحفيين والإعلاميين وصانعي المحتوى خصوصًا.

وباستقراء نصوص المشروع نُلاحظ أنَّ الصائغ لمشروع القانون لم يراعِ مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة، أهم المبادئ الجزائية، والتي تهدف الى تحقيق العقوبة غايتها في الردع، وفرض العدالة، فقام بوضع غرامات طائلة وقاسية جدًا، قد تحول دون امكانية إصلاح وتأهيل المجرم بعد أن ينال جزاءه، بالإضافة إلى عدم مراعاة صائغ المشروع لطبيعة الجريمة وجسامتها عند تحديد ماهية العقوبة المترتبة عليها، وهذا خروج على بديهيات علم صياغة التشريعات الجزائية، إذ وضعَ عقوبات قاسية جدًا لجرائم أقل وطأة بكثير من جرائم رتب لها عقوبات بسيطة، وهذا يمكن مُلاحظته عند قراءة نصوص المواد 14 و 15 و 16 من مشروع القانون المذكور أعلاه، إذ رتب الصائغ للمشروع عقوبة الغرامة من عشرين ألف دينارًا وحتى أربعين ألف دينارًا على كل من يرتكب جريمة الذم والقدح والتحقير، وعقوبة الغرامة من 25 ألف دينار وحتى 50 ألف دينار لارتكاب ما يسمى بجرم اغتال الشخصية، في حين رتب عقوبة الغرامة من تسعة آلاف دينار وحتى 15 ألف دينارًا لمن يساعد ويروج ويحض على الدعارة والفجور.

كما نُلاحظ استحداث جرم "اغتيال الشخصيّة" والذي نصَّت عليه المادة رقم (16) منهُ، وهو مصطلح غير قانوني، يفتح باب التأويل والتفسير على مصراعيه حول مضامين اغتيال الشخصيّة، لذا يتوجب على المشرع إمعان النظر في نصوص المشروع.

لكن في ذات الوقت، واحقاقًا للحق، فإن للقانون جانب مُشرق يتجلى بتجريم بعض الأفعال التي لم تكن مُجرَّمة في القانون الذي لا زال نافذًا حتى الآن، كالتسول الإلكتروني، وانشاء الصفحات أو القنوات أو المواقع أو التطبيقات ونسبها زورًا إلى شخص طبيعي أو معنوي، خاص أو عام، بالإضافة إلى تغليظ العقوبات على بعض الجرائم، كجرائم الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال والمعاقين عقليًا ونفسيًا.

في نهاية المطاف، اتمنى على البرلمان، مجلسي النواب والأعيان، التأني عند دراسة مشروع هذا القانون، وعدم الاعتكاف على رأي اللجان القانونيّة لوحدها، إذ لابُد من تداول نصوص مشروع القانون ومناقشتها مناقشة معمّقة، والاستماع إلى جميع الجهات ذات العلاقة، فالمشروع يقع بين موجبات الدستور والتجاذبات السياسيّة، وبخلاف ذلك سيكون المشروع بمثابة المسمار الآخير في نعش الحقوق والحريات في الأردن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :