عمون - في العصر الجاهلي، كان الكرم من القيم البارزة لدى العرب، ويرتبط هذا المفهوم ارتباطًا وثيقًا بالالتزامات التي يشعر بها المضيف تجاه ضيوفه. كان البيئة الصحراوية والنظام الاجتماعي والقبلي السائد في المنطقة عوامل تعزز من أهمية التكافل الاجتماعي والكرم. وكان العرب في تلك الفترة يخصصون نصف ثروتهم تقريبًا لاستضافة الضيوف.

كانت أسباب الكرم في العصر الجاهلي تتمثل في عدة جوانب، منها:

طبيعة الحياة الجغرافية: نظرًا لأن البيئة العربية كانت جافة وصحراوية، اضطر السكان إلى التنقل باستمرار للبحث عن الغذاء والماء، مما جعلهم يدركون قيمة الضيف وحاجته للنصرة والإيواء.

الحياة الاجتماعية: كان الكرم من أبرز الفضائل التي تميزت بها القبائل العربية، وكانوا يفتخرون ويتباهون بكرمهم وسخائهم. وكانت ممارسة الكرم تزيد من شهرة القبيلة وترتفع بها في النظر.

التأثيرات الناتجة عن الصراعات: كانت الحروب والنزاعات تؤثر في تعزيز ظاهرة الكرم، حيث كانت السمات الإنسانية النبيلة مثل الكرم والجود تعزز من انسجام وتوحيد القبائل.

تعدّ حاتم الطائي من أبرز أمثلة الكرم في تلك الفترة. كان معروفًا بسخاءه وجوده، حتى أصبحت قصصه مثالًا للكرم. قصة قدومه لجارته التي طلبت طعامًا لأولادها الجائعين في وقت بارد تجسد هذه الفضيلة. فذبح فرسه وأطعمهم من لحمها دون أن يأكل منها شيئًا.

كذلك، عبد الله بن جدعان كان من الشخصيات الكريمة المشهورة في الجاهلية. كان أول من عمل "الفالوذ"، وهو نوع من الحاويات للطعام، لاستقبال الضيوف. كتب الشاعر أمية بن أبي الصلت عنه أشعارًا تمجد كرمه.

بشكل عام، كان الكرم والجود مظاهر مهمة للقيم الاجتماعية في العصر الجاهلي، وكان الناس يتباهون بسخائهم وكرمهم ويتميزون بهذه الصفات فيما بينهم.