عمون - مفهوم الانتماء الحضاري يشير إلى انضمام الفرد إلى حضارة معينة من خلال تبنيه وتأييده لها في مختلف جوانبها، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية. يلعب الانتماء الحضاري دورًا هامًا في تحديد هوية الشخص والمجتمع، حيث يأخذهما في رحلة ثقافية تمتد من البعد التاريخي إلى التطلعات المستقبلية، وبالتالي يساهم في تحديد مكانة وموقف الشخص والمجتمع في العالم.
تعدّ الانتماء الحضاري وسيلة فعّالة للحفاظ على هوية الأمة وتميزها، حيث تحميها من الاندماج غير المرتب والتلاشي في تباين الثقافات والشعوب. وقد تأثرت الانتماءات التاريخية للأفراد بعوامل متنوعة، منها الدين والانتماء القومي والتوجه الفكري، مما أكسب الفرد طابع التمسك بتلك الانتماءات.
من الناحية النفسية، تشير دراسات في علم النفس إلى أهمية الحاجة إلى الانتماء كوسيلة لتعزيز تعزيز ارتباط الفرد بجذوره وهويته. بموجب نظرية إريك فروم، يمثل الانتماء علاقة إيجابية ضرورية للفرد، حيث يمنحه شعورًا بالغرض والمعنى في حياته، مما يدفعه إلى التفاني والتضحية والمساهمة الإيجابية في المجتمع.
ترتبط مفاهيم مثل الانتماء، والمواطنة، والهوية ببعضها البعض بشكل وثيق. تساهم هذه المصطلحات معًا في بناء شخصية الفرد وتمكينه من مواجهة تحديات الحياة وأداء حقوقه وواجباته تجاه المجتمع والوطن.
مثال ملموس على تجسيد الانتماء الحضاري هو فن العمارة الإسلامية في قصور غرناطة. تجسد هذا الفن تراث الحضارة الأندلسية في العمارة والزخرفة والزجاج الملون والخط الراقي. يُظهر هذا الفن كيف أظهر أهل المدينة انتماءهم القوي للحضارة الأندلسية من خلال تبنيهم لأسلوب العمارة والتصميم المعماري المميز لتلك الحقبة.
الانتماء هو شعور دائم ومستدام، يتجذر في الفرد ويشكل جزءًا أساسيًا من هويته. يلعب الانتماء دورًا فعّالًا في بناء المجتمع، حيث يشجع الأفراد على المساهمة في تطويره والحفاظ على مكوناته. يساعد الانتماء أيضًا في تقويم الروابط الاجتماعية وتعزيزها، حيث يشجع الأفراد على المشاركة في الأنشطة والعمليات التي تعزز التواصل والتفاهم بينهم، مما يسهم في نشر القيم الإيجابية وتعزيز التآخي والتعاون.