facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




موسم الرياض


فيصل سلايطة
24-01-2024 03:07 PM

يقول بيتهوفن في الموسيقى " هي الوسيط بين الحياتين الروحية و الحسيّة " إذ هي أكثر الهاما من جميع الحِكم و الفلسفة.

احيانا كثيرة نتأمّل في عناصر الموسيقى ، كيف بدأ الانسان هذه الرحلة العجيبة من الصفر ، كيف ترجم احساسه بالكلمات ثم ابتكر اللحن ثم تدرج نحو تكوين الآلة لتتمازج الكلمة على سكة النغمة بقيادة الآلة !

الموسيقى عالم بديع أوجده الانسان حرفيا من العدم أو حتى شبه العدم ، ففب الطبيعة ما يقودنا نحوها .. من تغريد العصافير التي تلهم لألف معزوفة ، أو دقائق قُرب نهرٍ جارٍ نستطيع السفر على جناح السلام في حضرة الهدير ، فالكون كلّه عنوانه الموسيقى.

كنتاج لرحلة الانسان مع الموسيقى تكوّنت ثقافات عديدة و امتازت ملامح الشعوب ، فهل نستطيع فصل فيروز عن لبنان؟ أو تغييب الاردن عن مسيرة سميرة توفيق؟ أو أم كلثوم عن مصر؟ و منْ مِنّا لا يتذكر السعودية مع محمد عبده؟ و سوريا كلما أطل صباح فخري؟ و الجزائر كلما قالت وردة " اسمعوني " ، و هل يغيب العراق عن نغمات سعدون جابر؟ و ذكرى عن تونس؟ و العديد العديد ممن حملوا الاوطان و البلدان على اكتافهم؟

لذلك تبنى الموسيقى صورة بديعة عن الأوطان بالتوازي مع غيرها من الانجازات تماما كتلك التي تحدث في الشارع و البُنيان .

في افريقيا الموسيقى لها وقع خاص ، ففي بعض القبائل هناك , الرقصات الشعبية هي فلكلور يعبّر عن كل قبيلة و يرسم صورة مبهجة عنوانها الفرح و أحيانا الحُزن ، و بها يتنفسون و ينفّسون عن احساسهم و اوجاعهم , عند تصفح أيّ موقع بحثي و التعمق في التاريخ العربي ، نجد أن الموسيقى تكاد أن تكون الشريحة الوحيدة التي لم تجلب الويلات للشعوب العربية ، فلا هزائم بها ولا انكسارات ، لم نسمع يوما عن معركة راح بها قتلى سببها النغمات ، بل على العكس قد تجهل بعض شعوب العالم بلداننا و تضاريسها و لغاتنا و تعرفنا من رموزنا الفنّية الجميلة ، فكم من رموز موسيقية ناصعة كُرِّمتْ في مشارق الأرض و مغاربها؟ و صدرت للعالم صورة حضارية عن وطننا العربي ...
من غير شك ، كما قد نجد رجال دين يخونون الأمانة ، و موظفون فاسدون ، و عمّال لا يراعون المهنية ، قد نجد في الموسيقى ما هو دون المستوى ، و لكن هل نستطيع التعميم؟ هل نستطيع اعتماد الطفرات و تشويه صورة كاملة فقط بسبب بقعة صغيرة من الحبر في زاوية ورقة بيضاء ؟ هل نمحي التاريخ بسبب هزيمة , أو نهدم مدرسة لوجود قاعة صفيّة بلا إنارة ؟ لذلك ففي الموسيقى ما قد يشوّهها لكنّه بالتأكيد ليس الاصل و معيار التقييم أو حجة للهدم و الرجم العدمي أبدا .

في الحاضر العربي عرفت الاوطان تجمّعات موسيقيّة مهمّة , كمهرجان جرش و بعلبك و قرطاج و تدمر و تيمقاد و غيرها الكثير , و اقامت دور أوبرا كثيرة كتلك التي في القاهرة و الكويت و الامارات و سوريا امسيات فنية أصبحت أرشيفا هامّا في المكتبة الموسيقية العربية , لتأتي الرياض الآن و تقتحم أروقة الموسيقى العربية من أوسع ابوابه في مواسم رياضها المدهشة , فموسم الرياض بات علامة فارقة في الانفتاح السعودي , من تنظيم و تحضير و تنفيذ على أعلى المستويات , أصبحت الرياض به و معه نقطة الجمع العربية .

استقبل الشعب السعودي هذا التحوّل بتقبّل كبير , فهذا الشعب المتذوّق لطالما سافر إلى مشارق الارض و مغاربها للاستمتاع بالموسيقى الصافية, لذلك يحقّ له الفرح الآن , فكما اسلفت , الموسيقى تروي قلوب الشعوب و تُغني العقول و تجعل الليونة مسلكها , و هي بالتأكيد ترسم صورة عن الاوطان ...فمقولة " يعرف مدى تطوّر الأوطان من مستوى الموسيقى بها " هي تقريبا حقيقة و واقع , فبالتوازي مع نهضة الاوطان ستنهض الموسيقى بها , خطّان متوازيان يتقاطعان في الغالب و يسند كل منهما الآخر.
مستوى الابداع في الرياض لا يقلّ أبدا عن عواصم العالم الاخرى , و بالرغم أنّها أشرقت مؤخرا في مضمار الموسيقى إلّا أنّها استطاعت أن تضع وليدها مكتملا ناضجا ليجذب منذ خطواته الاولى الاعين و العقول و يتصدّر المشهد و العناوين , فمن حقنا كوطن عربي أن نسعى جاهدين لنرسم صورة مشرقة عنه في كل المحافل , ليس طلبا لرضى العالم بقدر ما هو اثبات أنّنا نستطيع و نملك من الامكانيات و الافكار و المواهب و العقول ما توازي أو حتى تتفوق على الغير , نحن الشرق الذي بدأ بنا و معنا الحرف , نحن زرياب و جبران و المتنبّي نحن امرؤ القيس و عنترة , نحن الشِعر العتيد و الحُب الفريد .

للفرح دائما اعداء تماما ككارهي الشعور الانساني البريء و ترجماته المختلفة , هم الذين يفضّلون العدمية على التطوير و يسعون نحو الخراب عوضا عن نشر السعادة , سيبقون دائما في الجبهة التي تناهض الفرح , الذين في الخفية يهرولون إلى كل ما يهاجمونه في العلن , فيرقصون في الظل و يستمتعون بالنغمات , أما تحت الضوء فيعلّقون المشانق لكل مطوّر و محدّث , هؤلاء يغتالون الاوطان بدءًا من نشيدها الوطني الذي يجيّش المسامع بموسيقاه انتهاءً بالعقول ,,,فلا التفات لهم يجب أن يتم ما دامت نهضة الاوطان هي عنوان المرحلة .

نهضة السعودية و العصر الجديد الذي تعيشه سوف يجذب لها السيّاح من مشارق الارض و مغاربها ، أسوة بباقي الدول العربية ، و لأنّها تسير على تخطيط عقلاني منطقي ، تعي الرياض بأنّ المستقبل قد لا يكون الاعتماد به كليا على مدخول النفط و مشتقاته ، فتنويع سلّتها الانتاجية واجب وطني يحتم عليها السعي لتحقيقه في شتى المجالات ، و في النهاية يجب أن تأتي اللحظة التي نتسواى بها مع المفرزات العالمية أو نتفوّق عليها ، نحن العرب الذين قد نبني القيود في العقول نحتاج لبعض الرموز الحالية لكسرها و المضي قدما نحو التطوير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :