facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




احتراق دار المسنين .. نيران المبنى أطفأت نور الرحمة


د. هاني الضمور
14-12-2024 02:08 PM

ليس احتراق دار المسنين هو الجرح الحقيقي، بل الطعنة الغائرة في قلوبنا جميعًا هي رؤية آبائنا وأمهاتنا يعيشون أيامهم الأخيرة بعيدًا عن دفء منازلهم وأحضان أسرهم. النار التي التهمت جدران هذا المبنى كشفت نارًا أشد قسوة، نار الجفاء والإهمال التي أطفأت فينا معنى البر والوفاء.

كيف يُترك من أفنى عمره في تربيتنا وسهر على راحتنا وحمل همومنا، ليعيش في عزلة، محاصرًا بجدران باردة؟ أين الأبناء الذين كانوا يومًا يتعلّقون بوالديهم، يتوسّلون عطفهم؟ أين الإخوة الذين يفترض أن يكونوا السند وقت الحاجة؟..

مشهد المسنين وهم يعيشون في تلك الدور، بعيدًا عن كل ما يمنحهم الطمأنينة، يصرخ فينا: ما الذي حدث لأمة قال نبيها الكريم صلى الله عليه وسلم: “الجنة تحت أقدام الأمهات”؟ كيف غفلنا عن وصية الله سبحانه: “وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” [الإسراء: 24]؟

في زمنٍ أصبحت فيه القيم الإنسانية رفاهية، صار البر بالوالدين خيارًا، وليس واجبًا، وكأننا ننسى أن إكرامهم عبادة وطريق إلى الجنة. ترك المسنين في دور الرعاية ليس حلاً ولا مبررًا، بل هو جفاء وجحود. الإسلام لم يعرف تلك القطيعة، بل جعل من رعاية الوالدين في كبرهم شرفًا وواجبًا، لا يقدمه إلا من كان قلبه عامرًا بالإيمان والرحمة.

هذه الحادثة المؤلمة ليست مجرد كارثة عابرة، بل صفعة على وجوهنا جميعًا. صفعة تقول: أين أنتم؟ أين قيمكم؟ من سيرعى قلوبًا ضعيفة أنهكها الزمن إن لم تفعلوا؟..

أيها الآباء، لا تأمنوا على شيخوختكم في زمنٍ تتبدل فيه القيم. وأيها الأبناء، تذكروا أن الأيام تدور، وأن الجحود لن يمر دون حساب.

النار التي أحرقت دار المسنين كانت إنذارًا. إنذارًا بأننا على حافة هاوية إنسانية، بأننا خذلنا من كانوا يومًا حياتنا وسندنا. فلنصحح المسار قبل أن يأتي يوم نحترق فيه بنار الندم، حين لا ينفع الندم.

الدنيا لا تساوي شيئًا إذا خلت من الرحمة، فلنعيد للقلوب دفء الرحمة، ولنكن لأهلنا سندًا قبل أن يصبح البكاء على الأطلال هو كل ما تبقى لنا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :