عمون –الدكتور ممـدوح اللـوزي - هل استغلال الصخر الزيتي سيدر مبلغ 66 مليار دينار سنوياً على الخزينة وكما ورد في ورشة العمل التي أقامتها شعبة هندسة المناجم والتعدين والهندسة الجيولوجية والبترول بنقابة المهندسين يوم السبت الموافق 4/6/2011؟

هنا نتساءل هل نجح العالم في إنتاج النفط من الصخر الزيتي؟

هنالك ترليونات من الأطنان من الصخر الزيتي في العالم ومن أهم هذه الدول: الولايات المتحدة الأمريكية وباحتياطي يتعدى 72% ويأتي الأردن في الترتيب الثالث وباحتياطي يتعدى 40 مليار طن وهو يمثل 2ر4% من الاحتياط العالمي.

حاولت دول كثيرة ومنذ عام 1837 استغلال الصخر الزيتي ولكنها لم تفلح كون أن الطرق المستعملة لم تكن مجدية اقتصادياً أو بيئياً وغير منافسة لسعر النفط.

الكونجرس الأمريكي وافق على 14 مليار دولار للاستمرار في تطوير أنواع الوقود الاصطناعي من الصخر الزيتي وفي 1985 ألغى الكونغرس برنامج أنواع الوقود السائل التركيبي بعد 40 سنة و 8 مليارات دولار بسبب عدم جدواه الاقتصادية.

يتساءل السيناتور الأمريكي لولاية يوتا إذا كان الصخر الزيتي غنياً بالطاقة وسهلاً استخلاصه لماذا لا يوجد أي دولة في العلم لم يزد إنتاجها على 16000 برميل يوميا (ما يستهلكه الأردن في 4 ساعات او امريكا في دقيقة واحدة).

استونيا تعتبر من الدول التي استخدمت الصخر الزيتي في الحرق المباشر لإنتاج الكهرباء. هنالك مشاريع صغيرة جداً في الصين والبرازيل حيث أن شركة بترو براز البرازيلية (Petrobras ) أنتجت 3900 برميل يوميا عام 1999 و4600 برميل يوميا عام 2007. أي أن الإنتاج اليومي لا يكفي الأردن لمدة ساعة واحدة.

الصين وبشركة ( Fushun Oil Shale Retorting Plant ) استخدمت مفاعلات (retorters) منذ عام 1992 لتنتج سنويا 60000 طن نفط من الصخر الزيتي أي أن الإنتاج السنوي لا يكفي الأردن لأربعة أيام. استونيا أنتجت عام 1999 ما يقارب 151000 طن نفط من الصخر الزيتي وإنتاجها السنوي يكفي الأردن لمدة عشرة أيام فقط لا غير.

الشركة الكندية سنكور(Suncor) التي وصل دخلها في عام 2008 إلى 1ر2 مليار دولار من استخراج النفط من الرمل البترولي الكندي قامت باستثمار في الصخر الزيتي الاسترالي. وبعد سنوات فشلت الشركة في المشروع بعد خسائر بمئات الملايين وأصبحت الشركة تعرف وتقدر الفرق بين الرمل البترولي والصخر الزيتي.

يتساءل حاكم ولاية كولورادو الأمريكية: لدينا في ولاية كولورادو ويوتا (Colorado and Utah) ما يزيد على 50% من الصخر الزيتي في العالم ونستورد ما يزيد على مليون برميل يوميا من النفط الكندي المستخلص من الرمل البترولي، هل نحن أغبى من الكنديين؟. الجواب واضح لا توجد تكنولوجيا حاليا تستطيع إنتاج النفط من الصخر الزيتي بطرق اقتصادية وتنافس سعر النفط الحالي. في بداية السبعينيات ويعد الحضر العربي لتصدير النفط قامت شركات أمريكية (Exxonر Toscoر Unocal and Shell) باستثمار يقدر بـ10 مليارات دولار في الصخر الزيتي أنتجت خلال 13 سنة 5 ملايين برميل وهو ما تستهلكه أمريكا اليوم في 6 ساعات. الشركات جميعها تركت استثماراتها في هذا المجال.

يجب استخدام الحقائق العلمية وأن نتعلم من تجارب الشركات العملاقة في مجال الصخر الزيتي وان لا يدلي كل منا بدلوه ويصبح الكل منا خبيرا في الصخر الزيتي بحيث تتعقد الأمور ويصبح صانع القرار أمام ضغط وكأن الصخر الزيتي جاهز ومربح كما يصوره البعض وان الحكومة لا تتدخل. حتى أن البعض عندما يسمع أن لدينا 40 مليار طن من الصخر الزيتي يصبح يجمع ويطرح.

كذلك فان المادة المنتجة تختلف مكوناتها عن النفط البترولي حيث أنها تحتوي على شوائب وكبريت ولا تستخدم مباشرة في مصافي النفط وتحتاج إلى معالجة مكلفة قبل مصافي النفط. استعملت استونيا النفط المنتج من الصخر الزيتي كمادة فيول (Fuel Oil). تواجه الحكومات دوما ضغوطاً من اجل إدراج الصخر الزيتي على الإستراتجية الوطنية كمطلب وطني وشعبي ولكن يجب أن مراعاة النواحي الاقتصادية و التكنولوجية أن كانت متوافرة. حسب معرفتي فان التكنولوجيا متوافرة على مستوى معامل تجريبية صغيرة لإنتاج 1000 أو 10000 برميل ولكن لا يوجد أي دولة في العالم تعدى إنتاجها 15000 برميل والأردن يحتاج إلى 120000 برميل يوميا وأمريكا 20 مليون برميل يوميا والعالم 90 مليون برميل يوميا.
على الرغم من خبراتنا التي تزيد على 25 عاما في النفط وأبحاث في جامعات أمريكية ولكننا نرى ونسمع أحيانا ممن يطالبون بضرورة إنتاج النفط من الصخر الزيتي الأردني.

يمكن وبسهولة إنتاج النفط من الصخر الزيتي مخبريا ولكن لا يجوز أن نقوم باستنتاجات وآمال على الدراسات المخبرية لان التطبيق التجاري والاستثماري يختلف عن النتائج المخبرية. إذا كانت الأمور بتلك السهولة فلماذا أكثر الدول التي هي بحاجة للنفط مثل الصين واستونيا والمغرب وأمريكا والتي لديها مخزون يزيد عن 80% من الاحتياط العالمي من الصخر الزيتي لم تقم بإنتاج النفط من الصخر الزيتي تجاريا حتى هذا اليوم. لقد قامت الحكومة الأردنية ومنذ الثمانينات بدراسات وإرسال عينات إلى الصين وألمانيا لدراسة استغلال الصخر الزيتي.

منذ الثمانينات قام أكاديميون أردنيون وباحثون من مركز الصخر الزيتي الأردني في سلطة المصادر الطبيعية بإجراء أبحاث ودراسات مستفيضة على الصخر الزيتي منذ الثمانينات. نحن مع دعم البحث العلمي ولكن على الباحثين التوجه نحو دراسات واكتشافات جديدة وليس تكرار لما تم دراسة سابقا.

وكذلك فلقد صرح معالي الدكتور ماهر حجازين لوكالة الأنباء الأردنية في 29/3/2009: ".... وعن الآمال المعقودة على استغلال الصخر الزيتي نبه حجازين إلى انه لا يوجد في العالم مشروع متخصص باستغلال الصخر الزيتي وان مجموع الإنتاج العالمي اليومي من هذه المادة لم يتجاوز حتى الآن 15 ألف برميل أي حوالي 15 بالمائة من إجمالي الاستهلاك اليومي للمملكة من الطاقة، ما يدل على أن هذه المشروعات صغيرة.......... وقال أن دراسات الشركة الاستونية لإنتاج النفط من الصخر الزيتي تشير إلى أن الوصول إلى مرحلة يبلغ فيها الإنتاج 36 ألف برميل يوميا يحتاج إلى استثمارات تقدر بحوالي ستة بلايين دولار منها بليونا دولار لرفع سوية الزيت المنتج من الصخر الزيتي وإعداده لمرحلة التكرير في مصفاة البترول...." انتهي الاقتباس. علما أن أل 36 ألف برميل يوميا هي ربع حاجة الأردن اليومية. ان المعلومات الوردة في هذا المقال مأخوذة من مراجع علمية وعالمية ومتوافرة لمن يريد.

المشكلة عندنا أنه منذ سنوات كثر الحديث عن إنتاج النفط من الصخر الزيتي وكأنة لدينا ثروة جاهزة وغير مستغلة. نحن بحاجة لدعم الدول العربية الشقيقة والتصريحات الصادرة من عمان: 100000 برميل و 450000 برميل والتصريح في ورشة العمل التي أقامتها شعبة هندسة المناجم والتعدين والهندسة الجيولوجية والبترول بنقابة المهندسين السبت 4/6/2011 عن مليون و 650 ألف برميل والذي سيدر 66 مليار دينار سنويا على خزينة الدولة. ومن يقرأ هذه التصريحات سيعتقد بأننا دولة نفطية والحكومة مقصرة.
ارحموا الأردن ويا ريت نتوخى الدقة في المعلومات وان لا نبالغ فأننا بحاجة لدعم الدول الصديقة.

لم أكن ارغب إعادة الكتابة حول هذا الموضوع ولكن ما دفعني لذلك هو أن الصورة لا تزال ضبابية حول إنتاج النفط من الصخر الزيتي. لقد كتبنا قبل عامين حول هذا الموضوع في جريدة الرأي وأنه لا توجد دولة في العالم تنتج نفطاً تجارياً من الصخر الزيتي ولكن يبدو أن المعلومة مغيبة.

لقد قامت سلطة المصادر الطبيعية مشكورة باستقطاب شركات للاستثمار في الحرق المباشر للصخر الزيتي لإنتاج الكهرباء أو لإنتاج كميات بسيطة من النفط. وكان لنا خلاف على إحدى الطرق ولأسباب معروفة لهم ونتمنى التوفيق والنجاح لجميع الشركات.
أن الصخر الزيتي يحرق في بعض الدول مثل استونيا لإنتاج الكهرباء. ونتمنى لو أنة تم استثمار إنتاج الكهرباء بواسطة حرق الصخر الزيتي منذ الثمانينيات وان يكون على أوليات الخطة الاستراتيجية للطاقة طويلة الأمد.


د.ممـدوح اللـوزي
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
تفرغ علمي في المملكة العربية السعودية