عبد المحسن قطان في ذكراه الثامنة
يوسف عبدالله محمود
31-01-2025 08:20 PM
لسان حاله قول الشاعر: "حبذا العيش حين قومي جميعٌ لم تُفرق امورها الأهواء
هو ابن يافا المحتلة عبد المحسن قطان رجل ولا كل الرجال، عصاميًا نشأ. في ذكرى رحيله العام 2017م نستذكر قامة فلسطينية من جِبلة أخرى شعارها الاستقامة والانجاز. عاشقًا لوطنه المحتل فلسطين. نذر نفسه وامكاناته المادية لخدمة أبنائها. هو القائل "زرعوا فحصدنا ونزرع فيحصدون". للأسف حصادنا اليوم بات مرًا!
عبد المحسن قطان رجل أعمال اقبلت عليه الدنيا فلم تبطره النعمة والثراء. له بصمات خالدة تتحدث عنها مشاريعه الخيرية في كل شبر من ارض فلسطين المحتلة.
هو القائل: "إني متفائل بسقوط اسطورة احتكار الصواب في الوطن العربي ولو بشكل نسبي، ومتفائل بحدوث ما هو اوسع واشمل من عمليات التجميل التي تلجأ اليها بعض الأنظمة العربية. والأمل ان تستوعب النخب الحاكمة في الوطن العربي ضرورات التقدم ومتغيرات العصر". (كتاب "حوارات وشهادات"، تأليف: توفيق ابو بكر، ص 206).
وقف رحمه الله بكل قوة الى جانب "الانتفاضة الفلسطينية" منذ بدايتها. دعا الىتوفير الدعم الشعبي والرسمي لها، حاثاً الحكومات العربية على استخدام كل وسائل الضغط الاقتصادي والسياسي على الولايات المتحدة والغرب على توخي العدالة في مقاربة القضية الفلسطينية. معاييرهم المزدوجة اخلت بالعدالة الإنسانية. بررت ظلم الشعوب ومنها الشعب الفلسطيني.
وبمنطق حكيم يقول: "الامريكيون يتعاملون مع الحقائق بغض النظر عن العدالة المطلقة والنسبية في صف من تقف هذه العدالة ولمصلحة اي طرف" (المرجع السابق ص 133).
يرحل عبد المحسن قطان –رحمه الله- والخلافات العربية حول اقدس قضية في أشدها. حكام العرب –الا القليل منهم- في واد وشعوبهم في واد آخر.
على امتداد حياته ظل وفيًا لقضيته الفلسطينية يدعو الى "انشاء بنك تنمية عربي" برأسمال 50 مليون دولار، يدفعه العرب القادرون على مدى معين من السنوات.
ومع الأسف لم تتحقق دعوته فقلوب الحكام شتى!
انتقد عبد المحسن قطان الواقع العربي المؤلم، فنحن –كما يرى- بتنا نستورد "الازمات" واعني هنا الحكام لا الشعوب.
ناشد عبد المحسن قطان "المتفرجين" من الحكام وولاة الأمور على مآسي شعوبهم ان يقلعوا عن "التفرج" وان تخلص عندهم النوايا!
مع الأسف لم يتعاملوا مع هذه الدعوة بإخلاص ما عدا القليل منهم. اداروا لها الظهور! اكتفوا بالشجب والاستنكار!
قلت ان مشاريع عبد المحسن قطان الخيرية شملت ارجاء واسعة من ارضنا الفلسطينية ومنها: "مركز القطان لأطفال غزة"، وهو مؤسسة تقدم لأطفال هذه المدينة الباسلة كل ما من شأنه أن ينمي مواهبهم ويخفف من مآسيهم. كان الله في عون غزة هذه الايام، الكل تآمر عليها. وحدها المقاومة الفلسطينية هي الصامدة.
تم انتخاب هذا الرجل الكبير عام 1969 لمنصب الرئيس للمجلس الوطني الفلسطيني، لكنه ما لبث ان تخلى عنه بسبب الخلافات العربية.
وبعد، آمن هذا الرجل ان التخاذل العربي سبب حالة الهوان العربية. ما أكثر ما قيل ان قضية فلسطين هي قضية العرب المركزية والأولى. ها نحن نراها اليوم بعيدة عن اجندتهم، وكأنها لم تعد تعنيهم.
تصريحاتهم حدث عنها ولا حرج، بينما افعالهم خلاف ذلك. تصريحاتهم شقشقة لسان!
أتساءل في النهاية متى نحزم كعرب امرنا. لا تعوزنا الإمكانات والموارد. ما يعوزنا هو نقاء الضمائر وصفاء النوايا والإصرار!
رحم الله عبد المحسن قطان ونحن نستذكر ذكراه الثامنة. لم يساوم على مواقفه المشرفة كما يفعل الآخرون باستثناء الاطهار منهم وما أقلهم!