facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إلى ترامب: غزة ليست للبيع والتاريخ لا يُمحى بصفقة تجارية


أ. د. هاني الضمور
05-02-2025 12:04 PM

دونالد ترامب، رجل الصفقات والمساومات، يظن أن كل شيء في هذا العالم قابل للبيع، حتى الأرض التي ارتوت بدماء أصحابها وحتى القضية التي صمدت عقودًا في وجه الطغيان. يقف أمام الكاميرات، يبتسم بثقة، يعلن عن رؤيته الجديدة لغزة، وكأنها مشروع استثماري يحتاج إلى إعادة تصميم، وكأن شعبها ليس إلا أرقامًا يمكن نقلها من خريطة إلى أخرى. يظن أنه يستطيع هندسة الواقع على هواه، كما فعل مع شركاته ومشاريعه، لكنه ينسى أن غزة ليست قطعة أرض معروضة في مزاد، وأن فلسطين ليست عقارًا يبحث عن مالك جديد.

ما يطرحه ترامب ليس رؤية سياسية ولا حتى خطة اقتصادية، بل مجرد وهم لا يمكن أن يعيش إلا في خياله. كيف يمكن أن يتحدث عن “ريفييرا الشرق الأوسط”، وهو الذي يدعم بكل قوته آلة الحرب التي تمعن في تدميرها؟ بأي منطق يتحدث عن “توطين الفلسطينيين” في أماكن أخرى، وكأن الشعب الفلسطيني أمتعة يمكن ترحيلها من بلد إلى آخر؟ كيف يجرؤ على طرح حل لم يأخذ رأي أصحاب القضية ولم يُستشر فيه إلا من يريدون استمرار الاحتلال والهيمنة؟

ترامب يظن أن بإمكانه أن يعيد كتابة التاريخ، لكنه لا يقرأه. لو كلف نفسه عناء النظر في الماضي، لعرف أن كل محاولات فرض الحلول الجاهزة على الفلسطينيين قد سقطت، وأن كل من راهن على كسر إرادتهم قد خسر رهانه. الفلسطينيون ليسوا هنودًا حمرًا ليُطردوا إلى محميات، وليسوا شعبًا بلا ذاكرة ليقبلوا التهجير وكأنه قدر لا مفر منه. غزة التي صمدت في وجه الحصار والقصف والعدوان لن تُمحى بجرة قلم، ولن تتحول إلى مشروع عقاري في حسابات البيت الأبيض.

يتحدث ترامب عن “صفقة”، لكن أي صفقة هذه التي يكون فيها طرف مستعمِرًا وطرف آخر ضحية للتهجير؟ أي صفقة هذه التي تمحو حقوقًا وثّقتها القوانين الدولية، وتحاول أن تفرض واقعًا بالقوة؟ القرارات الأممية واضحة، والحقوق الفلسطينية ثابتة، ولا رجل أعمال مهما بلغ نفوذه يمكنه أن يغير ذلك. لا أحد يستطيع أن يقرر مصير غزة إلا أهلها، ولا يمكن لأي قوة أن تنتزع وطنًا من قلب من زرعوه بدمائهم.

ترامب قد ينجح في بناء ناطحات سحاب في نيويورك، لكنه لن يبني سلامًا على أنقاض العدالة. قد يفرض شروطًا على من يبحث عن رضاه، لكنه لن يفرض على الفلسطينيين أن ينسوا هويتهم وحقهم. غزة ليست للبيع، وفلسطين ليست ورقة في دفتر صفقاته، ومن يعتقد غير ذلك فهو لا يعرف شيئًا عن الأرض التي كلما اعتقدوا أنها انكسرت، نهضت من تحت الركام أقوى وأصلب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :