لقاء الملك وترامب .. ثوابت أردنية في مواجهة التحديات الإقليمية
د. أشرف الراعي
05-02-2025 01:40 PM
قبيل لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي ترامب، تبرز العديد من الملفات الحيوية التي تشكل جوهر السياسة الخارجية الأردنية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ومستقبل الدولة الفلسطينية، وكذلك الموقف الأردني الراسخ الذي لا يقبل المساومة.
وفيما يعيش الشرق الأوسط مرحلة من الاضطرابات المتزايدة، حيث تتفاقم النزاعات الإقليمية، ويزداد الضغط على الدول التي تتبنى مواقف مبدئية تجاه القضية الفلسطينية، تأتي هذه التحديات في ظل استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية، والتغيرات في موازين القوى الإقليمية والدولية. والأردن، كدولة محورية في المنطقة، يواجه ضغوطاً مستمرة لإعادة ترتيب أولوياته وفقاً لمصالح القوى الكبرى، إلا أن الموقف الأردني يظل ثابتاً، مدعوماً بعمق علاقاته العربية والدولية، وبموقعه الاستراتيجي كدولة ذات دور محوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
كل هذا في وقت تُعد فيه غزة اليوم واحدة من أكثر المناطق تضرراً في العالم، حيث تعيش تحت وطأة حصار طويل وعدوان مستمر أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، ومنذ بداية الحرب الأخيرة، كان الموقف الأردني واضحاً في ضرورة وقف العدوان فوراً، ووجه بجهود إغاثية عاجلة من خلال الجسر الجوي الأردني لإرسال مساعدات إنسانية إلى القطاع، بالتعاون مع الأشقاء العرب.
الأردن يرى أن معالجة أزمة غزة لا يمكن أن تكون بمعزل عن الحل السياسي الأشمل، وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وأن أي محاولة لفصل غزة عن الضفة الغربية، أو التعامل معها كملف منفصل، مرفوضة من قبله، ويدرك أن ذلك سيكون مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية عبر حلول جزئية، فلطالما أكد جلالة الملك عبد الله الثاني أن “لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حلٍ عادلٍ وشامل للقضية الفلسطينية"، وهذا الموقف ليس مجرد تصريح سياسي، بل هو جزء من العقيدة الدبلوماسية الأردنية، التي تسعى لضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
كما سيرفض الأردن أي خطط تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تجاوز حقوق الفلسطينيين، سواء عبر فرض حلول أحادية الجانب، أو عبر محاولات توطين الفلسطينيين في أماكن خارج وطنهم، فضلا عن كون الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تُعد خطًا أحمر لا يمكن المساس به، بحيث يُشكل هذا الدور ضمانة أساسية للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة.
أما السياسة الأردنية في هذا الإطار فستكون حتماً قائمة على الحوار المباشر، والاستفادة من التحالفات الدولية والإقليمية، مع التأكيد على أن الأردن دولة مستقلة ذات سيادة، تتخذ قراراتها بناءً على مصلحتها الوطنية وليس وفقاً لضغوط خارجية، ما يتوقع معه أن يكون لقاء الملك بترامب، مناسبة لتأكيد الموقف الأردني الثابت من القضية الفلسطينية، وإيصال رسالة واضحة بأن الأردن لن يساوم على حقوق الفلسطينيين، ولن يقبل بأي حلول تنتقص من حقهم في دولة مستقلة وفقاً لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.