هل تتحلى حماس بالمسؤولية السياسية لإنقاذ غزة وشعبها؟
م. وائل سامي السماعين
07-02-2025 09:51 AM
حماس، كحركة مقاومة، تتبنى خطابًا يركز بشكل أساسي على المقاومة والمواجهة مع إسرائيل، وتطرح نفسها كمدافع رئيسي عن غزة وسكانها. إلا أنها، في الواقع، غالبًا ما تطلب من الشعب الفلسطيني التضحية، سواء عبر الانخراط في المقاومة المسلحة أو تحمل تبعات الحصار والدمار المتكرر. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل يمكن لحماس أن تضحي بنفسها، كتنظيم وحركة مقاومة ، لصالح غزة وسكانها، خصوصًا بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب المستمرة منذ 15 شهرًا، والتي جعلت سكان القطاع بلا مأوى، وخصوصا في ظل حديث متزايد عن مخططات لتهجيرهم إلى دول أخرى، مثل الأردن ومصر وأرض الصومال والمغرب؟ لكن الواقع يشير إلى أن حماس خاضعة لعدة عوامل تقيد قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني، ومنها.
اولا -منذ سيطرتها على غزة عام 2007، لم تُبدِ حماس أي استعداد للتخلي عن الحكم لصالح سلطة وطنية جامعة، حتى في أشد الأزمات، كالحصار والحروب المتكررة. لقد بات واضحًا أن الحركة تضع مصلحة التنظيم فوق المصلحة الإنسانية لسكان غزة، حيث تتخذ قرارات سياسية وعسكرية دون مراعاة للأوضاع المعيشية المتدهورة لأهالي القطاع.
ثانيا -رغم أن المقاومة تُعد خيارًا مشروعًا، إلا أن غياب استراتيجية سياسية متوازنة جعل غزة عالقة في دوامة من الأزمات المتتالية، دون أي أفق حقيقي لتحسين الأوضاع أو تحقيق مكاسب سياسية ملموسة. إن اعتماد حماس على المواجهة العسكرية فقط، دون البحث عن حلول سياسية مستدامة، أدى إلى تفاقم معاناة سكان القطاع.
ثالثا -حماس ليست لاعبًا مستقلاً، بل ترتبط بمحاور إقليمية، مثل إيران، ما يجعل قراراتها السياسية رهينة لمصالح هذه الدول، بدلاً من أن تكون موجهة حصريًا لخدمة الشعب الفلسطيني. هذا الارتباط يعيق أي تحرك نحو حل جذري للمأساة التي تعيشها غزة، ويجعل من المستبعد أن تضحي الحركة بنفسها لصالح المصلحة الوطنية.
رابعا - إن ما يمنع حماس من التحول إلى فصيل سياسي بحت هو طبيعتها الأيديولوجية والعسكرية، حيث تعتبر وجودها جزءًا من القضية الفلسطينية، وترى أن التخلي عن سلطتها وسلاحها يعني إنهاء دورها بالكامل. لكن الواقع اليوم يفرض ضرورة إعادة التفكير في هذا النهج، خاصة مع تصاعد المعاناة الإنسانية في غزة.
قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، على قيادة حماس أن تتحلى بالمسؤولية السياسية، وأن تتخذ قرارًا جريئًا بحل الحركة أو على الأقل إنهاء وجودها كسلطة حاكمة في غزة، والاندماج ضمن مشروع وطني فلسطيني موحد تحت قيادة السلطة الفلسطينية. فاستمرار الانقسام الفلسطيني يخدم فقط الاحتلال الإسرائيلي، بينما يدفع سكان غزة الثمن الأكبر من الدمار والحصار والدماء.
لقد آن الأوان لحماس أن تثبت أنها تضع مصلحة غزة وفلسطين فوق مصالحها التنظيمية، وأن تتحلى بالشجاعة اللازمة لاتخاذ قرارات حاسمة، حتى لا يبقى الشعب الفلسطيني رهينة للصراعات الداخلية والانقسامات التي أرهقته لعقود.
المهندس وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com