العرب ما قبل وبعد "سايكس بيكو"
فيصل سلايطة
11-02-2025 03:29 PM
يحمّل الكثير من العرب اتفاقية أو معاهدة سايكس بيكو التي وقعت ما بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا و التي على اثرها تقسمت الاراضي العربية بين دول و نفوذ و توابع ، أثر التفرقة العربية ، و يحملونها وِزر أي صراع عربي_عربي ، لكن هل في الحقيقة كانت القبائل و المجتمعات العربية متقبّلة لبعضها البعض ، لكن "سايكس_بيكو" شقّت هذه المشاعر و رسمت هذه الحدود؟
دائما إن اردنا تقييم حالة أو حدث أو معضلة ما علينا مقارنة النتائج قُبيل و بعد وقوعها ، علينا أن نتبحّر في التاريخ لمعرفة السمة العامة للواقع العربي ، في هذا المقال يصعب جدا سرد و تحليل جميع النتائج ، لكن كما هو معلوم من الصعب جدا اثبات علاقات ايجابية" كلية" بين العرب ، فمثلا لو تناولنا التاريخ القبلي و العشائري في الخليج العربي ، سنرى أن اغلب الممالك و الامارات قبل مئة عام و اكثر كان يتم تداول الحكم بها بطريقة الانقلابات التي احيانا كثيرة ما انتهت بمجازر ، في المغرب العربي ايضا كانت تنحارات الاعراق العربية مع الامازيغ توقع قتلى ، و في العديد من الاقاليم العربية كانت خسائر المعارك تفوق تلك التي وقعت بين" العرب و الاجانب".
أما بعد سايكس و بيكو ، و لدراسة حالة الندم "واقعيا" فشلت جميع التحالفات بين الدول ، كتحالف مصر و سوريا و غيرها ، فشلت كل الجهود الرامية لتكوين دول عربية واحدة "الوحدة العربية" و باتت العروبة ضربا من العادات و التقاليد كمصلح يعبر عن رقعة جغرافية يتشارك بها الناس نفس اللغة و تقريبا ذات الدين و بعض الممارسات المتقاربة سلوكيا.
إلى اليوم لا زالت بعض المهاترات التي ترقى احيانا إلى اشتباكات موجودة ، ما بين المغرب و الجزائر "على قضية الصحراء المغربية " ، ما بين مصر و السودان ، الكويت للآن ينظر لها كجزء مفقود من العراق ، و لغرابة العقلية العربية ، من كرّس شق الصف العربي باحتلال الكويت" الرئيس صدام حسين" يحظى بشعبية لدى العرب ، عدا عن تسمية الاردن "جنوب سوريا " في نظر بعض السوريين ، و تماما بذات النظرة مع لبنان ، الصومال يتناحر بين دولة واحدة و صومالي لاند ، اليمن يتناحر بين شمال و جنوب ، و ليبيا تعيش اقتتالات داخلية دامية.
ما الغرض من المقال؟
الغرض هو اثبات أن الغرب مهما سعى لتشتيتنا يبقى الجزء الاكبر من المعضلة يمرّر و يتم و يطبّق بايدينا ، فإن استثنينا "قضية فلسطين" من فكرة سايكس بيكو كونها سلبية قبل و بعد ، نجد أنّها قد تكون ساعدت العرب على خلق دول و كيانات و حدود منضبطة، و أننا لو كنا في الحقيقة يدا واحدة قبلها لسعينا لمحو آثارها و ما ترتب عليها ، تماما كما سقط جدار برلين و كما ضمرت كل الاختلافات بين أمم تحاربت لعقود.
الفكرة ليست انبطاحا للغرب ، لكن علينا نفض غبار التاريخ العربي و اعادة القراءة من جديد ، علينا أن نحلل الاخطاء الكارثية التي حصلت ، علينا أن نتعلم من الماضي ، أن نذلّل العقبات ، أن نقرأ بالممنوع ، جميعنا كعرب نتفاخر بدولنا ، نتزّين بقلائد ترسم حدودنا من الذهب و الفضة و نتحدث عن الحلم العروبي و الوحدة العربية و جواز السفر الواحد ، لكن عند التطبيق...نصبح "الاخوة الاعداء"