facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المسؤولية الوطنية والقانونية للإعلام في حماية الأردن


د. أشرف الراعي
13-02-2025 11:37 AM

الواقع الإعلامي يحتاج إلى إعادة تنظيم وبناء. نحن بحاجة إلى إعادة صياغة المشهد لأن الإحباط من واقع الإعلام الأردني وصل ذروته؛ خصوصاً في ظل ما نعانيه اليوم؛ ففي ظل التغيرات الإقليمية العاصفة والتحديات الكبرى التي تواجه الأردن، يقف الإعلام أمام اختبار مصيري في قدرته على حماية الوطن ودعم مواقفه السيادية.

المرحلة الحالية لا تحتمل التردد أو الضبابية، خاصة في ظل محاولات فرض واقع جديد في المنطقة قد تكون له تبعات خطيرة على مستقبل الأردن وهويته الوطنية، ومع ذلك، لم يقم الإعلام المحلي - للأسف - بالدور المفترض منه في مواجهة هذه التحديات، تاركاً الساحة مفتوحة أمام منصات خارجية تروج لروايات مشوهة تخدم أجندات لا تتماشى مع المصالح الوطنية.

على مدار العقود الماضية، كان جلالة الملك عبد الله الثاني الصوت الأكثر وضوحاً في الدفاع عن الأردن وحقوق الشعب الفلسطيني، مؤكداً في كل محفل دولي وإقليمي أن حل القضية الفلسطينية ليس خياراً، وأن الأردن لن يكون بديلاً عن فلسطين، وهذه المواقف القوية والثابتة لم تأتِ كردود فعل آنية، بل هي نهج استراتيجي للدولة الأردنية قائم على عدم المساس بحقوق الفلسطينيين المشروعة، ودعم حل إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وفق قرارات الشرعية الدولية.

ورغم ذلك، لم يكن هناك دعم إعلامي محلي يوازي الجهد الدبلوماسي الكبير الذي يبذله الملك؛ حيث كان من المفترض أن يكون الإعلام الوطني في طليعة المواجهة، عبر نقل المواقف الرسمية بوضوح، وشرح أبعادها للرأي العام، والتصدي للإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تحاول التشكيك في النهج الأردني تجاه القضية الفلسطينية؛ فكيف يمكن أن نخوض هذه المعركة السياسية والدبلوماسية دون وجود إعلام وطني قوي يدعم توجهات الدولة ويفنّد الأكاذيب؟!

من الناحية القانونية، يُعتبر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات أحد الأدوات الأساسية التي تضمن للمواطنين والصحفيين الوصول إلى المعلومات الدقيقة، مما يسهم في محاربة الإشاعات وتعزيز الشفافية، غير أن المشكلة تثور في عدم تطبيقه بفعالية، حيث يواجه الصحفيون صعوبة في الوصول إلى البيانات الرسمية، مما يخلق فراغاً معلوماتياً خطيراً تستغله المنصات الرقمية ذات الأجندات المشبوهة، ومن هنا تأتي أهمية تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية كذلك.

غياب المعلومة الرسمية أو تأخرها يؤدي إلى تضليل الرأي العام وانتشار المعلومات غير الدقيقة، وهو أمر يمكن أن يشكل تهديداً للأمن الوطني، خصوصاً عندما تتلاعب جهات خارجية بالرأي العام عبر الأخبار المفبركة والتسريبات المشبوهة، وهنا يأتي دور الإعلام الوطني، الذي يجب أن يكون خط الدفاع الأول في مواجهة حملات التضليل، عبر تعزيز التغطية الاستقصائية، والتحليل العميق، والتواصل المستمر مع المواطنين لإبقائهم على دراية بما يجري، بدلاً من تركهم عرضة للمعلومات المغلوطة.

إن واجب الإعلام يتمثل في بناء الجبهة الداخلية وتعزيز الهوية الوطنية؛ فالإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو قوة استراتيجية في بناء الوعي الوطني وتعزيز اللحمة الداخلية في مواجهة الأزمات، واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج الأردن إلى إعلام قوي، واضح الرؤية، ملتزم بالمصلحة الوطنية، قادر على التصدي للهجمات الإعلامية الخارجية، ومؤهل لحماية الهوية الوطنية من التشويه أو الطمس.

إن الوقوف إلى جانب الأردن وجلالة الملك اليوم ليس خياراً بل واجب وطني؛ فليس هناك منطقة رمادية في معركة الحفاظ على السيادة الوطنية، بل موقف واضح وصريح: إما أن نكون مع الأردن أو أن نترك المجال لمن يريد النيل من استقراره ومستقبله،
وعلى الصحفيين والإعلاميين أن يدركوا أن مسؤوليتهم لا تتوقف عند نقل الأخبار، بل تمتد إلى توجيه الرأي العام، وفضح الحملات الإعلامية المضادة، وتحصين المواطنين ضد محاولات غسل الأدمغة التي تمارسها بعض الجهات الخارجية.

وهذا كله يستدعي تطوير إستراتيجية إعلامية وطنية ترتكز على تعزيز الشفافية عبر تسهيل الوصول إلى المعلومات الرسمية بطرق واضحة وسريعة، وإطلاق حملات توعية إعلامية تشرح الموقف الأردني تجاه القضايا المصيرية، مع مواجهة الإشاعات والتضليل الإعلامي بشكل احترافي يعتمد على الحقائق لا العواطف، فضلاً عن دعم الصحافة الاستقصائية لكشف الحقائق وإبراز الرواية الوطنية في مواجهة التزييف الإعلامي، وكذلك تعزيز الهوية الوطنية من خلال المحتوى الإعلامي الهادف.

الأردن، قادر على تجاوز كل التحديات، كما فعل عبر تاريخه الطويل، لكن هذه القدرة تتطلب وحدة الصف، ووضوح الرؤية، وتكاتف جميع القوى الفاعلة في المجتمع، وعلى رأسها الإعلام؛ إذ يجب أن يدرك الجميع أن حماية الأردن ليست مسؤولية القيادة وحدها، بل مسؤولية كل أردني حر، وأن الإعلام هو سلاح في هذه المعركة، إما أن يكون في صف الوطن، أو أن يترك الساحة لمن يعبث بالرأي العام ويهدد الأمن الوطني.

وهنا لقد حان الوقت لأن ينهض الإعلام الأردني بمسؤوليته الحقيقية، بعيداً عن الحسابات الضيقة والمصالح الفردية، لأن الأوطان لا تُحمى إلا بأبنائها، والكلمة الصادقة هي خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات، والأردن اليوم بحاجة إلى إعلام قوي، ملتزم، ومهني، ووطني.. إعلام يحترم عقول الناس، ويكون جزءاً من معركة الدفاع عن الوطن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :