الإستدارة نحو روسيا .. هل نشهد تحالفات جديدة.
م. مهند عباس حدادين
19-02-2025 10:49 PM
جاء ترمب إلى البيت الأبيض في خضم حروب عبثية وهي الحرب الروسية - الأوكرانية وحرب غزة إستنزفتا الإقتصاد العالمي بشكل عام بمديونية تخطت 320 ترليون دولار ،وكان نصيب الولايات المتحدة أكثر من 36 ترليون دولار،حيث إن الصين كانت بعيدة عن هذا الإستنزاف من خلال بعدها عن بؤر الصراع وكذلك عدم دعمها المباشر لأي طرف ،فكان القرار للرئيس ترمب إيقاف هذه الحروب.
لم يكن قرار ترمب هذا إلا ليصب في صالح الإقتصاد الأمريكي لأنه يريد تشكيل تحالفات جديدة ضد الصين المنافس المباشر لإقتصاد الولايات المتحدة والذي تنامى خلال حكم الرئيس السابق بايدن وتمدد من خلال مشروع الحزام والطريق ووصل إلى إفريقيا.
لقد كان التفكير بأن القاسم المشترك في التحالف الجديد والذي سيصنع الفارق لدى الولايات المتحدة هي روسيا لأنها تتربع على ثروات الطاقة والتكنولوجيا في العالم ،فمن يصادق روسيا سيتمكن من الحصول على هذه الثروات وبأسعار منافسة، حيث تأتي أوروبا كمنافس ثاني للولايات المتحدة بعد الصين.
لذلك أقدم ترمب على مخاطبة روسيا بدون أي تنسيق مع أوروبا لإيقاف الحرب الروسية-الأوكرانية ولإقتسام الثروات الأوكرانية والتي هي في المحصلة ستذهب جميعها للولايات المتحدة حيث أن السماح لروسيا بالإحتفاظ ب20%من مساحة أوكرانيا والتي تحتوي على 50% من العناصر النبيلة (النادرة) التي تدخل في صناعات الرقاقات الإلكترونية وكذلك العناصر الرئيسية للبطاريات الكهربائية، مما يجعلها تنافس الصين لا بل ستتفوق عليها إذا تم هذا المخطط، وهنا جاء إبعاد أي دور لأوروبا في أوكرانيا،والإبقاء على علاقات متوترة بين أوروبا وروسيا .
ولكي تقوم الولايات المتحدة بمنع مشروع الحزام والطريق الصيني كان لا بد من السيطرة على قناة بنما من خلال التهديدات الأخيرة وكذلك مضيق باب المندب من خلال الأساطيل الأمريكية المتواجده منذ حرب غزة، إضافة إلى إيقاف هذه الحرب، ومخطط التهجير لأهل غزة ونزعها من السلاح لضمان تنفيذ مشاريع إقتصادية وأهمها طريق التوابل ،فما تفكر به الولايات المتحدة الآن زعزعة مجموعة بريكس من خلال بناء علاقات إقتصادية قوية مع أهم حليفين روسيا والهند ،فالهند التي ستجعلها الولايات المتحدة المارد الذي سيقف أمام الصين للإطاحة بإقتصاده ولنقل الصناعات التكنولوجية الأمريكية اليها وأهمها مصنع للرقاقات الإلكترونية لتنافس الصناعات الصينية التي تصدرها الى أوروبا وإفريقيا وأمريكيا بإستخدام الطريق الجديد طريق التوابل.
والسؤال المطروح الآن هل ستبقى الصين متفرجة؟
الجواب إن الصين ستستغل ضبابية العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا لتقوي علاقتها مع أوروبا وقد تضم لها كل من كندا والمكسيك،بعد أن يتم تقويض بريكس من قبل الولايات المتحدة،والمرجح أن تبقى اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية في صف الولايات المتحدة.
اما بالنسبة للدول العربية وخصوصا الخليجية فتأثيرهم سيكون كبيرا على التحالفات الجديدة، بسبب الموقع الجيوسياسي خصوصا للطريق الجديد طريق التوابل، وبسبب إمتلاكهم للثروات النفطية والغازية ،حيث أن أي تحالف عالمي جديد لن ينجح بدونهم ،لذلك يجب أن يستغلوا هذا التأثير لحل القضية الفلسطينية بإقامة دولة للفلسطينيين داخل فلسطين، وبناء غزة وإسقاط مخطط التهجير ،فلن تمر أي صفقات عالمية دون إرضاء للدول العربية،فلا نريد أن تقدم الدول العربية خدماتها بالمجان لأي تحالف جديد،فما نشهده من وساطة سعودية بين روسيا والولايات المتحدة هو خير دليل على ذلك.