facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أين وصلنا في مكافحة المخدرات؟


د. أشرف الراعي
25-02-2025 10:37 AM

من اللافت أننا لم نعد نتحدث في وسائل إعلامنا عن الخطر الحقيقي الذي كان يتفاقم على حدودنا الشمالية من محاولات تهريب للمخدرات، ويبدو أن انهيار النظام السوري السابق أخذ معه كل المشكلات التي تتعلق بهذه الآفة في مجتمعنا، لكن بالطبع لا يمكن القول إن "هذه المشكلة قد انتهت من المجتمع الأردني"، وأن المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي باتت "خالية تماماً" من محاولات الترويج لهذه الآفة، لا سيما في ظل ما يعانيه شبابنا من تحديات متزايدة، وانتشار الفقر، والبطالة الذي يكبل نحو ربع الأردنيين.

مناسبة هذا المقال، أني كنت في حوار مع أحد الأصدقاء قبل أيام وهو الذي يعمل في مركز متخصص بالتوعية بمخاطر المخدرات، فكشف لي العديد من الحالات المأساوية نتيجة تفاقم سوء الحالة الصحية لبعض المدمنين، مما يشير إلى الخطر الكامن وراء هذه الآفة الخطيرة التي لا تحتاج فقط إلى تطبيق القانون بشكل صارم، وإنما إلى التوعية بخطورة التعاطي أو حتى التجربة من قبل الشباب الذين هم الفئة الأكبر التي تقع في براثن المخدرات والإدمان.

ففي ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها تعاطي المواد المخدرة على المجتمعات، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبني رؤية شاملة تجمع بين الوعي الصحي والاجتماعي وتطوير التشريعات في مواجهة هذه الآفة، ويكتسب هذا الموضوع أهمية خاصة في المجتمعات العربية، حيث تتزايد معدلات التعاطي بين الشباب والفئات الضعيفة، مما يتطلب استجابة متكاملة تعتمد على الأدلة وتستفيد من التجارب الدولية والإقليمية على حد سواء.

وبالطبع لا يعد تعاطي المخدرات مسألة تخص الفرد وحده، بل يمتد تأثيره إلى الأسر والنظم الصحية، مما يجعل من الضروري إدماج علاج الإدمان في إطار الخدمات الصحية في مختلف المستشفيات، كما أن العديد من المجتمعات ما تزال ترى الإدمان فشلاً أخلاقياً أو اختياراً شخصياً مما يفاقم معاناة المدمنين، ولكن وفي ظل التقدم الذي أحرزناه على بعض الأصعدة في هذا السياق، بات من الواضح أن مكافحة المخدرات تتطلب استراتيجيات متكاملة تجمع بين الجانب الأمني والصحي والاجتماعي، ولا يمكن الاكتفاء بالتدابير العقابية وحدها.

وهنا لا بد وأن نشير إلى أن التجارب الدولية، ومن بينها ما ورد في تقارير منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمخدرات والجريمة، تؤكد أن نموذج الوقاية الشاملة—الذي يبدأ بالتوعية المبكرة ويمتد إلى التدخلات العلاجية المدعومة بالأبحاث العلمية—يعد الأساس في مواجهة هذه الآفة، وبالتالي فإن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية لتتبع الجرائم الإلكترونية المتعلقة بتسويق المخدرات يلعب دوراً محورياً في ردع شبكات التهريب المتطورة، والتي قد تكون خارج المملكة.

ومن جهة أخرى، لا يمكن إغفال التأثير الكبير للعوامل الاجتماعية والاقتصادية على انتشار التعاطي، خاصة بين الشباب والفئات الأكثر هشاشة؛ فالنقص في الفرص الاقتصادية والتهميش الاجتماعي – كما أشرنا - يشكلان بيئة خصبة لانجذاب الأفراد نحو المخدرات، وهو ما يستدعي تضافر جهود المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني لتقديم الدعم التنموي والاجتماعي؛ حيث أثبتت منظمة الصحة العالمية أهمية دمج خدمات علاج الإدمان ضمن النظام الصحي الوطني، وتبني برامج إعادة التأهيل التي تعتمد على الأسس العلمية الحديثة في العلاج النفسي والسلوكي، وهو أمر وإن كان مطبقاً في المملكة إلا أننا يجب أن ننظر إليه بشموليته.

وفي ضوء ما تقدم، يظهر أن الطريق نحو مجتمع خالٍ من المخدرات يستلزم تعاوناً وثيقاً بين الجهات المعنية على كافة الأصعدة؛ إذ يجب أن يكون هناك تنسيق محكم بين الجهات الأمنية والصحية والتعليمية لضمان استمرارية حملات التوعية والوقاية، إضافة إلى اعتماد سياسات علاجية تراعي خصوصيات كل فئة مستهدفة، وهذا التعاون ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية إذا ما سعينا إلى حماية أجيال المستقبل من الآثار المدمرة لهذه الآفة.

إن مكافحة المخدرات ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي جهد جماعي يتطلب رؤية شاملة واستراتيجيات مستندة إلى الأدلة والتجارب الدولية والإقليمية الناجحة، ومع استمرار تكاتف الدولة والمجتمع، يمكننا أن نخطو خطوات حقيقية نحو مستقبل أفضل يخلو من معاناة الإدمان وآثاره المدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع... حمى الله شبابنا ووطننا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :