تصادف اليوم الأول من آذار الذكرى التاسعة بعد الستين لتعريب قيادة الجيش الأردني (الجيش العربي المصطفوي) كما كان صاحب القرار التاريخي المغفور له الملك الحسين بن طلال يطلق عليه، ونستذكر معًا كيف كان قرارًا صائبًا شكل بداية الانطلاقة القوية للجيش العربي على وحي من رسالة الثورة العربية الكبرى ونبل رسالتها، وعلى قاعدة من العلم والمعرفة، ومنذ ذلك التاريخ أطلق الحسين العنان لنهضة وتطور القوات المسلحة واتسعت المساحات أمام كافة تشكيلات الجيش وأبنائه الأردنيون الأشراف لبناء مؤسستهم العسكرية التي صارت مثالًا يحتذى ونبراسًا لكل العرب بما حققته وما زالت تحققه حتى اليوم من مكانة وسمعة عربية وعالمية مرموقة على كافة المستويات وفي جميع المهمات التي أوكلت إليه والتي تقدمتها مهمة الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية وطليعتها فلسطين جملة وتفصيلا.
لقد أدرك الحسين بن طلال بحسه القومي وبعد نظره إن تقدم الجيش مرهون بأن تكون قيادته أردنية فكان همّه وشغله الشاغل ومنذ تسلم سلطاته الدستورية أن يستبدل القيادة الأجنبية بقيادة عربية وهكذا فعل، وبدأت مرحلة أخرى مشرفة في تاريخ الجيش الذي أولاه الحسين جُل اهتمامه خاصة فيما تعلق بجوانب تحديثه وتطويره وفق أفضل المعايير الدولية للجيوش المتقدمة، وعلى ذلك كان قرار الحسين بمثابة حجر الأساس لتولي مسؤولية القيادة العسكرية لضباط أردنيين مخلصين وصادقين في ولائهم وانتمائهم للعرش الهاشمي.
اليوم يواصل الجيش العربي الأردني دوره ورسالته بإباء وعزّة وشموخ، ولقد حُقّ له أن يكون محط فخر ودعم جلالة الملك عبداله الثاني الذي يصف الجيش في رسالته إلى رئيس هيئة الأركان اللواء الركن يوسف الحنيطي بقوله «قرة عيننا ومصدر فخارنا ومحط تقديرنا وثقتنا»، وهكذا نقرأ فحوى الرؤية الملكية التي أرادت للجيش والقوات المسلحة أن تبقى كما كانت على الدوام وأن تلازمها صفة التطور والتحديث بالأجهزة والمعدات والموارد البشرية ولا يقبل القائد الرائد للمؤسسة العسكرية إلا أن تكون في طليعة المؤسسات المناطة بالرعاية والعناية إذ لا ?فوقها مؤسسة بحجم وطبيعة الدور والمهام والمسؤوليات التي تقوم بها في حفظ أمن واستقرار وسيادة المملكة الأردنية الهاشمية وهي التي أثبتت جدواها وكفاءتها وجاهزية منسوبيها ضباطًا وضباط صف وأفراد في كافة المواقع والمواقف التي تعرض لها بلدنا والتي زادت في السنوات الأخيرة إثر تداعيات الربيع العربي فكان الجيش بالمرصاد يحمي الحمى ويرفع معنويات الناس بأن الوطن الذي يقود أبو الحسين بخير وأمان.
لا يخفى على أي متتبع للأمر حجم التطور الكبير الذي شهدته القوات المسلحة الأردنية بكافة تشكيلاتها ووحداتها، حيث أولاها جلالة الملك عبد الله الثاني ومنذ اليوم الأول لتسلمه سلطاته الدستورية جُل عنايته وحرصه على تحديثها لتبقى درع الوطن وحصنه الأمين وليبقى الجيش العربي المصطفوي رهن إشارة أي دولة عربية شقيقة تنوبها نائبة أو دولة صديقة تنشد السلام وسط خضم متلاطم من النزاعات والاقتتال الداخلي، وقد تُرجم ذلك على أرض الواقع حين أثنت قيادات جيوش عالمية على ما يتمتع به الضابط والجندي الأردني من خبرة وكفاءة ومقدرة على القيام بالمسؤوليات التي تقتضيها طبيعة المهمة التي يشارك بها في كل مكان من العالم الفسيح.