facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطاب تاريخي .. الملك يحدد المسار


د. مثقال القرالة
05-03-2025 02:30 AM

في خطابه خلال القمة العربية الطارئة التي عُقدت لمناقشة التطورات الخطيرة في فلسطين، أظهر الملك عبدالله الثاني مرة أخرى حنكته السياسية وقدرته الفريدة على توجيه الموقف العربي والدولي نحو أبعاد أكثر فاعلية وتأثيراً. لم يكن الخطاب مجرد استنكار دبلوماسي تقليدي، بل كان بياناً استراتيجياً حمل أبعاداً سياسية وأمنية تعكس فهماً عميقاً لتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي. حيث أدرك الملك بحنكته أن القضية الفلسطينية لم تعد مجرد نزاع سياسي، بل باتت عنصراً رئيسياً في صياغة التوازنات الإقليمية، ولهذا جاء خطابه واضحاً في رفضه القاطع لأي محاولة لفرض واقع جديد على الفلسطينيين، سواء عبر التهجير أو من خلال الاعتداءات المستمرة التي تهدف إلى كسر إرادتهم. بلهجة حازمة، أكد أن الأردن، بحكم موقعه الجغرافي والتاريخي، لن يسمح بأي تغيير ديموغرافي أو محاولات لفرض حلول أحادية الجانب لا تحقق العدالة للفلسطينيين. إن هذا الموقف لا يعبر فقط عن التزام أخلاقي تجاه فلسطين، بل يعكس أيضاً وعياً سياسياً بمخاطر أي محاولة لإعادة رسم خريطة المنطقة على حساب حقوق الفلسطينيين، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات أمنية خطيرة.

لم يكن حديثه عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مجرد تأكيد لموقف تاريخي، بل كان رسالة سياسية موجهة بذكاء إلى أطراف عدة، سواء في الداخل الفلسطيني أو على المستوى الدولي. فالملك، الذي يدرك أن السيطرة على القدس تمثل أحد أهم أبعاد الصراع، أراد أن يضع العالم أمام مسؤوليته في الحفاظ على الوضع القانوني القائم، محذراً من أن أي عبث بهذا الملف قد يؤدي إلى تفجير الأوضاع ليس فقط في فلسطين، بل في المنطقة بأسرها. هذه الرسالة لم تكن مجرد تعبير عن موقف مبدئي، بل كانت أيضاً خطوة دبلوماسية محسوبة للحفاظ على دور الأردن كلاعب رئيسي في أي تسوية مستقبلية. كما اتسم الخطاب بقدرة كبيرة على تحقيق التوازن بين التصعيد الدبلوماسي والدعوة إلى الحلول السلمية. فمن جهة، كان حازماً في انتقاد ازدواجية المعايير الدولية، مؤكداً أن الصمت على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين يعكس فشلاً أخلاقياً وسياسياً للمجتمع الدولي، لكنه في الوقت ذاته لم يغلق الباب أمام الحلول الدبلوماسية، بل شدد على أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام يكمن في حل الدولتين، الذي يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، ويحفظ في الوقت ذاته الاستقرار الإقليمي. هذا التوازن يعكس نضجاً سياسياً ووعياً دقيقاً بمخاطر الخطاب المتطرف الذي قد يؤدي إلى عزل الموقف العربي بدلاً من تقويته.

على المستوى الأمني، أظهر الملك فهماً استراتيجيًا لأبعاد الصراع، محذراً من أن استمرار العدوان الإسرائيلي قد يشعل المنطقة بأكملها. كان هذا التحذير رسالة موجهة إلى القوى الكبرى بأن التغاضي عن الجرائم في فلسطين لن يؤدي إلى استقرار، بل سيؤدي إلى تداعيات قد تكون خارج السيطرة. وهذا يعكس بُعد نظر سياسياً، حيث إن الحديث عن تداعيات الصراع لم يكن مجرد توقع نظري، بل استند إلى قراءة دقيقة للواقع الإقليمي، حيث تتزايد احتمالات التصعيد في أكثر من جبهة، من لبنان إلى سوريا، ومن غزة إلى الضفة الغربية.

يبرز الملك عبدالله الثاني مرة أخرى كقائد يمتلك قدرة استثنائية على المناورة السياسية، حيث استطاع أن يوجه رسائل متعددة إلى أطراف مختلفة دون أن يفقد صلابة موقفه. لم يكن خطابه مجرد دفاع عن فلسطين، بل كان أيضاً تأكيداً على دور الأردن كلاعب محوري في القضايا الإقليمية، وهو ما يعزز موقعه السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية. إن هذه الحنكة السياسية، التي تجمع بين الوضوح في الموقف والمرونة في الخطاب، هي ما يجعل الملك عبدالله الثاني أحد أكثر القادة تأثيراً في الملفات الحساسة التي تحدد مستقبل المنطقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :