facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من بين الرماد… تنهض المدن!


أ. د. هاني الضمور
28-03-2025 11:34 PM

في أكثر اللحظات ظلمة في حياة الشعوب، يولد الضوء. وبينما تبدو الصورة قاتمة أحيانًا، فإن في قلب كل أزمة فرصة، وفي كل انهيار بداية جديدة. يحكي التاريخ أن الإمبراطور نيرون عزف على الكمان بينما كانت روما تحترق. وقد أصبحت تلك القصة رمزًا للعبث واللامبالاة. لكن ماذا لو كان في المدينة من رفض العزف، ومن بدأ يحمل الماء بيد، والحلم باليد الأخرى؟

روما أُحرقت، نعم، لكنها لم تمت. عادت، وبُنيت من جديد، وأصبحت لاحقًا مركزًا لحضارة عظيمة.

وهكذا هي الشعوب… لا تموت، بل تمرض ثم تتعافى. تسقط، لكنها تعرف كيف تنهض. في عالمنا العربي، يكثر الحديث عن التراجع والانحدار، وكأننا نعيش على حافة النهاية. لكن الحقيقة الأعمق أن الوعي يولد من رحم الألم، وأن التحول يبدأ حين نبدأ برؤية ما نحن عليه بصدق.

نعم، نعيش اليوم وسط ضجيج رقمي يستهلك الكثير من وقتنا وطاقتنا، ونتعرض يوميًا لفيض من الترفيه السطحي والجدالات الفارغة. لكن في المقابل، هناك جيل جديد بدأ يطرح الأسئلة الصحيحة: لماذا نحن هنا؟ ما دورنا؟ ما الذي يمكننا تغييره؟

جيل يتعلّم من أخطاء من سبقوه، لا ليكررها، بل ليعيد صياغة الحكاية.

مئات المبادرات الشبابية تنشأ يوميًا في العالم العربي، مشاريع صغيرة تتحول إلى قصص نجاح، أفكار مبتكرة تخرج من قاعات جامعاتنا ومراكزنا البحثية، وأصوات جديدة تُطالب بالعدالة، والتعليم الحقيقي، والإصلاح من الداخل.

هذا الجيل لا يعزف على الكمان، بل يحمل الأدوات لبناء مدينة جديدة.
يرى في التكنولوجيا وسيلة للتغيير لا للهروب، ويبحث عن المعنى وسط الضوضاء.
هو جيل لا يريد أن يكون مجرد متفرج على مشهد الانهيار، بل فاعلًا في مشهد النهوض.

صحيح أننا نعيش تحديات معقدة – من بطالة، إلى فساد، إلى إحباط متراكم – لكن هذا لم يمنع أن هناك من يعمل في صمت، ويزرع في أرض تبدو قاحلة.
ومثلما لا يرى الفلاح النبتة فور غرس البذور، فإن التغيير لا يُرى بسرعة، لكنه يبدأ في العمق، في الثقافة، في التعليم، في الوعي الجماعي.

وربما هذا هو التحول الحقيقي:
أن ننتقل من لوم الماضي إلى صناعة المستقبل، من الاكتفاء بالحلم إلى اتخاذ الخطوات، ومن البكاء على المدينة المحترقة إلى رسم معالم مدينة لا تحترق.

مدننا تستحق النهوض، وشعوبنا قادرة على إعادة البناء، بشرط أن نكسر صمت العزف، ونبدأ العمل.

ولأننا نؤمن أن التاريخ لا يُكتب إلا بأيدي من يرفضون أن يكونوا ضحاياه، فإننا –رغم كل شيء– متفائلون.
فكما تنهض العنقاء من بين الرماد، تنهض الأمم من كل سقوط.
وما دمنا نملك الحلم، والنية، والإرادة… فالمدينة القادمة لن تحترق، بل ستضيء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :