facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يصبح البيت عبئًا والاستملاك تهديدًا


أ. د. هاني الضمور
14-04-2025 01:33 PM

ما زال مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي الجديد لعام 2025 قيد النقاش في مجلس النواب الأردني، بعد أن تم إقراره في مجلس الوزراء قبل أسابيع، وسط حالة من الجدل المتصاعد والتساؤلات الكبرى حول الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذا التحول في فلسفة العلاقة بين الدولة والمواطن.

الحكومة تسوّق القانون باعتباره خطوة إصلاحية تهدف إلى تحديث آليات التقدير والتحصيل، اعتمادًا على أتمتة المعادلات وتوحيد المعايير. لكن التجربة المبكرة التي لمسها بعض المواطنين من خلال التقديرات الأولية، تشير إلى نتائج مقلقة، أبرزها تضاعف قيمة الضريبة المفروضة على الشقق السكنية والمصانع والأراضي، في مشهد لا يعكس فقط خللًا تقنيًا في المعادلة، بل قصورًا في فهم الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

المفارقة أن القانون يقدّم نفسه كأداة للعدالة، لكنه في التطبيق، يُخضع الجميع – الغني والفقير، المتقاعد والمستثمر، ساكن البيت ومالكه الغائب – إلى ذات الصيغة الحسابية. النتيجة أن الضريبة، بدل أن تكون أداة لإعادة التوازن، أصبحت عبئًا يهدد استقرار العائلة المتوسطة، ويجعل من المسكن عبئًا لا يُحتمل، ومن الملكية مصدر قلق دائم.

في ظل فجوة متزايدة بين الدخل والتكاليف، فإن رفع الضريبة على العقار – دون تدرج، ودون مراعاة لظروف المكلّفين – يعزز شعور المواطن بأن الدولة تراه رقمًا في قاعدة بيانات، لا فردًا في مجتمع يئن من ارتفاع الأسعار وضعف الخدمات. وهذا الانفصال بين القانون والمجتمع يفتح الباب لتداعيات أبعد من المال: فتراجع الثقة، وتنامي الهواجس، واتساع فجوة التمثيل السياسي، كلها نتائج طبيعية حين يشعر المواطن بأن ملكيته مهددة لا بحكم قضائي، بل بفاتورة ضريبة متضخمة.

الجانب الاستثماري ليس بمنأى عن هذه التداعيات. فالمستثمرون الصغار والمتوسطون بدأوا بالفعل في مراجعة حساباتهم، والتفكير في نقل أنشطتهم إلى بيئات ضريبية أكثر استقرارًا. كما أن القطاع العقاري، الذي كان أحد آخر ملاذات الطبقة الوسطى، بات يتحول تدريجيًا إلى عبء، ويفقد جاذبيته وجدواه.

في المقابل، لا يزال أمام مجلس النواب فرصة لتصحيح المسار. المشروع لم يُقرّ نهائيًا بعد، والمطلوب ليس إسقاطه بل إعادة توازنه، ووضع ضوابط واقعية تضمن أن لا تتحول المعادلة المحوسبة إلى أداة عقابية. فلا ضريبة يجب أن تهدد السكن، ولا قانون ينبغي أن يصدر بمعزل عن نبض الشارع.

إن العدالة الضريبية لا تُقاس فقط بالمعادلات، بل بقدرتها على التفاعل مع واقع الناس. وحين يفقد القانون مرونته، يفقد أيضًا جزءًا من شرعيته. البيت لا يجب أن يكون عبئًا. والمِلك لا ينبغي أن يكون تهديدًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :