الأمن الوطني الأردني: غاية وإرادة
د. عدنان متروك شديفات
18-04-2025 11:28 AM
الأمن ليس مجرد غاية، بل هو أساسٌ تبنى عليه الأوطان، ومظلة تظلّ كل ما تحتها من استقرار، وازدهار، وتقدم ، وفي الأردن، لم يكن الأمن الوطني شعاراً نظرياً، بل أصبح إرادة متجذّرة في وجدان القيادة، ومبدأً راسخًا في عقل الدولة، ونهجًا تتوارثه الأجيال.
لقد أدركت القيادة الهاشمية، وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، أن الأمن لا يتحقق إلا حين تلتقي الحكمة السياسية بالإرادة الشعبية، وحين يشتبك الوعي الوطني مع مسؤولية الجميع، مؤسسات وأفراد فإن الأمن الوطني في الأردن لم يكن محصوراً في حدود المؤسسة الأمنية والعسكرية فحسب، بل كان مشروعاً وطنياً شاملاً تتشارك فيه كافة مكونات الدولة.
ويستند الأمن الوطني الأردني إلى مجموعة من الركائز الاستراتيجية، القيادة الواعية التي وضعت مصلحة المواطن أولاً، وحمت الوطن من أهوال الإقليم وتقلباته، بسياسة متوازنة ومواقف ثابتة لا تفرّط بالثوابت ولا تساوم على السيادة ، إضافةً إلى دور القوات المسلحة والأجهزة الأمنيةالتي كانت وما تزال الحصن المنيع، والسند الأمين، وسياج الوطن المتين. فهي عيون ساهرة، وقلوب لا تنام، تبذل دون تردد، وتقدم دون انتظار مقابل، ونزيد هنا بأن الوعي المجتمعي له دور كبير فالأمن لا يُصان بالقوة فقط، بل بالوعي والإدراك والانتماء الحقيقي، وهذا ما أثبته الشعب الأردني في كل موقف ومنعطف ولأن الوحدة الوطنية شكلت درعاً صلباً في وجه كل محاولات الفتنة والعبث، وكانت دائماً عنواناً للأردن بين الدول في العالم ككل وعلى مستوى الإقليم تحديداً.
ولأن كل أردني في مصنع القرار وخارجه هو شريك رئيسي ومهم في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتي لا تنفصل عن العدالة، وإذا ما تحدثنا عن أردن وسط التحديات وكيف صنع نماذج أكثر قوة وصلابة في إقليم مضطرب، محاط بالأزمات والصراعات، فقد استطاع أن يبني نموذجاً فريداً في الأمن الوطني، كدولة ذات موارد محدودة، لكنها أغنتها بالثقة، وجعلت من العزيمة بديلاً عن الثروة، فقد واجه الأردن تحديات اللجوء، الإرهاب، الضغوط الاقتصادية، والتدخلات الإقليمية، لكنه خرج دائمًا أكثر قوة وتماسكاً، لأنه استثمر في الإنسان، وراهن على وعيه، وربى في أجياله أن الوطن لا يُصان إلا بالحب للقيادة والأجهزة الأمنية وقواته المسلحة الساهر على نعمة أمانه بالإرادة والتضحية.
ختاماً فالأمن الوطني الأردني ليس حالة طارئة، ولا رد فعل لمتغيراتٍ عابرة، بل هو مشروع متكامل يُبنى كل يوم، بإرادة القيادة، وولاء الشعب، وكفاءة المؤسسات.
وإننا اليوم، ونحن نعيش في ظل هذا الأمن، يجب أن نكون على قدر المسؤولية في صونه، لا بالكلام فقط، بل بالفعل والفكر، فكلنا جنود لهذا الوطن، كلُ في موقعه، كُل بحسب دوره.
فليحفظ الله الأردن، وليدُم أمنه واستقراره، وليبقَ كما كان دومًا... وطناً شامخاً ، وآمناً، ومضيئاً وسط الظلمة من حوله .