لا شيء واضح من دعوة حماس للدولة الاردنية للافراج الفوري عن الارهابيين المتورطين إلّا انخراط حماس في هذه العملية ، فما تعيشه من توتر هستيري انعكس على تعدّيها على السيادة الاردنية ، يلخّص عدم قدرتها على كبح جماح كرة الثلج المتدحرجة و السقوط المدوّي لكل من يغذّيها ، حماس التي تعاني تضخّما و تعيش دورا اكبر منها ، نسيت أنّها لا تملك من شيء سوى اسمها و بعض البزّات العسكرية التي تختفي عند القتال و تُلبس وقت الهدنة.
بيان حماس يؤكد بما لا يحتمل الشك تغذيتها لعمليات تستهدف الامن الاردني و السلم المجتمعي في محاولة منها لاستنساخ تجارب سابقة قاسية و مؤلمة ، فبدخولها على خط المواجهة ما بين الدولة و جماعة الاخوان التي تعرّت تماما و كُشفت خيوطها جميعا ، تساهم اكثر و اكثر في خلق الفتن و شحن الانقسامات ، و تدفع الدولة نحو عمليات جراحية استئصالية باتت ضرورية.
مشكلة حماس التي تضخمت اعلاميا بالتوازي مع انهيارها و نبذها و تلاشيها داخليا سوى من بعض الاستعراضات أنّها تريد اشراك الجميع في طوفانها ، تريد مثلا من الاردن و مصر دفع الفاتورة و تحمّل ما فعلته ، متناسية أنّ السابع من اكتوبر و بالرغم من كونه عملية قد يكون لها بساط شرعي مقاوم ، إلّا أنها تبقى ارادة حمساوية خالصة بلا استشارة أو تنسيق.
تبنّي حماس و دفاعها عن كل ما يعاكس التوجّه الاردني و يقوّض السلم الوطني و الاستقرار يعكس صداما خفيا لا يعلن من قبلها أو يعكّر هالتها المقاومة المقدسة ، فهي لا تعادي الاشقاء في مصر و الاردن علنا سوى بعض الافعال الارهابية ضد مصر ابان ثورتها ضد مبارك لكي تحافظ على قدستيها امام الشعوب ، لكن من تحت الطاولة تتبنى ما يمكنه قلب الطاولة في تلك الدول.
فمثلا لم تصدر حماس بيانا استناكريا ضد ايران و نقاشها الحميم مع واشنطن و الذي قد تكون حماس أو القضية برمّتها كبش فداء أو ورقة ضغط لا أكثر ، لم تصدر أيضا بيانا استنكاريا ضد تركيا و تزويدها لاسرائيل بالاسلحة ، لكنها تقحم نفسها عنوة في المشهد الأردني الداخلي و التي هي كفصيل مسلّح لا تستطيع النقاش بعدما فعلت ضد أهل غزة بعد انقلابها على السلطة ما لا يمكن للعقل البشري تصوّره...فأين الحكمة التي تطالب بها؟
حماس لا تتحرّك وحدها ، فهي غالبا ما تتغذى اعلاميا و ماليا و عسكريا من ايران و دول تسعى لنشر الخراب عبر مؤسسات اعلامية تجعل من قتال الشوارع حروبا مقدسة ، فما تفعله حماس لا يصب إلا في مصلحة ايران و رفع قدرتها على التغلغل في الاردن...آخر بلدان الشام الصامدة في وجه الهلال الايراني...
لذلك رسالتنا لحماس ، عودي إلى حجمك أو ما بقي منه ، فالاردن لم يُنازل الفصائل يوما ، و لا يتلقى الأوامر سوى من ملكه ، و لا تأخذك الظنون ببعض هتافات " كل الأردن حمساوية" فهي لا تتعدّى كونها قرقعة في فنجان...فالأردن هاشمية ، كانت و ما زالت و ستبقى.