facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العِناد الإيجابي: بين الإصرار البنّاء والتصلّب المعطّل


لانا ارناؤوط
23-04-2025 09:52 PM

العِناد كلمة كثيرًا ما ترتبط في أذهاننا بالرفض والمشاكسة ورفض الرأي الآخر لكنها تحمل في طياتها وجهاً آخر يستحق التأمل وهو العناد الإيجابي الذي يشكّل في بعض الأحيان جوهر القوة النفسية الكامنة خلف الإنجاز والاستمرارية والإبداع.

ففي علم النفس الإيجابي يُنظر إلى بعض السمات الشخصية مثل الإصرار والمثابرة على أنها من العناصر الأساسية للنجاح وقد ظهرت دراسات عدّة أبرزها عمل الباحثة أنجيلا داكوورث التي عرّفت مفهوم "العزيمة طويلة الأمد" أو على أنه عامل أقوى من الذكاء أو المهارات الأكاديمية في التنبؤ بالنجاح الطويل الأمد هذا النوع من الإصرار قد يكون في جوهره عنادًا إيجابيًا يدفع الإنسان إلى مواصلة طريقه رغم الفشل أو المثبطات الخارجية لأنه يؤمن بهدفه ويعرف ما يريد ويثابر عليه بثقة وهدوء.

العناد الإيجابي ليس مقاومة عمياء، بل هو مرونة معزّزة بالإيمان الداخلي برؤية واضحة إنه قدرة على قول "لا" لما يشتّت الطريق و"نعم" لما يخدم الهدف، حتى لو كان غير مريح في لحظته إنه صمود في وجه العاصفة دون الانجراف خلف التهوين أو التضخيم.

لكن العناد بطبيعته سلاح ذو حدّين إذ يمكن أن يتحول بسهولة إلى عناد سلبي حين يفقد صاحبه القدرة على الاستماع أو المراجعة أو التراجع عند الحاجة فالعناد عندما ينفصل عن التعقل والتقييم الواقعي يصبح نوعًا من المكابرة التي تعيق التطور وتغلق الأبواب في وجه الحوار وتحوّل صاحبه إلى سجين لرأيه بدل أن يكون طليقًا في رحاب الفهم والتطور.

الفرق بين العناد الإيجابي والسلبي يكمن في مدى مرونته وفي استعداده للاستفادة من الملاحظات وفي ارتباطه بالقيم العليا لا بالأنانية أو الرغبة في الانتصار على الآخر فقط من يتمتع بعناد إيجابي يكون قادرًا على التعلّم من الأخطاء دون أن ينهار ويعدّل طريقه دون أن يشعر بالفشل، بل يراه خطوة في سبيل نضوجه.

وفي ثقافتنا العربية كثيرًا ما وُصف العنيد بأنه متعب أو صعب لكن الحقيقة أن العنيد إذا امتلك الوعي الكافي يمكن أن يكون قائدًا لحركة تغيير أو مؤسسًا لمشروع حياة عناده يصبح أداة للثبات لا للحصار ومنارة للتقدّم لا حاجزًا للتعطيل.

في زمن التحولات المتسارعة وتعدد الخيارات نحن بحاجة إلى تمجيد هذا النوع من العناد الذي لا يستسلم بسهولة ولا يغيّر قناعاته مع كل موجة لكنه في الوقت نفسه لا ينغلق على نفسه ولا يرفض التغيير لمجرد أنه جديد.

لعلّ التوازن هو جوهر الحكاية أن نتمسك بحلمنا بإصرار من يعرف قيمته لا بعناد من لا يعرف غير رأيه أن نصغي ونحن ثابتون ونمضي ونحن متأمّلون أن نعرف متى نصر ومتى ننسحب ومتى يكون العناد شجاعة ومتى يكون هروبًا من الحقيقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :