تحليل الحساسية: أداة استراتيجية لتعزيز دقة اتخاذ القرار
لانا ارناؤوط
27-04-2025 10:11 AM
تحليل الحساسية يمثل ركيزة أساسية في دعم عمليات اتخاذ القرار لما له من دور حيوي في تحديد العوامل الأكثر تأثيرًا على النتائج فالقرارات عادة ما تعتمد على بيانات وتقديرات قد يشوبها عدم التأكد ولهذا فإن اختبار مدى حساسية النتائج لتغير هذه البيانات يعد خطوة ضرورية لضمان أن القرار مبني على أسس راسخة
ينطلق تحليل الحساسية من التساؤل الجوهري المتعلق بمدى صحة تحديد المشكلة الأصلية إذ أن معالجة مشكلة غير صحيحة أو استخدام سياق قرار غير مناسب قد يؤدي إلى الوقوع في خطأ يعرف بخطأ النوع الثالث وهو خطأ لا يتمثل في خطأ في الحساب أو التقدير بل في اختيار المشكلة الخطأ للحل مما يجعل نتائج القرار غير ذات صلة بالهدف الحقيقي المطلوب تحقيقه
لذلك يشدد تحليل الحساسية على أهمية إعادة النظر المستمرة في طبيعة المشكلة المطروحة وتقييم مدى دقة تحديد سياق القرار كما يسهم في كشف مدى تأثر النتيجة بتغيرات بسيطة في كل متغير مما يساعد صناع القرار على إدراك أي المتغيرات يستحق التركيز الأكبر وأيها يمكن التعامل معه بمرونة
يتطلب إجراء تحليل الحساسية تحديد مجموعة من المتغيرات الأساسية مع افتراض قيم مختلفة لها ثم قياس أثر هذه القيم على النتيجة النهائية حيث يتم أولًا اختبار تأثير تغير كل متغير على حدة مع تثبيت بقية المتغيرات عند قيمها الأساسية وهذا ما يعرف بتحليل الحساسية الأحادي ثم يمكن توسيع التحليل ليشمل تأثير تغير متغيرين أو أكثر في الوقت ذاته مما يقدم تصورًا أكثر شمولية حول طبيعة العلاقات المتبادلة بين المتغيرات المختلفة
يعد رسم المخططات البيانية مثل مخطط العنكبوت والمخطط التورنيدي من الوسائل الفعالة لتوضيح نتائج تحليل الحساسية إذ تساهم هذه المخططات في توضيح مدى حساسية النتيجة لكل متغير بطريقة بصرية تسهل على صانع القرار استيعاب التعقيدات المرتبطة بالموقف المدروس
تحليل الحساسية لا يقف عند حدود اختبار المدخلات فحسب، بل يتجاوز ذلك ليكون أداة استراتيجية تدفع إلى التفكير النقدي في البدائل المختلفة وإعادة تقييم الافتراضات الأساسية مما يجعل عملية اتخاذ القرار أكثر قوة وصلابة أمام حالات عدم التيقن المتغيرة باستمرار
من هنا تظهر القيمة الحقيقية لتحليل الحساسية كأداة داعمة لاتخاذ القرارات المدروسة حيث يساهم في تحسين موثوقية التوقعات المستقبلية ويوجه متخذ القرار نحو تبني استراتيجيات أكثر ملاءمة ومرونة لمواجهة مختلف السيناريوهات المحتملة